مجمع الملك فهد.. أكبر مؤسسة في العالم لطباعة المصحف الشريف

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف King Fahd Complex for the Printing of the Holy Quran المصدر: الصفحة الرسمية للمجمع على مواقع التواصل الاجتماعي
شعار مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف (مواقع التواصل)

يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول عام 1982 تم وضع حجر الأساس لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف (نسخة المدينة النبوية) على طريق تبوك بمنطقة النخيل بالمدينة المنورة شمال غربي المملكة العربية السعودية، وبعد عامين تم افتتاحه في 30 أكتوبر/تشرين الأول عام 1984.

المجمع الذي تشرف عليه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة ويطبع أكثر من 18 مليون نسخة من القرآن الكريم سنويا، أصبح واحدا من أبرز المعالم الموجودة في المملكة العربية السعودية، إذ يبلغ متوسط عدد زواره سنويا ما يقارب مليوني زائر من مختلف البلاد والجنسيات، معظمهم من المعتمرين والحجاج.

البناء والتأسيس

بعد أقل من 5 أشهر على توليه الحكم في 13 يونيو/حزيران عام 1982، وضع الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، حجر الأساس للمجمع بالمدينة المنورة، يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول عام 1982 (16 محرَّم سنة 1403هـ)، وانتهى بناؤه بعد عامين، حيث تم افتتاحه في 30 أكتوبر/تشرين الأول عام 1984 (السَّادس من صفر سنة 1405هـ).

بعد أن اكتملت مراجعة أول نسخة من المصحف الشريف باسم "مصحف المدينة النبوية" على أمهات كتب القراءات والرسم والضبط والفواصل والوقف والتفسير من قبل لجنة علمية، أذنت ببدء الطباعة في الأول من مايو/أيار عام 1985، ليكون هو باكورة إنتاج المجمع من المطبوعات.

الموقع

يقع المجمع على مساحة تقدر بـ250 ألف متر مربع تقريبا، على طريق تبوك بمنطقة النخيل في المدينة المنورة شمال غربي المملكة العربية السعودية، بالقرب من العديد من المعالم المهمة والبارزة في المدينة المنورة مثل متحف دار المدينة، ومسجد قباء.

جاء تصميمه على أعلى وأفضل درجات الهندسة المعمارية، إذ استلهمت في تصميمه روح العمارة الإسلامية، ونال تصميم المبنى ذي الطابع العريق، جائزة المدينة المنورة في ديسمبر/كانون الأول عام 1995.

أنشئ المجمع في مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم- تيمنا بهذه البقعة المباركة، وهي المدينة التي جمع فيها القرآن الكريم في عهدي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وكتب في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه فسمي الرسم العثماني نسبة إليه.

المحتويات

عند مدخل البوابة في ساحته الرئيسية نصب حجري ضخم للمصحف الشريف، وفي داخل مبناه -الذي صار مع الأيام منارة لحفظ القرآن وصونه- مجموعة من نماذج الأعمال لبعض الآيات القرآنية المكتوبة بأجمل الخطوط العربية على يد أمهر الخطاطين.

ويضم أكبر مجمع لطباعة المصحف الشريف في العالم بين جنباته عدة نسخ من المخطوطات القرآنية القديمة، ومنها ما يعود تاريخها إلى القرن الخامس الهجري، ومنها المكتوب على أوراق جلد الغزال، ومنها المكتوب بماء الذهب.

ويحتوي المجمع على مسجد، ومبان للإدارة والصيانة، والمطبعة، والمستودعات، والنقل، والتسويق، والسكن، وكذلك الترفيه، والمستوصف، والمكتبة، والمطاعم وغيرها.

كما يضم منذ إنشائه مركزا للتدريب والتأهيل الفني، يتولى تأهيل الكفاءات الشابة للعمل في مختلف تخصصات الإنتاج، ويتابع مركز التدريب تطوير قدراتهم على رأس العمل.

وهناك أيضا مبنى المستودعات الجديد والمكتبة الجديدة لإدارة الشؤون العلمية، وتمثل مساحة أخرى تضاف لمساحة المجمع التي تقدر بـ250 ألف متر مربع.

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف King Fahd Complex for the Printing of the Holy Quran المصدر: الصفحة الرسمية للمجمع على مواقع التواصل الاجتماعي

يمتلك المجمع أحدث التقنيات العالمية في الطباعة، حيث تتم طباعة المصحف الشريف بنظام (الأوفست) الذي تصل سرعة آلاته إلى طباعة 55 ألف ملزمة في الساعة، وتتم عن طريق 12 آلة طباعة على الصفائح الورقية، يصل معدل إنتاج كل منها 12 ألف ملزمة في الساعة.

بعد ذلك تصل ملزمات المصحف المطبوعة إلى آلات الطي المسطحة، والتي تصل سرعة كل آلة منها إلى 7 آلاف و500 طية في الساعة، ومنها إلى آلات التجميع التي تصل سرعتها إلى 6 آلاف ملزمة في الساعة.

وتصل ملزمات المصحف المطبوعة بعد ذلك إلى آلات خياطة، ويبلغ عددها 24 آلة طاقتها الإنتاجية 150 ألف ملزمة في الساعة، ومنها إلى 5 آلات لصنع الغلاف و5 آلات للبصم الحراري تصل طاقتها إلى 13 ألف غلاف في الساعة.

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف King Fahd Complex for the Printing of the Holy Quran المصدر: الصفحة الرسمية للمجمع على مواقع التواصل الاجتماعي
نسخ المصحف الشريف بعد اكتمال طباعته بالمجمع (مواقع التواصل)

وأخيرا تصل نسخ المصحف المطبوعة إلى مرحلة التجليد النهائي، والتي تبلغ طاقة آلاتها 8 آلاف و400 غلاف في الساعة للغلاف المقوى، و6 آلاف غلاف في الساعة للغلاف المرن.

يمر إنتاج وطباعة المصحف ليكون على صورته الحالية بـ3 مراحل، لكل مرحلة سمات خاصة، وتشمل هذه المراحل مراقبة النص، ثم المراقبة النوعية، وأخيرا المراقبة النهائية التي يزيد عدد العاملين بها على 400 مراقب.

تم تجهيز المجمع بكل التجهيزات الفنية اللازمة للطباعة والتسجيلات الصوتية وغيرها، ويتم تحديث هذه الأجهزة واستبدالها كلما ظهر تطور تقني يخدم متطلبات المجمع الإنتاجية، في مجالات الطباعة واستنساخ الأشرطة والأقراص الصوتية، وخدمات الحاسوب، والتجهيزات المساندة.

أهداف المجمع

يهدف المشروع إلى أن يكون مدينة طباعية متكاملة من خلال:

  • طباعة مصحف جامع باسم "مصحف المدينة النبوية" وفق المواصفات الدقيقة التي تفوق في إخراجها ودقتها وسلامتها جميع ما يصدر في العالم من طبعات المصحف الشريف، ويحظى بالعناية الكافية من التدقيق والضبط وحسن الطباعة.
  • إصدار ترجمات لتفسير معاني القرآن بمختلف اللغات، وهي ترجمات متفق على دقتها وسلامة ما تؤديه من معان.
  • إصدار مصاحف مرتلة على أشرطة التسجيل بصوت مشاهير القرّاء ليكون القرآن المعلم لكيفية تلاوة القرآن وتجويده.
  • أن تقتصر طباعة المصحف في هذا المجمع فقط، وعدم السماح بطباعة المصاحف في أي مطبعة تجارية داخل المملكة العربية السعودية، ومنع استيراد المصاحف من خارج المطبعة.
  • سد حاجة المملكة والعالم الإسلامي من إصدارات المجمع.

الطاقة الإنتاجية

على امتداد 38 عاما، وبميزانية سنوية تتجاوز 300 مليون ريال سعودي (نحو 80 مليون دولار)، أنتج المجمع ما يفوق 350 مليون نسخة للقرآن الكريم والإصدارات المختلفة، ونشر نحو 76 ترجمة بمختلف اللغات حتى عام 2021، وزع منها أكثر من 320 مليون نسخة هدية من المملكة للمسلمين في جميع دول العالم، كما أنه ينتج أكثر من 365 إصدارا، وفق آخر الإحصاءات الرسمية.

