مهرجان "فيست" للطعام.. احتفاء بتنوع الأكلات السعودية وتحويل الطبخ من هواية إلى مشاريع تجارية

بهدف الاحتفاء بفنون الطهي السعودية وتقديمها كمنتجات ثقافية ذات دلالات مهمة؛ تنظم هيئة الفنون والطهي السعودية على مدى أسبوعين مهرجان "فيست" للطعام في نسخته الثانية، ويستمر حتى 29 ديسمبر/كانون الأول الجاري، من أجل تأصيل واستدامة المطبخ السعودي بمختلف الأكلات من كافة مناطق المملكة والاحتفاء به كإرث وطني.

المهرجان يقام في العاصمة الرياض، ويعد واحدا من أهم مهرجانات الطعام في السعودية، ويأتي ضمن الفعاليات التي تنظمها وزارة الثقافة ليجمع بين فنون الطهي والفعاليات الترفيهية، بما في ذلك مسرح للطهي الحي، ويشارك فيه طهاة مشهورون محليا وعالميا.

ويرمي المهرجان إلى التعريف بالطعام السعودي وبناء مجتمع للمهتمين بمجال الأطعمة من خلال إقامة فعالية هي الأضخم من نوعها على مستوى الشرق الأوسط، والاحتفاء بالطعام بوصفه أحد الموروثات الوطنية الأصيلة، وتقديم السعودية كوجهة عالمية لعشاق الطهي وتذوق الأطعمة، وإثراء المجتمع بالفرص الواعدة في مجال الأطعمة، وسبل استدامة تلك الأنشطة، وتشجيع الشباب المهتمين بمجال الأطعمة لتحويل هواياتهم إلى مشاريع تجارية.

كما يعد المهرجان بمثابة ساحة عرض كبيرة من خلال تقديمه مساحات تمكينية للطهاة والطاهيات السعوديين لعرض منتجاتهم ومهاراتهم، والإسهام في تقديم محتوى تعليمي تثقيفي وترفيهي.

الحفاظ على الإرث السعودي

وتميز مهرجان "فيست" -المقام على مساحة تزيد على 50 ألف متر مربع- بتنوع فعالياته لهذا العام، حيث تم تقسيم المناطق لتشمل فعاليات تثقيفية وتعليمية، إضافة إلى منطقة تعلم فنون الطهي، وركن الأطفال، وتقديم حفلات فنية منوعة بين الغناء والعزف على مختلف الآلات الموسيقية. وحسب صحيفة "الوطن" السعودية، فقد تم تخصيص منطقة شاسعة تحتوي على عدد كبير من المطاعم والمطابخ من مختلف مناطق السعودية، بالإضافة إلى مطاعم عالمية تزيد على 200 مطعم متنوع.

وإلى جانب ذلك، فقد شهد المهرجان يوميا إقامة مسابقات للطهي، ومن ضمنها مسابقة مخصصة للأطباق السعودية، يحصل الفائزون فيها على العديد من الجوائز، حيث ترسخ المسابقة صناعة الطهي بالطرق التقليدية المتوارثة، والحفاظ على الإرث السعودي ونقله للعالم.

ويتضمن مهرجان "فيست" عدة مناطق، منها: معرض النخيل والتمور، ومنطقة الأعمال، ومنطقة المطاعم، ومسرح "فيست"، ومنطقة الوليمة، ومنطقة مخصصة للأطفال، ومنطقة ورش العمل، ومنطقة المسابقات التي تضم أنشطة متعددة وتجارب متنوعة.

وتعد منطقة النخيل والتمور أحد أبرز المناطق الموجودة بالمهرجان، حيث تتيح للزائر استعراض تراث مزارع النخيل وأنواع التمور بالمملكة عبر شاشة كبيرة لعرض أشهر المناطق في المملكة، وهناك أيضا يتم عرض أنواع التمور في المملكة ومتاجر لبيع منتجات التمور.

المطبخ السعودي

وتقول الرئيسة التنفيذية لهيئة الفنون والطهي السعودية ميادة البدر إن الهدف من تنظيم مهرجان "فيست" هو تسليط الضوء على اتساع نطاق المطبخ السعودي من كل ركن من أركان المملكة، حيث تقدم كل منطقة من مناطقها الـ13 أشهى المأكولات الفريدة والمتنوعة.

