المسجد الأقصى.. مخطط اليهود لتقسيمه زمانيا ومكانيا
التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى فكرة طرحها اليمين الإسرائيلي بقيادة حزب الليكود تمهيدا لتهويد المسجد، من خلال تكريس سياسة اقتحامه والاعتداء على المرابطين داخله.
المخطط اليهودي يشمل فرض تقسيم ساحات الأقصى زمانيا بين الفلسطينيين والمحتلين الإسرائيليين في غير أوقات الصلاة في إطار مرحلة أولية يتبعها تقسيم مكاني، ثم السيطرة الكاملة عليه لاحقا، وتغيير هويته ببناء ما يسميه الاحتلال الإسرائيلي "الهيكل الثالث" مكان قبة الصخرة.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsمساعي الاحتلال لتقسيم الأقصى
كيف تسعى إسرائيل لتقسيم الأقصى زمانيا ومكانيا؟
السيناريو الإسرائيلي لتقسيم الأقصى
التقسيم الزماني
ـ المشروع الذي يهدف إلى تقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين وإسرائيل يحمل شقّين هما: التقسيم الزماني والتقسيم المكاني، وكانت إسرائيل قد بدأتهما بشكل عملي بالفعل.
ـ التقسيم الزماني يعني تخصيص أوقات معينة لدخول المسلمين المسجد الأقصى وأخرى لدخول اليهود، ويستهدف اقتسام ساعات اليوم وأيام الأسبوع والسنة بين اليهود والمسلمين.
ـ يرى الجانب الإسرائيلي أنه يتوجّب على المسلمين مغادرة الأقصى من الساعة 07:30 حتى 11:00 صباحا، وفي فترة الظهيرة من الساعة 1:30 حتى 2:30، وفترة ثالثة بعد العصر، لتخصيص هذه الأوقات لليهود بحجّة أنه لا صلاة للمسلمين في هذه الأوقات ليتمّ السماح لليهود بأداء 3 صلوات في اليوم داخله.
ـ كما يتمّ تخصيص المسجد الأقصى لليهود خلال أعيادهم، التي يقارب مجموع عدد أيامها نحو 100 يوم في السنة، إضافة إلى أيام السبت التي تخصّص لليهود أي نحو 50 يوما، مما يجعل مجموع الأيام المخصصة لليهود هو 150 يوما في السنة، كما يحظر رفع الأذان خلال الأعياد اليهودية.
التقسيم المكاني
ـ التقسيم المكاني يعني تخصيص أماكن بعينها في المسجد الأقصى بكامل مساحته البالغة 144 دونما، لكلٍ من الطرفين، إذ يهدف إلى تخصيص أجزاء ومساحات من المسجد الأقصى يقتطعها الكيان الإسرائيلي ليحوّلوها لكنائس يهودية لأداء صلواتهم فيها.
ـ قام الاحتلال خلال الفترات السابقة بتحديد طرق ومسارات خاصة باليهود للتمهيد للتقسيم المكاني، الذي يشمل كذلك بسط السيطرة بالقوة على جميع الساحات الخارجية للمسجد الأقصى.
ـ الأماكن المسقوفة مثل مصلّى قبة الصخرة والمصلى المرواني مخصصة للمسلمين، ويشمل هذا التقسيم مخطّطات لبناء الكنيس اليهودي والهيكل.
وثيقة وخارطة
ـ 22 أكتوبر/تشرين الأول 2013: كشفت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث عبر وثيقة وخارطة "لقونَنة" تقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا بكامل تفاصيلها، أعدها ناشطون من حزب الليكود يُطلقون على أنفسهم اسم "منهيجوت يهوديت" (أو قيادة يهودية)، يتزعّمهم موشيه فيجلين نائب رئيس الكنيست آنذاك.
ـ يحمل المُقترح المرفق بخارطة اسم "مشروع قانون ونُظم للمحافظة على جبل الهيكل مكانا مقدّسا"، ويُحدّد بأن الجامع القبلي المسقوف هو فقط المسجد الأقصى (وفيه فقط تؤدّى الصلوات الإسلامية)، ويقتطع منه الجزء الموجود في أقصى الجهة الجنوبية خلف المحراب الجنوبي "منطقة الزاوية الخنثنية".