قبل إنشاء المجمع كان إنتاج المملكة من المصاحف المطبوعة يصل إلى نحو 9 ملايين نسخة عن طريق القطاع الخاص، وتضاعفت هذه الكمية بعد إنشاء المجمع إلى 18 مليون نسخة سنويا.

وأصدر المجمع عددًا من ترجمات معاني القرآن الكريم بمختلف اللغات، بلغ عددها (74) لغة، منها (39) لغة آسيوية، و(16) لغة أوروبية، و(19) لغة أفريقية، مترجمة ومراجعة من قِبَل الناطقين بلغاتها ممن لهم معرفة باللغة العربية، والعلوم الشرعية، ويتم توزيع تلك الإصدارات بين المسلمين في داخل المملكة وخارجها في مختلف أرجاء العالم.

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف King Fahd Complex for the Printing of the Holy Quran المصدر: الصفحة الرسمية للمجمع على مواقع التواصل الاجتماعي
نسخة إلكترونية من مصحف المدينة النبوية (مواقع التواصل)

يقدم المجمع حوالي 20 ألف نسخة من إنتاجه سنويا، كهدايا من خادم الحرمين الشريفين للحجاج عند مغادرتهم منافذ المملكة الجوية والبرية والبحرية.

ويتراوح حجم نسخ القرآن المتاحة في المجمع من حجم الجيب إلى النسخ الكبرى، ومؤخرا أطلق المجمع نسخة رقمية للمصحف تماشيا مع التطور الرقمي، كما أنشأ مصنعا متكاملا خاصا للأقراص المدمجة CD يشمل التصنيع، والطباعة، والتغليف، بطاقة إنتاجية قدرها 840 قرصا في الساعة، وأطلق 13 موقعا متخصصا للقرآن الكريم على شبكة الإنترنت بـ7 لغات عالمية.

وخطا المجمع خطوات أساسية لترجمة معاني القرآن الكريم إلى لغة الإشارة، لتكون الأولى من نوعها في العالم، إذ تم إنتاج حوالي 6 آلاف نسخة من المصحف للمكفوفين بطريقة (برايل).

يبلغ عدد العاملين في المجمع نحو 1460 شخصا من بينهم علماء دين وأساتذة جامعات وإداريون وفنيون، نسبة السعوديين منهم تصل إلى حوالي 87%، ويتابع المجمع تطوير مهاراتهم الفنية والإدارية لتتناسب مع احتياجاته.

مخطوطات حصرية

أصدر المجمع 5 مخطوطات خاصة به، كتبها خطاط المجمع وكاتب مصاحف المدينة النبوية منذ عام 1988 عثمان طه المكنى بأبي مروان، وخضعت هذه المخطوطات للمراجعة من قبل لجان علمية، اثنتان منها برواية حفص وواحدة بكل من رواية ورش، والدوري، وقالون.

تفننت ريشة أبي مروان (وهو خطاط سعودي من أصل سوري) في رسم وتوثيق آيات القرآن الكريم، حيث كتب بخط يده 4 مصاحف بجميع الروايات (حوالي 12 نسخة، كتابة النسخة الواحدة تستغرق 3 سنوات)، وطبع منها ما يزيد على 200 مليون نسخة.

إلى جانب أبي مروان، أبدعت ريشة عبد الله حنيف (وهو من أصل أفغاني)، الذي يعمل مزخرفا في المجمع، في رسم وتصوير زخارف المصاحف التي تمهر بالذهب على أغلفة النسخ العادية بتقنية التذهيب الحار، وعلى مصاحف النسخ الخاصة بتقنية التذهيب البارد.

ويساعد حنيف -الذي يعتبر أحد أهم فناني الزخرفة الإسلامية في العالم- فريق متكامل من فنيي الزخرفة المسلمين الذين تم انتقاؤهم بعناية.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية