بطانة الرحم المهاجرة.. أسباب الانتباذ البطاني الرحمي وأعراضه وعلاجه

"بطانة الرحم المهاجرة" (endometriosis) حالة تصيب ما يقرب من 10% (190 مليونا) من النساء والفتيات، ممن هن في سن الإنجاب، على مستوى العالم، فما أسبابها وأعراضها والخيارات العلاجية؟

ينمو لدى المصابة ببطانة الرحم المهاجرة (واسمها العلمي الانتباذ البطاني الرحمي) نسيج مشابه لبطانة الرحم في أماكن أخرى، مثل المبيضين وقناتي فالوب. ويقول الدكتور آرابو إبراهيم بايو -استشاري أول في الأمراض النسائية والتوليد بمركز صحة المرأة والأبحاث في مؤسسة حمد الطبية في قطر– "مرض بطانة الرحم المهاجرة هو نمو أنسجة الرحم خارجه أي في تجويف البطن مسببة التهابا مزمنا وردة فعل قد تسهم في حدوث ندبة. يوجد هذا النسيج بشكل أساسي في الغشاء الصفاقي للمبيض داخل الحاجز المستقيم المهبلي للمثانة وفي حالات نادرة يوجد في الحجاب الحاجز والرئتين".

من أعراض بطانة الرحم المهاجرة (الانتباذ البطاني الرحمي)

يمكن أن تؤثر بطانة الرحم المهاجرة على النساء في أي عمر، بما في ذلك المراهقات، وهي حالة طويلة الأمد يمكن أن يكون لها تأثير كبير على حياة المصابة، ولكن هناك علاجات لهذه الحالة، وذلك وفقا لخدمة الصحة الوطنية في المملكة المتحدة.

كيف أعرف أنني أعاني من بطانة الرحم المهاجرة؟

أكثر علامات بطانة الرحم المهاجرة شيوعا هي الألم والعقم، وذلك وفقا لجامعة جونز هوبكينز.

من جهته يشير الدكتور آرابو، إلى أن العارض الأساسي لمرض الانتباذ البطاني الرحمي هو الشعور بآلام في الحوض مصاحبة للدورة الشهرية، ويقول "رغم أن العديد من النساء يشعرن بتقلصات أثناء الدورة الشهرية، إلا أن النساء اللاتي يصبن بمرض الانتباذ البطاني الرحمي يوصفن آلام الدورة الشهرية بأنها غير محتملة على غير العادة. وقد يزداد الألم مع مرور الوقت لكن لا يمكن الاعتماد على حدة الألم كمؤشر على طبيعة الحالة. فيمكن أن تكون حالة الانتباذ البطاني الرحمي متوسطة لكن الألم حاد أو قد يكون الألم خفيفا أو معدوما لدى مصابات بمراحل متقدمة من المرض".

أعراض بطانة الرحم المهاجرة

تختلف أعراض الانتباذ البطاني الرحمي، وتتأثر بعض النساء بشدة، في حين أن البعض الآخر قد لا تظهر عليه أي أعراض ملحوظة.

وتقول منظمة الصحة العالمية إن أهم الأعراض الشائعة لدى المصابات اللواتي تظهر عليهن الأعراض الشعور بألم أسفل البطن (الحوض)، وقد يكون الشعور بالألم أكبر في الحالات التالية:

  • أثناء الدورة الشهرية.
  • أثناء الجماع أو بعده.
  • عند التبول أو التغوط.

ومن بين الأعراض الشائعة لبطانة الرحم المهاجرة:

  • ألم مزمن بالحوض.
  • نزيف شديد أثناء الدورات الشهرية أو فيما بينها.
  • صعوبة في الحمل.
  • انتفاخ البطن أو الغثيان.
  • التعب.
  • الاكتئاب أو القلق.
  • ألم في أسفل البطن أو الظهر.
  • ألم شديد في الدورة الشهرية والذي يمنعك من القيام بأنشطتك العادية.
  • ألم عند التبول أو التبرز أثناء الدورة الشهرية.
  • الشعور بالغثيان أو الإمساك أو الإسهال أثناء الدورة الشهرية.
  • ظهور دم في البول أو البراز أثناء الدورة الشهرية.

هل هو مرض خطير؟

تقول منظمة الصحة العالمية إن للانتباذ البطاني الرحمي آثار اجتماعية واقتصادية متعلقة بالصحة العامة لا يستهان بها، ويمكن أن تقلل من جودة الحياة بسبب الألم الشديد، والتعب، والاكتئاب، والقلق، والعقم الذي يسببه.

