"صبيح" وبناته الثلاث.. قصة صمود جبل في وجه المستوطنين

في ثمانينيات القرن الماضي بدأت محاولات الاستيطان على جبل صبيح التي باءت جميعها بالفشل إثر استبسال الأهالي في الدفاع عن أرضهم وتقديم الشهداء والأسرى.

نجح سكان بلدة "بيتا" أخيرا في طرد المستوطنين من فوق جبل صبيح بعد نضال طويل (الأناضول)

بين 3 قرى فلسطينية هي قبلان ويتما وبيتا، جنوب نابلس، يقع جبل صبيح الذي استولت إسرائيل على قمته عام 1967، وفر منه المستوطنون قبل أيام تمهيدا لإخلائه.

فبعد نحو 65 يوما من المقاومة والاستبسال نجح الأهالي في طرد المستوطنين الذين اعتلوا قمة الجبل في مايو/أيار 2021، وثبّتوا مؤقتا ما تسمى بمستوطنة "جفعات أفيتار".

جبل صبيح عبارة عن منطقة زراعية تعود ملكيتها لفلسطينيين من القرى الثلاث (قبلان ويتما وبيتا)، ويقع في حوض قبلان جنوب مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، وهو امتداد طبيعي لسلسلة الجبال الساحلية بالمدينة وضمن أعلى قممها حيث يبلغ ارتفاعه 570 مترا.

وتقدر أراضي جبل صبيح بـ820 دونما (الدونم يساوي ألف متر مربع)، 25% من مساحة الجبل تابعة لقرية بيتا، والـ75% الأخرى تابعة لقريتي قبلان ويتما.

على مدار سنوات شهدت المنطقة جولات وصولات من الكر والفر بين أهالي القرى الفلسطينية المحيطة بالجبل وبين المستوطنين، هدم الاحتلال خلالها العشرات من بيوت الفلسطينيين وأقدم على نفي آخرين.

بداية القصة

بدأت قصة جبل صبيح بعد حرب النكسة عام 1967 عندما سقطت أراضي الضفة الغربية في يد الاحتلال الإسرائيلي, وتم الاستيلاء على قمة الجبل وتسوية من 3 إلى 5 دونمات من مساحة الأراضي هناك لإقامة نقطة عسكرية.

وفي ثمانينيات القرن الماضي بدأت محاولات الاستيطان على الجبل التي باءت جميعها بالفشل إثر استبسال الأهالي في الدفاع عن أرضهم وتقديم شهداء وأسرى.

عام 1984، شقت تل أبيب طريق "عابر السامرة" وبعدها غادر الجنود النقطة العسكرية مع انتهاء العمل بالطريق، لكنهم عادوا مرة أخرى لاحتلال الجبل خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي اندلعت في 8 ديسمبر/كانون الأول 1987.

ومع انتهاء الانتفاضة أخليت النقطة، ليعاود جنود الاحتلال الاستيلاء على قمة الجبل خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي اندلعت في 28 سبتمبر/أيلول 2000.

عاطف دغلس-بين المنطقة التي يتظاهر عندها الفلسطينيون وبالمقابل جبل صبيح حيث البؤرة الاستيطانية- الضفة الغربية- نابلس-بيتا- الجزيرة نت2
المنطقة التي يتظاهر عندها الفلسطينيون وبالمقابل جبل صبيح حيث البؤرة الاستيطانية (الجزيرة نت)

في عام 2018 بدأ المستوطنون الإسرائيليون بالشروع في إقامة البؤرة الاستيطانية على الجبل، وأقاموا حينها 4 "كرفانات"، وأطلقوا عليها اسم "جفعات أفيتار".

انتصار الأهالي

مطلع مايو/أيار الماضي، عاد المستوطنون إلى الجبل ونجحوا بدعم من الجيش الإسرائيلي في تشييد بؤرتهم الاستيطانية المكونة من 40 وحدة سكنية تعيش فيها 50 أسرة، قبل أن ينجح الأهالي في طردهم منها بعد تنظيمهم عددا من المظاهرات وابتداعهم أساليب وطرائق لمقاومة الاحتلال والمستوطنين، مثل "الإرباك الليلي" ووحدات الكوشوك والخوازيق والليزر التي عملت جميعها على إقلاق راحة المستوطنين ومن يقومون بحمايتهم واضطرتهم في النهاية إلى التفكير في الرحيل.

ومع إصرار شبان القرى في الجبل، وخاصة أبناء قرية بيتا، على التصدي للمستوطنة رافعين شعار "سنزيلها خاوة" (بالقوة)، استشهد 5 منهم (4 من بيتا والخامس من قرية يتما) برصاص الجنود الإسرائيليين، إضافة إلى مئات الجرحى.

وفي 28 يونيو/حزيران 2021، وعبر مفاوضات سرية، تم التوصل إلى اتفاق تسوية بين وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس وقادة المستوطنين بشأن بؤرة "جفعات أفيتار"، حسبما كشف موقع "معاريف".

ووفق الاتفاق، يجب على المستوطنين ترك المكان وإقامة مدرسة دينية توراتية لتعليم الطلاب الذين يستعدون لدخول الخدمة العسكرية.

كما يتعين وفق اتفاق الإخلاء أن يتحرى الجيش الإسرائيلي خلال 6 أشهر عن "حقوق الملكية للأرض" تمهيدا لتثبيت المستوطنين، وهو ما يرفضه أهالي بيتا مؤكدين أن الجبل أراض خاصة وموثقة بأسماء أصحابها، وتؤكد ذلك سجلات محكمة نابلس في العهد العثماني.

المصدر : الجزيرة + ويكيبيديا