وتضيف البدر -في تصريحات نشرتها وسائل إعلام سعودية الأسبوع الماضي- أن الهيئة تحرص خلال أيام المهرجان على تقديم دورات تثقيفية في فنون الطعام وطهيه للمشاركين، بالإضافة إلى عروض فنية تعكس التراث الوطني.

وتشير الرئيسة التنفيذية لهيئة الفنون والطهي السعودية إلى أن مشاهدة الزوار من جميع الأعمار ومن جميع أنحاء المملكة وهم يكتشفون المأكولات ويتواصلون من خلالها أثناء احتفالهم أيضًا بأساليب الطهي الأخرى في العالم. وتعد مثل هذه الأحداث أساسية لإلهام الجيل القادم من خبراء تذوق الطعام، معربة عن تطلعها إلى استضافة المزيد من الفعاليات في السنوات القادمة.

وتؤكد البدر أن هيئة الفنون والطهي تبذل جهودا مضنية من أجل جعل مهرجان "فيست" على قمة الفعاليات العالمية والدولية الخاصة بالطعام من أجل التعريف بثقافة المملكة وموروثاتها خاصة في ما يتعلق بتراث الطعام.

من جهته، يقول الطاهي السعودي عبد العزيز الحميدان، وأحد المشاركين في المهرجان، إنه فوجئ بالإقبال الشديد من جانب الجمهور على المشاركة في فعاليات مهرجان "فيست" المختلفة، لافتا إلى أن المهرجان حدث تراثي في الطهي يمزج الفولكلور في المملكة مع مختلف الأصناف والنكهات والمكونات التي يشتهر بها المطبخ السعودي.

ويوضح الحميدان -في تصريح للجزيرة نت- أن الإقبال تركز بشكل خاص على منطقة الأكلات الشعبية التي تضم مأكولات شعبية من مختلف مناطق المملكة، حيث تعرف الزوار على أكلات جديدة، لا سيما من مناطق جازان والجوف، لافتا إلى أن المهرجان كان فرصة جيدة لتعريف رواد "فيست" بالأطعمة والثقافات التي تمتاز بها كل منطقة.

سوق كبيرة

ويكشف عن أن الكثير من الأطعمة التراثية المعروفة في السعودية تتشابه في مكوناتها، لكنها تختلف في مسمياتها من منطقة لأخرى، مضيفا أن جميع الأكلات المصنوعة من "الدقيق البر" تقريبا تتشابه في المواصفات والمقادير وتختلف بالمسميات وآليات التحضير، حيث يشير إلى أن مطبخ القصيم يتشابه مع المطبخ الجنوبي والشمالي وبينهما الكثير من الروابط.

بدورها، تقول أم خلف (صاحبة مشروع لإعداد الأطعمة الشعبية) إن مهرجان "فيست" بمثابة سوق كبيرة لأصحاب المشاريع ورواد الأعمال، ويسمح لهم بإبراز مشاريعهم الإنتاجية وترويجها في السوق المحلية، مؤكدة أن مشاركاتها ستتواصل في سائر الفعاليات والمهرجانات بهدف التعريف بمشاريعها والترويج للطعام التراثي في السعودية.

ووصفت أم خلف -في تصريح للجزيرة نت- مهرجان "فيست" بأنه فرصة نوعية لرواد الأعمال -خاصة الشباب- من أجل الدعاية الكبيرة لمشروعاتهم وتسويقها، وسط حضور كبير جدا من مختلف الشرائح في السعودية.

وتؤكد أن مشروعها لإعداد الأكلات الشعبية لاقى إقبالا كبيرا من رواد مهرجان "فيست"، لا سيما أنها تقدم وجبات مختلفة وبأسعار في متناول الجميع، معربة عن أملها أن تتكرر مثل هذا الفعاليات على الأقل كل 6 أشهر من أجل الإسهام في دعم رواد الأعمال وخلق فرص عمل للشباب.

كما أشادت رائدة الأعمال السعودية بتخصيص إدارة المهرجان منطقة للأعمال لعرض الفرص والاتجاهات الحديثة في القطاع عبر عقد جلسات نقاش يقودها متخصصون من حول العالم.

تجدر الإشارة إلى أن النسخة الحالية من مهرجان "فيست" للطعام تأتي امتدادا للنسخة الأولى التي احتضنتها مدينة جدة العام الماضي، وذلك في إطار توجه هيئة الفنون والطهي السعودية لتوفير منصة محلية تحتفي بفنون الطهي السعودي، إلى جانب تجهيز مساحات تمكينية للطهاة السعوديين لعرض منتجاتهم ومهاراتهم.