دوغلاس نورث

صورة للاقتصادي الأميركي دوغلاس نورث douglas north - الموسوعة

دوغلاس نورث اقتصادي وأكاديمي أميركي، حائز على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1993 تكريما لإسهاماته النظرية في مجال التاريخ الاقتصادي، ويُعَدُّ أحد أهم الاقتصاديين المُنتسِبين إلى التيار المؤسسي داخل علم الاقتصاد.

المولد والنشأة
ولد دوغلاس نورث يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني 1920 في مدينة كامبريدج الواقعة بولاية ماساتشوتس الأميركية.

الدراسة والتكوين
حصل نورث على الإجازة في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة كاليفورنيا بيركلي عام 1942، ثم حصل على الدكتوراه من الجامعة نفسها عام 1952، وأنجز أطروحته حول تاريخ التأمين على الحياة في الولايات المتحدة.

التوجه الفكري
آمن نورث في بداية مساره الأكاديمي بضرورة توظيف النظرية الاقتصادية الكلاسيكية الجديدة واعتماد التقنيات القياسية والإحصائية من أجل فهم أمثل للتاريخ الاقتصادي، لكنه مع مرور السنين وصل إلى قناعة بأن هذه النظرية عاجزة عن تفسير ظاهرة النمو الاقتصادي، ووقف على مسافة منها مراجعا بعض مسلماتها مثل عقلانية الأفراد، ومفضلا استثمار العلوم الاجتماعية لفهم كيفية ظهور وتطور المؤسسات المحفزة للنمو داخل مجتمعات بعينها، وتفسير السبب في بقاء مؤسسات غير فعالة ومثبطة داخل مجتمعات أخرى.

الوظائف والمسؤوليات
عمل نورث أستاذا للاقتصاد بعدة جامعات أميركية، حيث دَرَّس في جامعة واشنطن بمدينة سياتل (ولاية واشنطن) بين عامي 1950 و1983، ليغادر بعدها صوب جامعة واشنطن في مدينة سانت لويس (ولاية ميسوري).

كما تقلد عدة مناصب في مؤسسات بحثية أميركية بالموازاة مع عمله الأكاديمي، فشغل منصب مدير في معهد الأبحاث الاقتصادية بين عامي 1961 و1966، ثم عمل مديرا للمكتب القومي للأبحاث الاقتصادية بين عامي 1967 و1987. وفي العام 1987، انتُخب دوغلاس نورث عضوا في الأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم.

كما عمل نورث في عدة مهمات استشارية لصالح العديد من الحكومات عبر العالم.

التجربة الفكرية
يُعَدُّ نورث أحد أهم الاقتصاديين المُنتسِبين إلى التيار المؤسسي داخل علم الاقتصاد، وقد تركزت معظم أبحاثه النظرية حول أهمية المؤسسات في عملية التنمية الاقتصادية، وجعلها في صميم اهتمامات التحليل الاقتصادي. كما شدد على إعطاء الأولوية للتغيير المؤسسي في أي إستراتيجية تنموية باعتباره محددا هاما يفسر أداء الاقتصادات.

ويُعَرِّف نورث المؤسسات على أنها القيود التي صممها الإنسان وتؤطر التفاعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي بين الناس. ويميز بين المؤسسات الرسمية من جهة (الدساتير والقوانين وحقوق الملكية…)، والمؤسسات غير الرسمية من جهة أخرى (الأعراف والتقاليد وقواعد السلوك ومنظومة الأفكار والتَمَثُّلات والقيم…).

ويؤكد أن هذه المؤسسات هي التي تمنح لكل اقتصاد بنية الحوافز الخاصة به، وأن تطور هذه البنية هو الذي يحدد وجهة التغيير الاقتصادي صوب النمو أو الركود أو التراجع.

انطلق نورث من قراءة التاريخ الاقتصادي للغرب والولايات المتحدة خصوصا للاستدلال على هذا الافتراض، والوقوف على الدور الذي لعبه بروز بعض المؤسسات في التطور الاقتصادي للبلدان الغربية.

ويرى في هذا الإطار أن التطور التقني الذي شهدته المجتمعات الغربية عقب الثورة الصناعية لم يكن لوحده كافيا للدفع بعجلة التنمية الاقتصادية إلى الأمام عبر ازدهار اقتصاد السوق كما حصل في هذه المجتمعات، وإنما تطلب الأمر توفر بعض المؤسسات القانونية والاجتماعية مثل حقوق الملكية.

ويشرح نورث على سبيل المثال أن مشروع السكة الحديدية العابرة للقارة داخل الولايات المتحدة لم يعرف النجاح إلا بعد أن قررت الحكومة الأميركية منح الشركات جزءا من الأرض المحيطة بخطوط السكة كتحفيز لدفعها إلى الانخراط في هذا المشروع، إذ إن مرور القطار بهذه الأراضي أدى إلى تثمينها، وعرفت الشركات أنها ستحقق أرباحا مهمة من وراء ذلك. وساهم ذلك في مراكمة الرساميل الضرورية لإنجاز مثل هذه المشاريع الضخمة.

وقد خصص نورث كتابه "صعود العالم الغربي.. تاريخ اقتصادي جديد" الذي نُشر عام 1973 لنظريته هذه حول التغيير المؤسسي، وبيّن من خلال رصده للتاريخ الاقتصادي للغرب علاقة المؤسسات بالنمو الاقتصادي، وساعد في فهم تحول المجتمعات الأوروبية من الإقطاعية إلى الرأسمالية، والتطور الاستثنائي الذي حصل في إنجلترا مع بداية القرن الـ17.

وبذلك وقف نورث على مسافة من النظرية الكلاسيكية الجديدة السائدة، موضحا أن النمو الاقتصادي -خلافا لما تقرره هذه النظرية- ليس ثمرة لتضافر مجموعة من العوامل الاقتصادية الخالصة فقط، ولكنه يرتبط ارتباطا وثيقا بالسيرورة التاريخية لكل بلد.

المؤلفات
أَلَّف دوغلاس نورث العديد من الكتب في مجال التاريخ الاقتصادي ونشر عشرات المقالات الأكاديمية في هذا المجال.

ومن أهم كتب نورث "النمو الاقتصادي للولايات المتحدة (1790-1860)" (عام 1961)، و"التغيير المؤسسي والنمو الاقتصادي الأميركي" (1971)، واشترك في تأليفه مع الاقتصادي لانس ديفس.

كما ألف نورث "صعود العالم الغربي.. تاريخ اقتصادي جديد" (1973) برفقة روبرت طوماس، و"البنية والتغيير في التاريخ الاقتصادي" (1981)، و"المؤسسات والتغيير المؤسسي والكفاءة الاقتصادية" (1990)، و"فهم عملية التغيير الاقتصادي" (2005).

الجوائز والأوسمة
حصل دوغلاس نورث على جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 1993 مناصفة مع الاقتصادي روبرت فوغل تكريما لإسهاماتهما النظرية في مجال التاريخ الاقتصادي، وأبحاثهما السباقة إلى تطبيق النظرية الاقتصادية والتقنيات الإحصائية على التاريخ الاقتصادي، وتأسيسهما بذلك لما يعرف بالتاريخ الاقتصادي الجديد.

الوفاة
توفي دوغلاس نورث يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 في بنزونيا بولاية ميشيغان عن عمر ناهز 95 عاما.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية