ثوبي تاريخي.. حملة للحفاظ على الثوب الفلسطيني والتعريف به

فلسطين-رام الله-عزيزة نوفل- لنا حجازي صاحبة مبادرة يوم الزي الفلسطيني- الصورة من صاحبتها للأستعمال التقرير
لنا حجازي: تسجيل التطريز فلسطينيا هو بداية طويلة للحفاظ على الثوب الفلسطيني وما يحمله من قيمة وطنية (الجزيرة)

رام الله- "يما، بطلب منكم تتمسكوا بكل مكونات الوطن ومنها الثوب، البسوا أثوابكم وتفاعلوا مع حملة ثوبي تاريخي وهويتي على تلفزيون فلسطيني من خلال منصاتكم وصفحاتكم على وسائل التواصل الاجتماعي"، بهذه الكلمات البسيطة شاركت الفنانة الأردنية جولييت عواد بحملة #ثوبي_تاريخي.

مشاركة عواد كانت جزءا من مشاركة واسعة لمؤثرات وفنانات على مواقع التواصل الاجتماعي اللواتي تفاعلن مع هذه الحملة بنشر صورهن ومقاطع فيديو لهن، مرتديات الأثواب الفلسطينية من مختلف مناطق فلسطين التاريخية والعالم.

وأطلق تلفزيون "فلسطيني" -وهو قناة ومجموعة منصات رقمية فنية تضع التعريف بفلسطين وتراثها هدفا لها- ردا على محاولة إسرائيل سرقة الثوب الفلسطيني بأن نسبته إليها، كما تقول منسقة الحملة سمية سوقي للجزيرة نت؛ وكان آخر هذه المحاولات، عندما ظهرت المشاركات بمسابقة ملكات الجمال التي أقيمت في إسرائيل ديسمبر/كانون الأول الماضي، مرتديات الثوب الفلسطيني في أثناء إعدادهن أطباقا فلسطينية تقليدية، مع ادعاء أن هذا الزي جزء من تراث الاحتلال.

وهذه الحملة -كما تقول سوقي- موجهة للنساء الفلسطينيات والعربيات بشكل عام، لارتداء الأثواب الفلسطينية ومشاركتها على مواقع التواصل الاجتماعي مع وسمي #ثوبي_تاریخي و#تراثنا_مش_للسرقة.

وتعاون القائمون على الحملة مع مجموعة من السيدات في قطاع غزة قمن بتطريز مجموعة من الأثواب خصيصا للحملة، لتوزيعها على مجموعة من المؤثرات لارتدائها خلال أيام الحملة الممتدة إلى 10 أيام، ونشر صورها مع منشورات لهن. وتُرك لهؤلاء المؤثرات -ومن ضمنهن فنانات ومغنيات وإعلاميات- الخيار بطريقة المشاركة، سواء بأغنية أو عمل فني أو منشورات.

وأشارت سوقي إلى أن الحملة لاقت تفاعلا غير مسبوق تجاوز حجم توقعاتهم، رغم عدم مشاركة جميع المؤثرات اللواتي استهدفتهن الحملة حتى الآن، مؤكدة أن العمل على التعريف بالثوب الفلسطيني لن ينتهي بانتهاء زمن الحملة.

وبحسب سوقي، فإن هذه الحملة حلقة متواصلة الأهداف، فمن ناحية فيها إعادة تأكيد قيمة الثوب الفلسطيني التقليدي، ومواجهة محاولة السرقة من إسرائيل، والتعريف به عبر المحتوى الذي ينشر، وصولا إلى استفادة 300 سيدة من القطاع من هذه الحملة بتسويق الأثواب التي قمن بتطريزها والتعريف بعملهن.

وبشكل مساند، كانت للحملة شراكات مع تلفزيون فلسطين الرسمي، وفضائية "رؤيا" الأردنية، بالإضافة إلى جامعات فلسطينية، منها جامعة النجاح الوطنية والجامعة الأميركية، وذلك بإقامة ندوات وتشجيع طالباتها على ارتداء أثوابهن التقليدية والتقاط صور ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.

الباحثة في مركز التراث الفلسطيني مها السقا: ما يميز التطريز على الأثواب الفلسطينية أنه وثق واقع فلسطين (مواقع التواصل)

ليس مجرد ثوب مطرز.. إنما هوية

يمتاز الثوب الفلسطيني التقليدي بالتطريز المرتبط بكل منطقة جغرافية في فلسطين التاريخية، فكانت رسوماته انعكاسا لبيئة المنطقة وواقعها الاجتماعي، وهو ما حاول الفلسطينيون تأكيده من خلال إدراج فن التطريز الفلسطيني لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" ضمن قوائم التراث الثقافي العالمي ديسمبر/كانون الأول 2021.

