المسار المعقد للخروج البريطاني من الاتحاد

Flags are arranged at the EU Commission headquarters ahead of a first full round of talks on Brexit, Britain's divorce terms from the European Union, in Brussels, Belgium July 17, 2017. REUTERS/Yves Herman

منذ إعلان البريطانيين في استفتاء 23 يونيو/حزيران 2016 رغبتهم في الخروج من الاتحاد الأوروبي، شهدت العلاقة بين بروكسل ولندن حالات من الشد والجذب والتصريحات والردود الساخنة، سبقت مفاوضات البريكست التي انطلقت في يونيو/حزيران 2017، وستستمر لعامين.

وبدأت المفاوضات
بدأت جولة أولى قبل نحو شهر، تلتها ثانية من مفاوضات بريكست في 17 يوليو/تموز 2017، بمقر المفوضية الأوروبية في بروكسل، مركزة -كما فرض الاتحادـ على "الخروج أولا" ثم تأتي المناقشات بشأن مستقبل العلاقات بين الطرفين، خاصة في ملفات التجارة.

وعشية المفاوضات، حذر وزير المالية البريطاني فيليب هاموند من عواقب خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي من دون التوصل لاتفاق، ونقلت عنه هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي أن عدم التوصل لاتفاق سيكون "نتيجة سيئة جدا جدا على بريطانيا"، غير أنه استدرك بقوله إن اتفاقا يهدف إلى "سحب شريان الحياة من اقتصادنا لفترة من الزمن سيكون أسوأ".

وتصر بروكسل على أن التفاوض بشأن قضايا مستقبلية لن يبدأ إلا بعد تحقيق "تقدم كاف" حول مواضيع ثلاثة أساسية مرتبطة بخروج بريطانيا من الاتحاد؛ هي كلفة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي التي تقدرها بروكسل بحوالي مئة مليار يورو (112 مليار دولار)، وحقوق قرابة ثلاثة ملايين من الرعايا الأوروبيين المقيمين في بريطانيا ومليون بريطاني مقيمين على أراضي دول الاتحاد، ومسألة الحدود بين إيرلندا الشمالية (أراضي بريطانيا) وجمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي.

وكانت الحكومة البريطانية قد ربحت في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 التحدي القانوني بشأن حقها في اللجوء إلى الفصل 50 من اتفاقية الاتحاد الأوروبي بدون العودة للبرلمان.

الخطوات والآلية
في 29 مارس/آذار 2017 أعلنت الحكومة البريطانية اللجوء إلى المادة 50 من معاهدة لشبونة لبدء مفاوضات الخروج من الاتحاد.

وقد تسلم رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك الأربعاء 29 مارس/آذار 2017 رسالة من رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تطلب فيها رسميا تفعيل المادة الخمسين من معاهدة لشبونة المنظمة لانسحاب أي دولة عضو من الاتحاد الأوروبي.

ونصت معاهدات الاتحاد الأوروبي على آلية قانونية تنظم انسحاب أعضائه منه، وأدرجتها في "بند الانسحاب" من المادة 50 في "معاهدة لشبونة" التي وقع عليها قادة الاتحاد الأوروبي يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول 2007 بالعاصمة البرتغالية لشبونة، ودخلت حيز التنفيذ يوم 1 ديسمبر/كانون الأول 2009.

وتحدد "المادة 50" من معاهدة لشبونة سبل انسحاب إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي طوعيا ومن طرف واحد "وفقا للمتطلبات الدستورية الخاصة بها". وهو حق للأعضاء لا يتطلب استخدامه تقديم أي تبرير له، كما هو حال بريطانيا التي قررت -بناء على استفتاء شعبي نظمته يوم 23 يونيو/حزيران 2016- الانسحاب من الاتحاد.

وينتظر أن تنتهي المفاوضات إلى اتفاق محدد، سيحال على المجلس الأوروبي (27 عضوا) للمصادقة عليه، ويحتاج الاتفاق لموافقة 20 دولة على الأقل، تليها مرحلة نهائية لمصادقة البرلمان الأوروبي.

وإذا مرت سنتان ولم تصل المفاوضات إلى اتفاق نهائي فبالإمكان تمديد المدة، لكن بشرط موافقة جميع الأعضاء، وإلا فلا تمديد، بل توقف عن تطبيق اتفاقيات الاتحاد الأوروبي على المملكة المتحدة.

وفي هذه المرحلة بالضبط تكون بريطانيا قد خرجت عمليا من حضن الاتحاد بحلول نهاية مارس/آذار 2019.

مفاوضات معقدة
اتضح للجميع أن البريكست لن يكون تلك الخطوة السهلة، وذلك بسبب مسار الخروج المعقد من الاتحاد، وكثرة الاتفاقيات والقوانين المنظمة لعمل المنظومة الأوروبية، وكثرة الأعضاء، واحتمال أن تلجأ بعض الدول لتنظيم استفتاءات شعبية قبل الموافقة على الاتفاق.

تيريزا ماي حرصت من جهتها على أن تؤكد أن انتهاء مدة المفاوضات من دون التوصل إلى اتفاق يبقى أفضل من أن توقع لندن على اتفاق لا يلبي المطامح البريطانية، وأبرزت أنه في تلك الحالة ستضطر البلاد للتعامل وفق قوانين منظمة التجارة العالمية.

على عكس ذلك، يرى حزب العمال أن الحكومة يجب أن تعمل بكل السبل للوصول إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي، وأن تفهم أن الانتهاء من المفاوضات من دون التوصل إلى اتفاق "ليس خيارا واردا".

ويريد الأوروبيون أن يتم التفاوض مع بريطانيا لإبرام اتفاقين منفصلين؛ الأول هو اتفاق الانفصال الذي يوضح كيفية الانفصال وتبعاته، والثاني هو اتفاق العلاقات المستقبلية بعد الانفصال، وهو يشمل العديد من المجالات السياسية والقانونية والاقتصادية والأمنية وغيرها.

ويقول الأوروبيون إنهم يريدون أن يستهلوا المفاوضات بموضوع تكلفة خروج بريطانيا المقدرة بمئة مليار يورو، وتمثل الالتزامات التي قطعتها لندن في إطار الموازنة الأوروبية حتى عام 2020.

وقال كبير مفاوضي الاتحاد في ملف بريكست ميشال بارنييه إن الأمر يتعلق بتصفية الحسابات لا أكثر ولا أقل، لكن وزير المالية البريطاني فيليب هاموند قال إن حكومة بلاده لا تعترف بالمبالغ الضخمة التي تتداول في بروكسل.

المصدر : الجزيرة + وكالات