الاتحاد الأوروبي وإكمال المهمة المطلوبة بغرب البلقان

German Chancellor Angela Merkel, Britain's Foreign Secretary Boris Johnson and Austria's Chancellor Christian Kern during a summit of six Western Balkan countries in Triest, Italy July 12 2017. Guido Bergmann/Courtesy of Bundesregierung/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS PICTURE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY. NO RESALES. NO ARCHIVE

عقد ممثلو صربيا وكوسوفو -يوم 16 يناير/كانون الثاني الماضي في بروكسل– اجتماعا لإجراء محادثات بشأن تطبيع العلاقات بينهما. لكن في نفس اليوم؛ قُتل زعيم الأقلية الصربي أوليفر إيفانوفيتش في كوسوفو إثر تعرضه لإطلاق نار أمام مكتب حزبه بمدينة ميتروفيتشا شمالي البلاد، مما أدى إلى إلغاء المحادثات.

ومنذ نهاية حرب كوسوفو عام 1999؛ أحرزت منطقة البلقان الغربية تقدما كبيرا في مواجهة القوى القومية والرجعية، التي أدت إلى نشوب هذا الصراع العرقي الوحشي. لكن اغتيال إيفانوفيتش -الذي تم على الأرجح على أيدي العصابات الإجرامية التي سُمح لها بالازدهار في شمالي كوسوفو- يهدد الآن بإشعال الأزمة بين صربيا وكوسوفو التي لا تزال قائمة. فقد خرجت الأشباح القومية في المنطقة من سباتها.

وتواجه بلدان البلقان الغربية العديد من التحديات الأخرى، ويرجع انتشار الفساد إلى شبكات الجريمة المنظمة التي نشأت من عناصر الجهاز الأمني الشيوعي. إن تأثير الولايات المتحدة في المنطقة آخذ في الانخفاض رغم موقف روسيا الانتقامي، وبالنسبة لمعظم بلدان المنطقة، فإن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبيليس مؤكدا بعدُ.

تواجه بلدان البلقان الغربية العديد من التحديات الأخرى، ويرجع انتشار الفساد إلى شبكات الجريمة المنظمة التي نشأت من عناصر الجهاز الأمني الشيوعي. إن تأثير الولايات المتحدة في المنطقة آخذ في الانخفاض رغم موقف روسيا الانتقامي، وبالنسبة لمعظم بلدان المنطقة، فإن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ليس مؤكدا بعدُ

كل هذا يحتاج إلى التغيير. كانت مقدونيا (التي تعرف مؤقتا باسم جمهورية مقدونيا اليوغسلافية السابقة) مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي منذ عام 2005، بيد أن مفاوضات الانضمام لم تدخل حيز النفاذ.

وقد وعدت اليونان باستخدام الفيتو ضد عضوية مقدونيا بسبب نزاع حول اسم البلاد، وانقسم البلد -منذ فترة طويلة- بشأن القضايا المحلية المتعلقة بالفساد، وإساءة استعمال السلطة، والأقليات العرقية. ومع ذلك، هناك أمل في إنهاء هذا الصراع.

ففي الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا لهذا العام؛ عقد رئيس الوزراء المقدوني زوران زيف اجتماعا مع رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس، كما وافق على تغيير اسم أكبر مطار في البلاد، لأن اسمه الحالي -الذي يحيي ذكرى الإسكندر الأكبر- أزعج الإغريق منذ فترة طويلة.

ومن جانبها، صادقت دول حلف الناتو على انضمام جمهورية الجبل الأسود (مونيتنيغرو) إلى الحلف في يونيو/حزيران 2017. لكنه اضطر أيضا إلى مواجهة النفوذ الروسي المتزايد، والذي يشمل مؤامرة مزعومة للإطاحة بالحكومة القائمة.

وبدأت دولة مونيتنيغرو -جنبا إلى جنب مع صربيا- عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ولكن الطريق أمامها لا يزال طويلا. ومن بين 35 فصلا من قانون الاتحاد الأوروبي الذي يجب التفاوض بشأنه، فتحت الجبل الأسود 30 فصلا، وأغلق ثلاثة مؤقتا. وفي الوقت نفسه، فتحت صربيا 12 وأغلقت اثنين مؤقتا.

