عُشر المصريين يتعاطون المخدرات.. كيف عالج السيسي إدمان الموظفين؟

السيسي والتشبث بالسلطة.. لماذا يخشى موجة الربيع العربي الجديدة؟
قرار السيسي جاء بعد مقتل 22 مواطنا وإصابة العشرات في حادث وقع في محطة قطارات رئيسية بالقاهرة (الجزيرة)

حسن المصري-القاهرة

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أيام أنه سيتم إنهاء خدمة أي موظف في الدولة يتعاطى المخدرات، وذلك تحت ذريعة مسؤولية المخدرات عن مقتل 22 مواطنا وإصابة العشرات في حادث وقع بمحطة قطارات رئيسية بالقاهرة؛ وهو قرار قوبل بانتقادات من متخصصين.

وجاء قرار السيسي أثناء كلمته بالندوة التثقيفية للقوات المسلحة بمناسبة "يوم الشهيد"، وكانت وسائل إعلام قالت إن حادث محطة القطارات نتج عن تعاطي السائق مخدر الإستروكس، بينما قال نشطاء إن المتهم الأول هو إهمال الموظفين وتقصير الدولة في تطوير السكك الحديدية.

وتشير الإحصاءات إلى أن نسبة تعاطي المخدرات في مصر تتجاوز المعدلات العالمية بمقدار الضعفين، حيث يتعاطى 10% من المصريين المخدرات -منهم 27% من الإناث- وفق آخر إحصائية لرصد نسبة التعاطي والإدمان بمصر صادرة عن صندوق مكافحة الإدمان التابع لوزارة التضامن الاجتماعي.

وقبل القرار الذي أعلنه السيسي بالفصل عن العمل، كان يتم إيقاف الموظف عن العمل مدة تصل إلى ثلاثة شهور، مع تحويله للنيابة الإدارية إلى حين إكمال إجراءاته العلاجية؛ وإذا عاد للتعاطي يتم فصله من العمل بعد فحصه مرة أخرى.

وأعلن الصندوق القومي لمكافحة الإدمان -التابع لوزارة الصحة- مؤخرا عن تنفيذ حملات لفحص تعاطي المخدرات، تطال جميع أفراد الجهاز الإداري في الدولة، ومن المقرر أن تكون على مراحل تبدأ بسبعة ملايين موظف حكومي.

فصل
يستهل الدكتور عبد الرحمن حماد رئيس قسم علاج الإدمان بمستشفى العباسية السابق، حديثه للجزيرة نت بقوله إن "الدول الحديثة تتعامل مع الإدمان باعتباره مرضا يحتاج إلى علاج ورعاية صحية ونفسية، وليس باعتبار المدمن مجرما يحتاج إلى العقاب، وهو ما قد يؤدي في النهاية إلى اتجاهه نحو الانخراط في أعمال غير مشروعة بعد فصله من العمل من أجل الحصول على المخدر ومن أجل إعالة اسرته أيضا، مما يحول المخدرات إلى وسيلة لتحقيق الدخل للمتعاطي بدلا من منعه من التعاطي".

وأوضح حماد أن قرار الفصل الفوري من العمل جانبه الصواب، خاصة أن تعاطي المخدرات قضية تحتاج إلى تعامل بسياسة وحكمة في ظل ارتفاع عدد المتعاطين والمدمنين بمصر، لافتا إلى أن الطريقة الصحيحة تتمثل -في حال اكتشاف تعاطي الشخص المخدرات بعد اختبار وتحليل- أن يتم إنذاره من جهة العمل التابع لها، على أن تكون هناك متابعة لمدى تقدم الموظف على طريق التعافي خلال مهلة زمنية.

ويقدّر حماد هذه الفترة بقرابة ستة شهور، لكي يكون المتعاطي في حالة تسمح له بالتخلص من أي أعراض أخرى ملازمة لعملية الامتناع، ثم بعد تلك الفترة يمكن إعادة فحص عينة من دمه للتأكد من تخليه عن التعاطي، مؤكدا أنه في حالة ثبوت التعاطي وإصراره على التعاطي يمكن هنا اتخاذ إجراءات عقابية.

من جانبه يلفت الدكتور علي عبد الله رئيس المركز المصري للدراسات الدوائية والإحصاء ومكافحة الإدمان، إلى ضرورة التفريق بين الإدمان والتعاطي، فالإدمان يعني الاعتماد الكلي على المخدر، وهو بنسبة تصل إلى 2.4% من إجمالي المصريين، بحسب إحصائية صندوق مكافحة الإدمان الرسمية التي تصدر كل عام، حيث إن معدلات تعاطي المخدرات أعلى نسبة من الإدمان في مصر.

وأضاف أن أشهر المخدرات التي يتجه لها المتعاطون وفق الدراسات والإحصائيات، هي الحشيش والترامادول، بينما توجد مواد مخدرة أخرى يتم تصنيعها في مصر كالإستروكس والفودو.

ويؤكد عبد الله للجزيرة نت أنه في ظل ارتفاع نسب متعاطي المخدرات في مصر، فإن الجهات الطبية لا تستطيع علاجهم جميعا، وهذا لضعف الإمكانات العلاجية في ظل تدني عدد أسرّة علاج الإدمان في مصر، والتي لا تتجاوز ألف سرير بحسب تقديره، خصوصا في ظل نقص الأطباء المختصين، كما أن حل المشكلة لا يمكن أن يكون بفصل المتعاطين عن العمل في ظل ارتفاع نسبتهم.

ويضيف الطبيب المصري أن للمشكلة جذورا تتعلق بضعف الرقابة في مصر وغيابها، حيث تتم عمليات التهريب والصناعة في ظل غياب كبير لدور الأجهزة الأمنية والرقابية، لافتا إلى أن الحل يكمن في تشديد الرقابة على المنافذ الحدودية والجمارك التي يتم تهريب المخدرات من خلالها، بالإضافة إلى ضرورة الرقابة الداخلية بتفعيل دور أجهزة الشرطة ومكافحة المخدرات.

وأوضح عبد الله أن أبرز أنواع المخدرات المنتشرة في الشارع هي الترامادول والحشيش، وهي الأكثر  تعاطيا بين الشباب المصري في ظل نقص الوعي بخطورتها.

غياب القانون
بدوره يقول الخبير القانوني وائل سيد للجزيرة نت إن انتشار تعاطي المخدرات يرجع لأسباب متعددة منها عدم تطبيق القانون وغياب الرقابة من قبل الأجهزة الأمنية، وهو يتم تحت مرأى ومسمع تلك الأجهزة مما يسهم في انتشار هذا "البيزنس" (التجارة)، مؤكدا أن تفشي المخدرات بمصر مشكلة مزمنة منذ عقود، وهو ما يمكن ملاحظته في ارتفاع الجريمة والحوادث كحوادث السير التي تعد مصر في مرتبة متقدمة بين الدول الأخرى في وقوعها.

وأضاف أن ذلك يتضافر مع الظروف الاقتصادية وعدم توفر فرص عمل تدر على الشباب عائدا ماديا مناسبا، لذلك فإنهم يتجهون للانخراط بتلك الأنشطة في ظل إهمال البعد الخدمي والاجتماعي الذي من المفترض أن يوجه لتوعيته من قبل الأسرة وأجهزة الدولة المختلفة.

وأشاد وائل بفكرة تغليظ العقوبات إذا ما تم تطبيق القرار على أرض الواقع، لافتا إلى أن حل المشكلة يأتي بقرارات جادة لمواجهتها وليس بالحديث فقط.

المصدر : الجزيرة