وقالت مها السقا، الباحثة في مركز التراث الفلسطيني التي واكبت عملية التسجيل، إن فلسطين أعدت ملفا من 700 صفحة وقدمته لليونسكو، استطاعت به إقناع 194 دولة بالتصويت لصالحها. وتضمن الملف وثائق تثبت وجود التطريز من العهد الكنعاني وارتباطه بكل المدن والبلدات الفلسطينية.

لنا حجازي صاحبة مبادرة يوم الزي الفلسطيني: الثوب الفلسطيني يحمل قيمة وطنية (الجزيرة)

وتابعت السقا -للجزيرة نت- إن التطريز موجود في كل العالم، ولكن ما ميز التطريز على الأثواب الفلسطينية أنه وثق واقع فلسطين، وكان بمثابة الوثائق على وجودهم في كل قرية فلسطينية، "المرأة الفلسطينية وثقت بيئتها ومعتقداتها وهويتها والحياة الاجتماعية على ثوبها".

وتوضح أن يافا اشتهرت ببيارات البرتقال وشجر السرو؛ فطرزت نساؤها زهرة البرتقال وأحاطته بالسرو، وثوب أريحا -أقدم مدن العالم- مطرز بزخارف كنعانية وجدت محفورة من آلاف السنين على كهوفها، في حين تميز ثوب رام الله بالورود والأزهار المطرزة باللون الأحمر.

وقدمت هذه الأثواب واقعا اجتماعيا، فثوب بئر السبع -المطرز بالأحمر- تستبدله الأرملة بتطريز باللون الأزرق خلال فترة حدادها على زوجها، فعرف بثوب الأرامل. ولكن إن أرادت الزواج من جديد تطرز عليه زخارف ملونة وأشكال ألعاب، إشارة إلى رغبتها في الإنجاب.

وعكس الثوب الفلسطيني أيضا الواقع السياسي، خاصة خلال الانتفاضة الأولى عندما استبدلت النساء زخارف الطبيعة بالعلم الفلسطيني الذي كانت إسرائيل تمنع رفعه حينها، مع خارطة فلسطين وقبة الصخرة وشكل الكنيسة.

لنا حجازي في إحدى فعاليات يوم الزي الفلسطيني (الجزيرة)

جهود متكاملة

وتعتقد السقا إن تسجيل التطريز فلسطينيا هو بداية طويلة للحفاظ على الثوب الفلسطيني وما يحمله من قيمة وطنية، وإن هذه الحملات يجب ألا تتوقف، وهو ما توافق عليه عضو الهيئة الإدارية لجمعية الزي الفلسطيني لنا حجازي.

بدأت لنا حجازي -وهي مهتمة بجمع الأثواب الفلسطينية- عام 2015 حملة للحفاظ على الثوب الفلسطيني وإعادة ارتدائه بشكل يومي، عندما أطلقت يوما لارتداء الزي الفلسطيني تحت شعار "البس زيك، مين زيّك"، الذي أصبح تقليديا في يوليو/ تموز من كل عام.

تقول للجزيرة نت "حملة تلفزيون فلسطيني مهمة جدا، فهي تصب في إطار جهود الحفاظ على الزي التراثي، وتعيد التذكير بأهمية حفظ الهوية الفلسطينية".

من فعالية مبادرة يوم الزي الفلسطيني (الجزيرة)

روابط مختارة

وترى حجازي إن هذه الحملات تكمل الحملات المحلية التي تكون بالعادة موجهة للفلسطينيين، فهي تخاطب جمهورا جديدا، مما يوسع دائرة التفاعل، والتعريف بهذا التراث.

وفي ما يلي العديد من الروابط لشخصيات نسائية تفاعلن مع حملة #ثوبي_تاريخي:

راميا الإبراهيم، مذيعة في قناة الميادين.

الزميلة الإعلامية غادة عويس، مذيعة الجزيرة، خلال استلامها ثوبا فلسطينيا من القائمين على حملة #ثوبي_تاريخي.

الصحفية الفلسطينية مجدولين حسونة تشارك في حملة #ثوبي_تاريخي.

تسجيل للفنانة جولييت عواد، نشره تلفزيون فلسطين.

المصدر : الجزيرة