وتعاني بعض المصابات بالانتباذ البطاني الرحمي من آلام منهكة تمنعهن من الذهاب إلى العمل أو إلى المدرسة.

أسباب بطانة الرحم المهاجرة

تقول منظمة الصحة العالمية إن الانتباذ البطاني الرحمي مرض يتسم بالتعقيد ويصيب العديد من النساء في العالم من بداية أول دورة شهرية لهن (بدء الإحاضة) حتى انقطاع الطمث، بصرف النظر عن أصلهن العرقي أو وضعهن الاجتماعي. ويعتقد أن عدة عوامل مختلفة تساهم في ظهور هذا المرض.

ويعتقد في الوقت الحاضر أن الانتباذ البطاني الرحمي ينجم عن:

  • الحيض الرجوعي، عندما يتدفق دم الحيض الذي يحتوي على خلايا بطانة الرحم، عائدا مرة أخرى من خلال قناتي فالوب إلى داخل جوف الحوض، في الوقت الذي يتدفق فيه الدم إلى خارج الجسم من خلال عنق الرحم والمهبل أثناء الدورة الشهرية. ويمكن أن يحدث الحيض الرجوعي نتيجة لترسب خلايا شبيهة ببطانة الرحم خارج الرحم حيث يمكن أن تنزرع وتنمو.
  • الحؤول الخلوي، أي عندما تتغير الخلايا من شكل إلى آخر، فتتحول الخلايا خارج الرحم إلى خلايا شبيهة ببطانة الرحم ويبدأ نموها.
  • الخلايا الجذعية التي يمكن أن تسبب المرض الذي ينتشر بعد ذلك في الجسم عن طريق الدم والأوعية اللمفية.

وتضيف منظمة الصحة أنه قد تسهم عوامل أخرى أيضا في نمو النسيج البطاني الرحمي المنتبذ أو استمراره.

بطانة الرحم المهاجرة والعقم

بطانة الرحم المهاجرة هي واحدة من أكثر الحالات المرتبطة بالعقم عند النساء، ووجدت الجمعية الأميركية للطب التناسلي أن 24% إلى 50% من النساء المصابات بالعقم مصابات ببطانة الرحم المهاجرة.

وقد تؤدي الحالات الخفيفة إلى المتوسطة من بطانة الرحم المهاجرة إلى عقم مؤقت فقط، ويمكن أن تساعد الجراحة لإزالة أنسجة بطانة الرحم المرأة على الحمل.

ولا يعرف الأطباء بالضبط كيف تؤثر بطانة الرحم المهاجرة على الخصوبة، فقد يؤثر النسيج الندبي الناتج عن المرض على إطلاق البويضات من المبيضين أو يسد مسار البويضة عبر قناة فالوب حتى لا تتمكن من الوصول إلى الرحم، كما قد يؤدي المرض أيضا إلى إتلاف الحيوانات المنوية أو البويضات المخصبة قبل زرعها في الرحم.

ويمكن للعديد من النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو العقم المرتبط بها أن يحملن، وهناك خيارات علاجية، مثل تقنية "الإخصاب في المختبر" (IVF) التي قد تساعد النساء المصابات على الحمل.

مراحل بطانة الرحم المهاجرة

يصنف الأطباء بطانة الرحم المهاجرة من المرحلة 1 إلى المرحلة 4. وتستند المراحل إلى مكان حدوث أنسجة بطانة الرحم في الجسم، ومدى انتشاره ومقدار الأنسجة الموجودة في تلك المناطق.

وإن وجود مرحلة أكثر تقدما من بطانة الرحم المهاجرة لا يعني دائما أنك ستعانين من أعراض أكثر حدة أو ألما أكثر، فبعض النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة في المرحلة 4 يكون لديهن أعراض قليلة أو معدومة، في حين أن النساء المصابات بالمرحلة 1 يمكن أن يعانين من أعراض شديدة.

علاج بطانة الرحم المهاجرة

لا يوجد علاج دائم للانتباذ البطاني الرحمي، ولكن يمكن للأطباء تقديم العلاجات التي تساعدك على إدارته، ويعتمد العثور على العلاج المناسب على العديد من العوامل المختلفة، بما في ذلك عمرك والأعراض.

علاجات غير جراحية

أكثر علاجات بطانة الرحم المهاجرة شيوعا والتي لا تتطلب جراحة هي العلاج الهرموني وإدارة الألم.