ـ يحدّد المقترَح بأن كامل مساحة صحن قبّة الصخرة والجهة الشرقية منه مقدّس يهودي خالص، ويجعل خُمس مساحة المسجد مساحه للصّلوات اليهودية بالأدوات المقدّسة أحيانا فردية وأخرى جماعية.
ـ يُحدّد أوقات الصلوات اليهودية الصامتة فيها، مع إمكانية زيادة الأوقات والمساحات التي تمكّن اليهود من أداء صلواتهم، خاصة أيام الجمعة والسبت والأعياد والمواسم اليهودية، وإمكانية اقتحام ودخول اليهود للمسجد الأقصى من جميع الأبواب وفي جميع الأوقات.
ـ يجعل المقترَح من صلاحية المفوّض أن يحدّد أوقات ومساحات في المسجد الأقصى لدخول اليهود فقط، كما يتضمّن جملة من المحظورات والممنوعات من أعمال الترميم والصيانة للمسجد الأقصى إلا بإذن من المُفوّض، ويمنع الاعتكاف في المسجد الأقصى.
الصلوات اليهودية
ـ حسب مؤسسة الأقصى، فإن المقترَح الصهيوني يُفصّل توزيع الأوقات، والكيفية التي ستخصّص للصلوات اليهودية على النحو التالي:
– الصلوات الفردية: يقوم بها فرد واحد فقط بصوت منخفضٍ يُسمع نفسه بشفتيه من دون أن يحمل الكتب والأدوات المقدّسة.
– تقام كل صباح بعد فتح أبواب المسجد لليهود لأداء صلاة الافتتاح الصباحية (شحاريت)، ولمدّة ساعة كاملة يوميا في ساعات بعد الظهر قبل إغلاق الجبل لأداء صلاة الإغلاق (منحه).
ـ الصلوات الجماعية: صلوات لعشرة أفراد أو أكثر.
ـ يُسمح خلالها باستعمال التوراة والكتب والأدوات المقدسة أيام الاثنين والخميس والسبت من كل أسبوع، واليوم الأول من كل شهر عبري، وفي الأعياد والمواسم اليهودية.
ـ تُقام الصلوات الجماعية يوميًا لمدة ساعة بعد الافتتاح (شحاريت)، ونصف ساعة قبل الإغلاق (منحه) في أيام السّبت والمواسم، وتخصّص ساعتان ونصف الساعة للصلاة الصباحية الجماعية، أما في رأس السنة العبرية ويوم الغفران فتخصّص 4 ساعات للصلاة الصباحية الجماعية، وتخصّص ساعتان ونصف الساعة يوم الغفران لصلاة (منحه) في المساحة المخصّصة.
ـ يسمح بنصب مؤقت لصفائح وخيم وكراسٍ وطاولات لقراءة التوراة والخزانة المقدّسة الملفوفة.
ـ خلال أوقات الصلاة أو بمحاذاتها لا يسمَح بأيّ نشاط معارض يهدّد سلامة الموجودين في الموقع.
ـ المواسم الإسرائيلية: الأيام التي توافق فيها الأعياد ومواسم الصيام لدى اليهود.
ـ يقوم وزير الأديان بتخصيص مسؤول عن تنفيذ البنود المذكورة مع إمكانية إضافة موظفين حسب الحاجة، بالتنسيق مع الجهات المختصّة.
السياق التاريخي
ـ يونيو/حزيران 1967: بدأت إجراءات الاحتلال الفعلية لتقسيم المسجد الأقصى مع سقوط الجزء الشرقي من مدينة القدس في قبضة الاحتلال، إذ هدم جيش الاحتلال حينها حي المغاربة الملاصق لحائط البراق في الجهة الغربية من المسجد الأقصى، واستولى على باب المغاربة بدواع أمنية جاعلا منه مدخلا للجنود والمستوطنين إلى ساحات المسجد.
