إيران أكدت قدرتها على إنتاج قضبان الوقود النووي.. ما حكايته؟

ظهر الحديث عن قضبان الوقود النووي لأول مرة في إيران قبل 9 سنوات، عندما أعلن التلفزيون الحكومي أن الرئيس محمود أحمدي نجاد قام بتحميل قضبان وقود نووي محلية الصنع في مفاعل أبحاث طبية في طهران.

مفاعل بوشهر النووي جنوبي إيران يحتاج إلى عشرات الأطنان من الوقود سنويا (غيتي)

طهران ـ عشية انطلاق الجولة الثامنة من المحادثات بين طهران والقوى العالمية حول الملف النووي الإيراني في فيينا، أعلن رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي أن بلاده قادرة على إنتاج قضبان الوقود النووي بهدف تزويد المفاعلات بالوقود.

ظهر الحديث عن قضبان الوقود النووي لأول مرة في إيران قبل 9 سنوات، عندما أعلن التلفزيون الحكومي أن الرئيس محمود أحمدي نجاد قام بتحميل قضبان وقود نووي محلية الصنع في مفاعل أبحاث طبية في طهران، ورأت فرنسا وقتها أن هذه الخطوة ستشكل مصدر قلق إضافي من طهران.

واعتبر التلفزيون الإيراني الذي نقل الاحتفال على الهواء مباشرة أن قيام نجاد بتحميل قضبان مخصبة بدرجة 20% في مفاعل طهران الطبي "علامة على إنجازات العلماء الإيرانيين".

ووفق مختصين، فإن قضبان الوقود النووي ستمكن من تشغيل المفاعل لإنتاج النظائر المشعة المستخدمة في علاج الأورام السرطانية، وهو ما يستفيد منه نصف مليون مصاب بالسرطان في إيران.

منشآت تخصيب اليورانيوم في إيران

ـ بدأ برنامج إيران النووي في فترة خمسينيات القرن الماضي بمساعدة من الولايات المتحدة كجزء من برنامج "الذرة من أجل السلام".

ـ عام 1958: أصبحت إيران عضوا في الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ـ عام 1967: شيد مفاعل طهران وهو مجهز بمفاعلات على شكل أحواض بقوة 5 ميغاوات، وكانت الأرجنتين تمد المفاعل في البداية بالوقود، ولكن توقفت عن ذلك خلال السنوات الأخيرة.

الجزيرة في قلب مفاعل طهران النووي
الجزيرة في قلب مفاعل طهران النووي (الجزيرة)

ـ عام 1967: كانت بداية الأنشطة النووية الإيرانية عندما باعت الولايات المتحدة مفاعل أبحاث نووية بقدرة 5 ميغاوات لجامعة طهران وكانت تشغل بوقود يورانيوم مخصب بنسبة 93% (والذي زودته الولايات المتحدة حتى عام 1979).

ـ عام 1968: وقعت معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية "إن بي تي" (NPT) وتم إنشاء منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في عام 1974.

ـ عام 2002: تم كشف النقاب عن منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم في مدينة أصفهان وسط إيران.

الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقول إن إيران بدات ضخ غاز اليورانيوم في أجهزة طرد مركزي جديدة في منشأة نطنز (الفرنسية)
منشأة نطنز في مدينة أصفهان وسط إيران (الفرنسية)

ـ بنيت منشأة نطنز على عمق 8 إلى 9 أمتار تحت الأرض وهي محاط بصفين من الجدران الخرسانية السميكة من أجل "سلامة الناس" وأيضا خوفا من "القصف المحتمل"، لكن الجزء الرئيسي من هذه المنشأة -وهو موقع أجهزة الطرد المركزي- يقع في عمق 30 إلى 40 مترا تحت الأرض.

ـ فبراير/شباط 2003: أعلن الرئيس الإيراني محمد خاتمي توفير الوقود النووي من قبل خبراء إيرانيين لمحطات الطاقة النووية الإيرانية.

ـ أبريل/نيسان 2006: أعلن محمود أحمدي نجاد رئيس إيران آنذاك بأن بلاده نجحت في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.5%.

ـ أبريل/نيسان 2007: أعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لأول مرة عن تركيب 3 آلاف جهاز طرد مركزي في منشأة نطنز.

ـ أكتوبر/تشرين الأول 2009: كان من المفترض أن تمد روسيا وفرنسا مفاعل طهران بالوقود، لكن أخفقت الصفقة وبدأت إيران في تصنيع الوقود بتخصيب اليورانيوم أولا إلى 20% ثم تحويله إلى قضبان وقود.

ـ فبراير/شباط 2012: أعلنت إيران بناء قضبان وقود نووي مخصب بنسبة 20% وتحميله في مفاعل أبحاث طهران.

ـ عام 2009: تم كشف النقاب عن منشأة "فوردو" التي أقيمت في قلب الجبال على عمق 90 مترا في قلب المنحدرات الصخرية شمالي إيران.

ـ يناير/كانون الثاني 2011: أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران بدأت في إنتاج اليورانيوم بنسبة 20% في منشأة فوردو للتخصيب.

قضبان الوقود النووي

ـ يُعد اليورانيوم المخصب مكونا أساسيا لتوليد الطاقة النووية للأغراض المدنية وكذلك إنتاج الأسلحة النووية.

ـ أغلب المحطات النووية تستخدم اليورانيوم المخصب (وربما استخدم البلوتونيوم) في شكل أقراص مضغوطة من ثاني أكسيد اليورانيوم، ومحفوظة في عصي أسطوانية الشكل مجوفة (طولها حوالي نصف متر) تسمى قضبان الوقود.

ـ لا يتجاوز وزن القرص الواحد 7 غرامات، ولكنه ينتج من الطاقة ما يعادل إنتاج 93.5 برميلا من النفط.

ـ اليورانيوم يوجد في الطبيعة على نظيرين ثقيل وزنه الذري 238 غراما ويشكل ما يناهز 99.3% من الخامات، وهذا النظير مستقر ولا يشارك في التفاعلات النووية.

ـ أما النظير الثاني ووزنه الذري 235 غراما فهو النادر الفعال، المطلوب في بقاع العالم، ولا بد من زيادة وتركيز نسبة هذا النظير في الوقود النووي لينتج تفاعلا. وهذه الزيادة والتركيز هي التي يعبر عنها بالتخصيب.

ـ ما يتم استخدامه كوقود نووي في المفاعلات ومحطات الطاقة النووية يمر عبر عملية تخصيب اليورانيوم، وأكثر أجهزة تخصيب اليورانيوم شيوعا هي جهاز يسمى "جهاز طرد مركزي".

ـ من الضروري تخصيب اليورانيوم بنسبة 3% على الأقل من أجل استخدام اليورانيوم كوقود في معظم أنواع محطات الطاقة النووية لتوليد الكهرباء، ويتم تخصيب خام اليورانيوم الذي يحتوي بشكل طبيعي على 0.7 من اليورانيوم بواسطة أجهزة الطرد المركزي بنسب متفاوتة.

ـ يتم تحويل اليورانيوم المخصب إلى أقراص يتم وضعها داخل قضبان وقود إلى أن يتم تركيبها في مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء.

ـ المفاعل النووي هو جهاز يتم فيه إجراء عملية الإنشطار النووي (انشقاق الذرة) بطريقة مدروسة، وتستخدم الطاقة الحرارية التي يتم الحصول عليها بهذه الطريقة لتبخير المياه وتدوير التوربينات البخارية للمولدات الكهربائية.

ـ حققت إيران حتى الآن تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، وما يجعل إمكانات التخصيب الإيرانية مثيرة للجدل ومقلقة لبعض الدول هو أنه إذا كان بإمكان أي دولة تخصيب اليورانيوم إلى حوالي 5%، فيمكنها التخصيب بدرجات أعلى بسهولة، كما يتم صنع أسلحة نووية باليورانيوم المخصب بنقاء 90%.

