حامد كرزاي
أصبح حامد كرزاي حاكما لأفغانستان بعد سقوط حركة طالبان على يد القوات الأميركية سنة 2001، حاول -وهو الشخصية المقبولة من الغرب- استتباب الأمن ببلاده إلا أنه فشل في ذلك بسبب هجمات حركة طالبان، تعرض لمحاولات اغتيال، غادر منصبه كرئيس في سبتمبر/أيلول 2014 بعد انتخاب أشرف غني رئيسا للبلاد.
المولد والنشأة
ولد حامد كرزاي في قندهار عاصمة الجنوب الأفغاني في 24 ديسمبر/ كانون الأول عام 1957، ينتمي إلى البشتون كبرى العرقيات الموجودة في أفغانستان.
تزعم قبيلة بوبلزي أهم بطون قبيلة دراني التي ينحدر منها أحمد شاه أبدالي مؤسس أفغانستان الحديثة عام 1747 ومعظم ملوك أفغانستان.
نشأ كرزاي في عائلة لها باع في العمل السياسي، حيث كان جده عبد الأحد كرزاي رئيسا للمجلس الوطني (البرلمان) في عهد الملك الأفغاني السابق محمد ظاهر شاه، وظلت قبيلة بوبلزي على ولائها له حتى بعد خروجه من السلطة إثر الانقلاب الذي قاده صهره محمد داوود عام 1973 ولم تنقطع صلتها به طوال فترة بقائه في المنفى. وقد تولى كرزاي زعامة القبيلة بعد اغتيال أبيه عام 1999.
الدراسة والتكوين
حصل على التعليم المدرسي في كابل والتحق بالجامعة في سيملا بالهند حيث درس العلاقات الدولية ونال درجة الماجستير في العلوم السياسية عام 1983، كما درس الصحافة في ليل بفرنسا
التوجه الفكري
لا ينتمي كرزاي الذي يحمل درجة الماجستير في العلوم السياسية من إحدى جامعات الهند إلى تيار أيديولوجي معين، فهو زعيم قبلي قومي يحمل رؤى إصلاحية تعتمد النموذج الغربي في التحديث، وبالرغم من سلوكه العصري الذي يميل في عاداته وتقاليده إلى الغرب فإننا لا نستطيع القول إنه ينتمي فكريا إلى الغرب بتياراته الليبرالية أو العلمانية المعروفة.
التجربة السياسية
لم يكن حامد كرزاي من الشخصيات السياسية الأفغانية ذائعة الصيت كأحمد شاه مسعود ورباني وحكمتيار وإن كان له دور ملحوظ في محاربة السوفيات في الثمانينيات حيث أمد المجاهدين بالمال والرجال ثم أصبح بعد ذلك واحدا من أهم شخصيات جبهة التحرير الوطني الأفغاني.
عاد كرزاي من منفاه في بيشاور شمالي غربي باكستان عام 1992 بعد دخول المجاهدين كابل وسقوط النظام الشيوعي السابق برئاسة نجيب الله، وشغل منصب وكيل وزارة الخارجية في حكومة برهان الدين رباني، لكنه لم يستمر في منصبه سوى عامين فقط حيث قدم استقالته اعتراضا على بعض سياسات حكومة المجاهدين وبسبب القتال الضاري الذي نشب بين الفصائل الجهادية صراعا على السلطة.
رأى كرزاي مساندة حركة طالبان التي بدأ نجمها يظهر مع منتصف عام 1994 في مسقط رأسه قندهار، غير أن الاتفاق مع طالبان لم يدم طويلا بسبب علاقاتها مع باكستان ثم حادثة اغتيال والده أمام أحد مساجد مدينة كويتا الباكستانية, حيث اتهم كرزاي الحركة بالضلوع في تلك الحادثة وأصر على اتهامه رغم نفي طالبان أي صلة لها بالحادث وقرر منذ ذلك الوقت العمل على إسقاط هذا النظام وقد تسنى له ذلك بمساعدة القوات الأميركية عام 2001.
يعتبر حامد كرزاي واحدا من أشد القادة الأفغان كراهية للأفغان العرب، حيث كان يدعو دائما إلى طردهم من أفغانستان ويتهمهم بقتل مدنيين أفغان، ويحملهم جزءا من المسؤولية فيما آلت إليه الأوضاع السياسية في أفغانستان.
ووجدت الإدارة الأميركية في كرزاي الشخص المناسب الذي يمكنه أن يحقق جزءا مهما من مخططها لإسقاط نظام طالبان، وقاد كرزاي حوالي أربعة آلاف مقاتل من البشتون المعارضين لحركة طالبان في أكتوبر/ تشرين الأول 2001 في محاولة منه لإنهاء سيطرتها على ولاية قندهار آخر معاقلها بعد الانسحاب المتوالي والسريع منذ بدء الهجوم الأميركي على أفغانستان في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2001.
ووافقت الفصائل الأفغانية بالإجماع على اختيار كرزاي رئيسا للحكومة الانتقالية وذلك أثناء مؤتمر بون بألمانيا في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول 2001. وانعقد بعدها المجلس الأفغاني الأعلى (لويا جيرغا) وانتخب حكومة انتقالية برئاسة كرزاي تستمر لمدة عامين.
تعرض الزعيم الأفغاني في سبتمبر/ أيلول 2002 لمحاولة اغتيال أثناء زيارة له إلى ولاية قندهار لكنه نجا منها بعد عملية لتبادل إطلاق النار بين حرسه وبعض الذين هاجموه.
خاض في أغسطس/ آب 2009 الانتخابات الرئاسية في ظل منافسة قوية مع عدد من المرشحين أبرزهم وزير الخارجية الأسبق عبد الله عبد الله، وفاز بالانتخابات التي شهدت اتهامات واسعة بالتزوير.
ورغم أنه تعهد بتوفير الأمن، إلا أن كرزاي لم يستطع خلال ولايته الرئاسية الثانية إعادة الاستقرار للبلاد حيث تواصلت هجمات حركة طالبان على القوات الحكومية والدولية بالإضافة إلى سيطرتها على عدة مناطق في البلاد.