ـ عام 1969: أضرم متطرف مسيحي أسترالي النار في المسجد الأقصى، واعتقله الإسرائيليون بزعم أنه يعاني من مرض عقلي، وتم ترحيله بعد سنوات.
ـ بدأ الاحتلال منذ ذلك الوقت حفرياته تحت المسجد الأقصى بزعم البحث عن آثار الهيكل الثاني، وقد تطورت هذه الحفريات عبر 10 مراحل مختلفة حتى عام 2000.
ـ اقتحم آنذاك الجنرال الإسرائيلي مردخاي جور المسجد مع جنوده، ورفع العلم الإسرائيلي على قبة الصخرة، وحرق المصاحف ومنع الصلاة فيه، كما صادر مفاتيح أبواب المسجد وأغلقه أسبوعا كاملا، حيث مُنعت فيه الصلاة ولم يرفع فيه الأذان.
ـ أعيدت المفاتيح إلى الأوقاف الأردنية التي تولت شؤون المسجد، باستثناء مفتاح باب المغاربة المخصص حاليا لاقتحامات المستوطنين.
ـ منذ تولي الأردن إدارة الأوقاف وشؤون المسجد الأقصى، حددت المملكة فترتين: صباحية بين الساعة 7:30 و10، وأخرى مسائية بين الواحدة والثانية ظهرا، لدخول السياح الأجانب إلى المسجد.
ـ عام 1976: قررت قاضية في المحكمة المركزية الإسرائيلية أن لليهود الحق في الصلاة داخل الحرم.
ـ عام 1981: اقتحم أفراد من حركة "أمناء جبل الهيكل" المسجد الأقصى برفقة حاخامات، وأرادوا الصلاة وهم يرفعون العلم الإسرائيلي ويحملون كتب التوراة.
ـ عام 1986: عقد عدد من الحاخامات اجتماعًا خاصا قرروا فيه بصورة نهائية السماح لليهود بأداء الطقوس في المسجد الأقصى.
ـ عام 1989: سمحت الشرطة الإسرائيلية رسميا -وللمرة الأولى- بإقامة صلوات للمتدينين اليهود على أبوابه.
ـ عام 1990: أمر الحاخام لوبافيتشير مناحم شنيرسون أتباعه بإقامة احتفالات في الحرم، وفي هذه الأثناء كانت جماعة "مؤمنو جبل الهيكل"، التي أسسها غيرشون سالومون عام 1967، تخطط لوضع حجر الأساس لبناء "الهيكل الثالث" على أرض الحرم الشريف.
ـ تظاهر الفلسطينيون ضد مخططات "المؤمنون بجبل الهيكل"، وقتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 20 محتجا فلسطينيا وأصابت أكثر من 150.
انتفاضة الأقصى
ـ سبتمبر/أيلول 2000: بعد اندلاع انتفاضة الأقصى، التي أطلق شرارتها اقتحام زعيم حزب الليكود آنذاك أرييل شارون المسجد، أصبحت إسرائيل تتحكم منفردة في حركة الدخول والخروج ضمن الوقتين المذكورين، وشرعت في إدخال مجموعات من المستوطنين إلى المسجد بحراسة أمنية.
ـ وبينما أصرت إسرائيل على استمرار اقتحامات المستوطنين، رغب الأردن في العودة إلى ما كانت عليه الحال قبل عام 2000، لكن اقتحامات المستوطنين لم تتوقف عند السير في مسالك محددة ومغادرة باحات الأقصى.
ـ تطور الأمر إلى اقتحامات واعتداءات للجيش طالت المصلى القبلي، فضلا عن تشريعات وفتاوى ضد الفلسطينيين ممن يحاولون منع اقتحامات المستوطنين.
ـ بدأت الحكومة الإسرائيلية السماح لما لا يزيد عن 3 يهود متدينين بزيارة الحرم في وقت واحد.
ـ عام 2003: زادت إسرائيل هذا العدد على نحو مضطرد إلى أكثر من 50، وهي تفعل ذلك من دون موافقة سلطات الأوقاف الإسلامية.
ـ عام 2009: قام وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي إسحاق أهارونفيتش، من حزب إسرائيل بيتنا اليميني، بزيارة أخرى للحرم.