Groundbreaking ceremony of Bushehr Nuclear Power Plant
عمال إيرانيون خلال حفل وضع حجر الأساس لمحطة بوشهر للطاقة النووية الثانية نوفمبر 2019 (رويترز)

محطة بوشهر لتوليد الكهرباء

ـ تعتزم إيران استخدام وقود نووي محلي الصنع في محطة بوشهر (أول محطة للطاقة النووية في إيران لتوليد الكهرباء) التي تم تشغيلها في سبتمبر/أيلول 2011، بمشاركة شركة "روساتوم" (rosatom) الروسية، ويتم توفير الوقود اللازم لمحطة الكهرباء من قبل هذه الشركة وينقل مخلفات الوقود إلى روسيا أيضا.

ـ وافقت إيران ضمن الاتفاق النووي عام 2015 بخفض إنتاجها من اليورانيوم المخصب إلى 300 كيلوغرام بنسبة تخصيب أقل من 5% من اليورانيوم، وأن تنقل فائضها إلى الخارج، لكنها لم تستمر في ذلك بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق.

ـ تبلغ قدرة محطة بوشهر النووية لإنتاج الكهرباء ألف ميغاوات، وبلغت حصة توليد الكهرباء من الطاقة النووية في إيران العام الماضي حوالي 1.6% من إجمالي إنتاج الكهرباء في البلاد.

ـ وفق الرئيس السابق لهيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، فإن هدف طهران هو زيادة توليد الكهرباء من الطاقة النووية في البلاد من ألف ميغاوات إلى 20 و30 ألف ميغاوات.

الكمية وليست الجودة فقط

الدكتور أحمد شيرزاد الخبير النووي والنائب السابق في البرلمان الإيراني قال "في هذا النوع من القضايا ليست الجودة هي المحدد الوحيد والكمية مهمة أيضا، لأن مفاعل بوشهر يحتاج إلى عشرات من الأطنان من الوقود سنويا (حوالي 38 طنا في السنة) وإذا أردنا حقن 100 كيلوغرام من الوقود على سبيل المثال فهذا لا معنى له".

وأضاف شيرزاد -في حديثه مع الجزيرة نت- "إذا تمكنا من حقن عشرات الأطنان من الوقود، سيتم الانتهاء منه في غضون أشهر قليلة ونظرا لأن مواد اليورانيوم الخام لا يتم توريدها لإيران وموارد إيران محدودة للغاية، فمن الصعب على إيران استبدالها".

الدكتور أحمد شيرزاد الخبير النووي والنائب السابق في البرلمان الإيراني (مواقع التواصل)

النقطة الثانية وفق شيرزاد هي أن الغرب ليس لديه مشكلة في استخدام وقود إيراني الصنع في محطات الطاقة النووية، وبالعكس سيكون سعيدا للغاية، وما يواجهه الأعضاء المفاوضون في الاتفاق النووي هو أن إيران تحتفظ باليورانيوم المخصب، ويطالب الغرب إيران بعدم تخزين اليورانيوم المخصب.

دورة الإنتاج.. الاكتفاء الذاتي

وأضاف الدكتور مصطفى خوش جشم محلل الشؤون الدولية والسياسة الخارجية أن تصريحات المسؤولين عن الملف النووي في إيران تعني أن طهران ستستمر في ممارسة حقها في التخصيب المحلي تحت أي شكل من الأشكال، ودورة الوقود النووي للأغراض السلمية لن تتأثر بالمفاوضات.

محلل الشؤون الدولية والسياسة الخارجية الدكتور مصطفى خوش جشم (مواقع التواصل)

واستمر خوش جشم في حديثه للجزيرة نت بأن استخدام الوقود المحلي لمحطة بوشهر للطاقة يعني النمو والتوسع في إنتاج الوقود واستقرار دورة إنتاج الوقود والتخصيب بطريقة صناعية، وهذا يأتي ضمن حاجات بلدنا إلى بناء محطات جديدة للطاقة، واستخدام كميات أقل من الوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء.

وأشار خوش جشم إلى أن الروس هم المسؤولون عن إنتاج الوقود لمحطة بوشهر للطاقة لفترة زمنية معينة، ومن الطبيعي أن ترغب كل دولة في الاكتفاء الذاتي، لأن أي انقطاع أو توقف في هذا الصدد سيكون له عواقب كثيرة على صناعات البلاد والكهرباء.

المصدر : الجزيرة