مخيم البقعة.. أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين

A palestinian woman looks at a picture of Palestinian childrens at Baqa'a camp dated 1970, as she visits the exhibition 'The Long Journey' organised by the United Nations Relief and Works Agency (UNRWA) at the Al-Mamal Center in the Old City of Jerusalem, 02 December 2013. The exhibition features photographs and videos of Palestinians refugees from the past 60 years.
صورة لأطفال يلعبون بمخيم البقعة أخذت عام 1970 (الأوروبية)

مخيم البقعة هو مخيم للاجئين الفلسطينيين في الأردن؛ وهو أكبر مخيماتهم على الإطلاق خارج فلسطين، أقيم بعد حرب النكسة عام 1967. ورغم ذلك فقد تحول إلى قصة نجاح للكثير من أبنائه الذين تقلدوا مناصب سياسية بالأردن وحققوا إنجازات أكاديمية وعلمية بارزة.

الموقع
يقع مخيم البقعة شمال غرب العاصمة الأردنية عمان على بعد 22 كلم منها، ويخضع إداريا لسلطة بلدية عين الباشا التابعة لمحافظة البلقاء. وهو أحد مخيمات اللجوء الستة التي أقيمت في الأردن لإيواء اللاجئين والنازحين الفلسطينيين عقب حرب عام 1967، وسبقتها هناك أربعة مخيمات كانت قائمة منذ وقوع النكبة عام 1948 (يوجد في الأردن 13 مخيما فلسطينيا).

جُهز المخيم عام 1968 بخمسة آلاف خيمة خصصت لإيواء 26 ألف شخص على مساحة لا تزيد على 1.5 كلم مربع، ثم تحولت هذه الخيم -وفق سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)- بين عاميْ 1969 و1971 إلى ثمانية آلاف مسكن جاهز لحماية سكانه من ظروف الشتاء القاسية، وبمرور الزمن بات المخيم تجمعا مكتظا بعشرات الآلاف من المساكن الإسمنتية.

السكان
يبلغ عدد سكان مخيم البقعة -حسب بيانات مركز العودة الفلسطيني- نحو 120 ألف نسمة موزعين على نحو ‏13800 أسرة، لكن سجلات وكالة الأونروا الأممية تتحدث عن 104 آلاف لاجئ في المخيم. وتصل نسبة من أعمارهم دون الثلاثين إلى 70% من سكان المخيم.

وقد تعرضت أغلبية اللاجئين في المخيم للجوء مرتين، الأولى إثر نكبة 1948 حين لجؤوا إلى مخيمات داخل الضفة الغربية أو على حدود الأردن مع فلسطين، والثانية بعد نكسة 1967 عندما جاؤوا إلى مخيم البقعة.

ولذلك فإن اللاجئين في المخيم موزعون -إلى حد كبير- وفق مكان لجوئهم الأول، فهناك منطقة الكرامة (كبرى مناطق المخيم) للاجئين الذين سكنوا خلال 1948-1968 بمخيم الكرامة على الحدود الأردنية الفلسطينية في الغور، ومناطق الخليل ونابلس والقدس موزعة وفق المحافظة التي هُجّر منها اللاجئ في فلسطين بعد احتلال الضفة الغربية 1967.

التاريخ
أقيمت للاجئين والنازحين الفلسطينيين مخيمات مؤقتة في منطقة وادي الأردن ما بين يونيو/حزيران 1967 وفبراير/شباط 1968، وعندما تصاعدت العمليات العسكرية في هذه المنطقة بين المقاتلين الفلسطينيين وإسرائيل نقل اللاجئون إلى مناطق أخرى آمنة كان من بينها مخيم البقعة.

تقدم وكالة الأونروا مجموعة من الخدمات العامة لسكان مخيم البقعة في مجالات التعليم والصحة والإغاثة والخدمات الاجتماعية؛ فقد أقامت فيه 16 مدرسة (تضم 27 ألف طالب)، ومركزين صحيين (يعمل فيهما 12 طبيبا إضافة إلى طبيب أسنان واحد وحوالي 57 ممرضة وقابلة قانونية)، ومركزا لتوزيع الأغذية، ومركزا لإعادة التأهيل المجتمعي، ومركزا لبرامج المرأة ساهم في رفع كفاءة المرأة عبر التثقيف في عدة مجالات كالصحة وتربية الأطفال.