تتأثر أنسجة بطانة الرحم بالهرمونات بنفس طريقة تأثر أنسجة بطانة الرحم داخل الرحم، ويمكن أن تؤدي التغيرات الهرمونية التي تحدث مع الدورة الشهرية إلى تفاقم ألم بطانة الرحم المهاجرة.

ويمكن أن تغير العلاجات التي تشمل العلاج بالهرمونات مستويات الهرمونات أو تمنع جسمك من إنتاج هرمونات معينة، ويمكن أن يؤثر العلاج الهرموني على قدرتك على الحمل، لذلك قد لا يكون مناسبا للجميع.

يمكن تناول العلاج الهرموني على شكل أقراص أو حقن أو بخاخ للأنف، وتشمل الخيارات الأكثر شيوعا ما يلي:

  • موانع الحمل الفموية التي تحتوي على الإستروجين والبروجسترون للتحكم في الهرمونات.
  • البروجستين لوقف الدورة الشهرية ونمو أنسجة بطانة الرحم.
  • "مناهض الهرمون المطلق لمواجهة الغدد التناسلية" (Gonadotropin-releasing hormone antagonist) للحد من هرمونات المبيض.
  • "مناهض هرمون الغدد التناسلية لإيقاف هرمونات المبيض" (Gonadotropin-releasing hormone agonist).
  • يمكن أن تكون أدوية الألم، بما في ذلك "العقاقير غير الستيرويدية المضادة للالتهابات" (NSAIDs) مثل الإيبوبروفين، فعالة في إدارة آلام بطانة الرحم. ويمكن للطبيب أيضا مناقشة ما إذا كنت بحاجة إلى أدوية موصوفة من الطبيب لألم أكثر حدة.

"تنظير البطن" (Laparoscopy for endometriosis)

المرضى الذين يعانون من بطانة الرحم المهاجرة الأكثر تقدما، والألم الذي لا يزول بالعلاجات الأخرى أو الذين يحاولون الإنجاب، قد يحتاجون إلى الجراحة، وتنظير البطن هو الجراحة الأكثر شيوعا التي يستخدمها الأطباء لعلاج بطانة الرحم المهاجرة.

خلال هذا الإجراء، يقوم الجراح بعمل بضع شقوق صغيرة في بطنك، ويتم إدخال أنبوب رفيع مع ضوء وكاميرا في أحد الشقوق، ويتم إدخال أدوات صغيرة في الشقوق الأخرى يمكنها إزالة أنسجة بطانة الرحم أو استخدام الحرارة الشديدة لتدمير الأنسجة.

ويمكن للجراح أيضا إزالة أي نسيج ندبي متراكم في المنطقة. عادة ما يكون للعمليات الجراحية بالمنظار وقت شفاء أقصر وندبات أصغر مقارنة بالجراحة المفتوحة التقليدية (شق البطن).

"فتح البطن" (Laparotomy for endometriosis)

في بعض الحالات، قد يحتاج الطبيب إلى إجراء شق البطن لانتباذ بطانة الرحم بدلا من تنظير البطن. هذا يعني أن الطبيب سيُحدث شقا (قطعا) أكبر في البطن لإزالة أنسجة بطانة الرحم، وهذا أمر غير شائع.

ويمكن أن تؤدي إزالة أنسجة بطانة الرحم باستخدام تنظير البطن أو شقه إلى تخفيف الآلام على المدى القصير، ومع ذلك، قد يعود الألم.

"استئصال الرحم" (Hysterectomy for endometriosis)

وهو إجراء جراحي لإزالة الرحم قد يوصي به الأطباء كخيار لعلاج بطانة الرحم المهاجرة، وقد يوصي طبيبك أيضا بإزالة المبيضين (استئصال المبيض) مع أو بدون استئصال الرحم. وسيوقف هذا إفراز الهرمونات ويجب أن يعالج بطانة الرحم المهاجرة نهائيا، لكنه سيضعك في سن اليأس.

ويؤدي إزالة المبيضين إلى خفض مستويات هرمون الأستروجين بشكل كبير وإبطاء أو إيقاف نمو أنسجة بطانة الرحم، لكنه يأتي مع المخاطر والآثار الجانبية لانقطاع الطمث، بما في ذلك الهبات الساخنة، وأمراض القلب، ومشاكل الذاكرة، والاكتئاب أو القلق.

المصدر : الجزيرة + وكالات + منظمة الصحة العالمية