لجنة خاصة
ـ يونيو/حزيران 2013: عقدت جمعية "عير عميم" أو (مدينة الشعوب)، بالتعاون مع "مركز حماية الديمقراطية" في إسرائيل مؤتمرًا يهوديًا في مدينة القدس أجمع فيه المتحدّثون على "حقّهم" في الصلاة في المسجد الأقصى.
ـ اقترح أحد الحاخامات البارزين إنشاء لجنة خاصة تبحث في سبل وطرق ووسائل التقسيم الزماني والمكاني للحرم القدسي الشريف بين المسلمين واليهود، على غرار الوضع في المسجد الإبراهيمي في الخليل، وحينها قال رئيس صندوق "إرث الهيكل" يهودا غليك في مُداخلة له "إن الوضع في جبل الهيكل خطير للغاية ويحتاج إلى نهضة يهودية من أجل إثبات الوجود الإسرائيلي فيه".
ـ عام 2014: قدم نواب متطرفون للكنيست مشروعين بقانونين: الأول لسحب الوصاية الأردنية على المقدسات الإسلامية، والثاني يتعلق بالتقسيم الزماني والمكاني للمسجد.
منحى جديد
ـ 30 أكتوبر/تشرين الأول 2014: أخذ التقسيم منحى جديدا، حيث أغلقت قوات الاحتلال -لأول مرة منذ عام 1967- بوابات المسجد الأقصى تماما أمام المصلين، بما في ذلك العاملون فيه.
ـ 17 سبتمبر/أيلول 2015: أصدرت إسرائيل قانونًا اعتبرت فيه المرابطين في المسجد الشريف "إرهابيين" ويحاكمون في محاكمها بهذه التهمة.
ـ عام 2015: فرضت إسرائيل قيودا حالت دون دخول النساء إلى المسجد في الفترات المخصصة لاقتحامات المستوطنين، فضلا عن إبعاد مصلين بأوامر شرطية، ومنعهم من دخوله لفترات.
ـ تزامنت الإجراءات ضد المصلين مع مساع لاتهام المرابطين والمرابطات الذين يوجدون في الأقصى بالخروج على القانون، وتصنيفهم "تنظيما إرهابيا"، وساد بين الفلسطينيين تخوف من استغلال إسرائيل الوضع العربي المترهل للمضي في تنفيذ مخطط التقسيم بتخصيص أماكن لليهود.
"عين على الأقصى"
ـ 18 سبتمبر/أيلول 2018: أصدرت "مؤسّسة القدس الدولية" تقريرا بعنوان "عين على الأقصى"، رصدت فيه واقع المسجد الأقصى والاعتداءات الإسرائيلية عليه خلال عام كامل.
ـ وفق التقرير، فإن إسرائيل "تسعى إلى استبدال المكوّن البشري الإسلامي، من مُرابطين ومصلّين ومعتكفين، بالمكون الاستيطاني اليهودي، مقدّمة لتحقيق التقسيم المكاني لأجزاء من باحات المسجد".
ـ أشار التقرير إلى ارتفاع نسبة المُقتحمين للمسجد الأقصى من قِبَل مستوطنين والأمن الإسرائيلي والطلاب اليهود، بنسبة 40.3% مقارنة بعام 2017.
ـ عام 2018: رفع بنيامين نتنياهو الحظر الذي سبق أن فرضته الحكومة الإسرائيلية على أعضاء الكنيست لزيارة الحرم.
المسجد الإبراهيمي
ـ يعيد التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى تجربة المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل للواجهة، حيث يُرفع العلم الإسرائيلي ويقسم بين المسلمين واليهود.
ـ تم ذلك بعد المجزرة التي ارتكبها المستوطن الإسرائيلي باروخ غولدشتاين بحق المصلين في صلاة فجر 25 فبراير/شباط 1994، إذ أقرت لجنة عسكرية إسرائيلية اقتطاع أكثر من نصف المسجد وتخصيصه للمستوطنين، مع إغلاقه تماما أمام المسلمين أثناء الأعياد اليهودية.