وحسب الوكالة -التي أعلنت مرات تقليص خدماتها في المخيمات بسبب نقص التمويل- فإن المخيم يعاني جملة من المشاكل في طليعتها الفقر وتراجع التعليم وارتفاع نسبة البطالة والنظافة العامة.

ويشتكي السكان من أن الخدمات المقدمة في عيادات الأونروا ليست بالمستوى المطلوب، وينتقدون عدم توفر أغلبية أصناف الأدوية فيها مما يضطرهم لشراء الأدوية من الصيدليات الخاصة بتكاليف لا يطيقونها ماديا، خاصة أن نسبة البطالة في المخيم تصل إلى 26% (إحصائيات عام 2010).‏

تشرف على إدارة شؤون المخيم لجنة تسمى "لجنة خدمات مخيم البقعة" تابعة لدائرة الشؤون الفلسطينية بالتعاون مع "متصرفية عين الباشا" المسؤولة إداريا عن منطقة المخيم. وتوجد فيه عشرات الجمعيات والمؤسسات المجتمعية الطوعية والتنظيمات السياسية والفكرية والدعوية.

ويُنسب إلى المخيم "نادي البقعة" الذي يعتبر من أكبر الأندية الرياضية في الأردن، إضافة إلى كونه ناديا اجتماعيا وثقافيا، ويهتم أيضا بالفتيان الأيتام في المخيم عبر لجنة شكلها لرعايتهم وتقديم البرامج الثقافية والوطنية والمساعدات العينية لهم.

ورغم أوضاع اللجوء السيئة بطبيعتها؛ فإن أبناء مخيم البقعة يتميزون بالتفوق الأكاديمي، إذ يحصل طلابه في الجامعات الأردنية على أعلى النسب في الطب والتمريض والهندسة وتربية الطفل. كما تقلد كثير من أبنائه مناصب سياسية وأكاديمية بارزة في الأردن.

يعيش سكان المخيم يوميا مأساة فلسطين التي جاءت بهم إليه، ويتفاعلون باستمرار مع ما يمر به الداخل الفلسطيني من مآس ومعاناة على يد الاحتلال الإسرائيلي، فيسيّرون مظاهرات الاحتجاج والتضامن معهم.

وقد شهد المخيم منذ إنشائه أحداثا أمنية عديدة؛ فخلال أحداث ما عُرف إعلاميا بـ"أيلول الأسود" عام 1970 بين الجيش الأردني والفدائيين الفلسطينيين قصفه الجيش بالمدفعية الثقيلة ثم أخضعه لسيطرته، واعتقل نحو أربعمئة من الفدائيين الذين كانوا داخله بعد أن أطبق عليهم الحصار.

وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول 2004 جُرح ثلاثة أشخاص أحدهم من رجال الأمن واعتقل ستة آخرون في اشتباكات جرت بين الشرطة الأردنية ومتظاهرين في المخيم خرجوا للاحتجاج على الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة.

وفي عام 2009 تعرض مقر المخابرات العامة الأردنية في منطقة البقعة لمحاولة هجوم فاشلة، وقالت السلطات الأردنية يومها إن المتهمين -الذين أحالتهم إلى محكمة أمن الدولة- من مؤيدي تنظيم القاعدة.

وفي 22 أبريل/نيسان 2011 حاصرت القوات الأمنية الأردنية المخيم ودققت في هويات الداخلين إليه والخارجين منه، ونفذت حملة دهم لمجموعة من البيوت فاعتقلت أحد قادة تيار "السلفية الجهادية" يدعى الشيخ رشاد اشتيوي والعديد من أنصار التيار، ثم أطلقت سراحهم لاحقا.

وفي صباح يوم 6 يونيو/حزيران 2016 صار مخيم البقعة حديث الساعة على إثر هجوم تعرض له مقر المخابرات العامة، مما أدى إلى مقتل خمسة من عناصر المخابرات هم ثلاثة ضباط صف وخفير ومأمور مقسم دائرة، وقد لجأت السلطات الأمنية إلى الكاميرات المثبتة في شوارع المنطقة للبحث عن خيط يوصل إلى منفذي الهجوم.

المصدر : الجزيرة