ولا تزال عدة بلدان أخرى تواجه صعوبات، إما عن طريق الفيتو من داخل الاتحاد الأوروبي، أو من خلال العقبات المحلية. ولا تزال البوسنة والهرسك مثلا تصارع معوقات اتفاقات دايتون للسلام. وما زال زعيم جمهورية صرب البوسنة ميلوراد دوديك -المدعوم من الكرملين– يقترح فكرة إجراء استفتاء بشأن الاستقلال.

من الواضح أن لدى روسيا مصلحة في منع دول البلقان الغربية من الانضمام إلى عضوية الناتو والاتحاد الأوروبي، الذي يعد دافعا أكبر لقيام الاتحاد الأوروبي بزيادة مشاركته في المنطقة.

وتحقيقا لهذه الغاية، دعا رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر -في خطابه عن "حالة الاتحاد" في سبتمبر/أيلول الماضي- إلى "منظور توسيع موثوق" للمنطقة. وفي فبراير/شباط الجاري، تعتزم المفوضية الأوروبية اعتماد "إستراتيجية توسيع" جديدة، كما ستحدد موعدا مستهدَفا في عام 2025 لانضمام صربيا والجبل الأسود.

يجب تحفيز النخب السياسية في البلقان لمتابعة الإصلاحات الضرورية، بدلا من إعطاء الأولوية لمصالحها الاقتصادية الخاصة. وينبغي أن تُمنح الأولوية القصوى للإصلاحات القضائية، التي ستساعد هذه المجتمعات على استيعاب سيادة القانون والمصالحة الإقليمية، التي لن يحرز بدونها أي تقدم نحو الانضمام

ولكن لكي تنجح هذه الإستراتيجية، يجب أن تكون مصحوبة بإصلاحات يقودها الأوروبيون في غرب البلقان، بحيث تتماشى تلك البلدان بشكل أوثق مع متطلبات عضوية الاتحاد الأوروبي.

وفوق ذلك، على الاتحاد الأوروبي توضيح أن الانضمام سيتم عن جدارة، وأن التواريخ المستهدفة طموحة وليست ملزمة. وقد أظهر انضمام رومانيا وبلغاريا أنه عندما تُعطى التواريخ المستهدفة والتعسفية أهمية كبيرة، فإنها تؤدي إلى نتائج عكسية لأنها تضعف حوافز الإصلاح المجدي.

كما ستحتاج إستراتيجية توسيع الاتحاد الأوروبي إلى دعم من الدول الأعضاء في الاتحاد، وينبغي تذكيرها بأن عدم إبقاء منطقة البلقان الغربية داخل الاتحاد الأوروبي سيؤدي إلى عودة إراقة الدماء في التسعينيات، أو أسوأ من ذلك. كما ستحتاج إلى دعم من الشركاء والحلفاء الأوروبيين، وخاصة الولايات المتحدة التي ينبغي تذكيرها بالأهمية الجيوسياسية لتتمكن من تجنب مثل هذه النتيجة.

أما بالنسبة للمنطقة، فيجب تحفيز النخب السياسية لمتابعة الإصلاحات الضرورية، بدلا من إعطاء الأولوية لمصالحها الاقتصادية الخاصة. وينبغي أن تُمنح الأولوية القصوى للإصلاحات القضائية، التي ستساعد هذه المجتمعات على استيعاب سيادة القانون والمصالحة الإقليمية، التي لن يحرز بدونها أي تقدم نحو الانضمام.

وإلى جانب هذه الضرورات الأساسية، ستحتاج المنطقة أيضا إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية للنقل والاتصالات، لربطها ببقية أوروبا بدلا من الصين وروسيا، كما كان الاتجاه في السنوات الأخيرة. ويتمثل البديل عن المشاركة الأوروبية في غرب البلقان في زيادة النزعة القومية والعودة المحتملة إلى الصراع العنيف. ولذلك؛ على الاتحاد الأوروبي بذل كل ما في وسعه لتفادي هذا السيناريو.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.