خبير طاقة أميركي: بايدن لا يملك خيارات فعالة لمواجهة ارتفاع أسعار النفط

تشعر إدارة بايدن بقلق عميق إزاء أسعار البنزين والضغوط التضخمية الأوسع نطاقا، إذ كشف مكتب إحصاءات العمل الأميركي عن ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة بنسبة 6.2% خلال عام واحد؛ في أعلى مستوى له منذ عام 1990.

تصميم فني عن بايدن و أوبك BIDEN AND OPEC
الخبير الأميركي بن كاهيل أشار إلى محدودية ما يمكن للرئيس بايدن القيام به لمواجهة الارتفاع الكبير في أسعار وقود السيارات وغيره من مصادر الطاقة (الجزيرة)

واشنطن- تجاهلت دول تحالف "أوبك بلس" ضغوط الرئيس الأميركي جو بايدن من أجل زيادة الإنتاج. وقبل أيام أكدت المجموعة خططها لإضافة 400 ألف برميل إضافية يوميا إلى السوق حتى ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وتشعر إدارة بايدن بقلق عميق إزاء أسعار البنزين والضغوط التضخمية الأوسع نطاقا، إذ كشف مكتب إحصاءات العمل الأميركي عن ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة بنسبة 6.2% خلال عام واحد؛ في أعلى مستوى له منذ عام 1990.

وتضاعف أنباء ارتفاع التضخم الضغوطَ على إدارة بايدن ويشعرها بضرورة التحرك.

ومثل كل الإدارات الأميركية السابقة، وعلى مدى عدة أسابيع؛ ألقت إدارة بايدن اللائمة على "أوبك بلس"، وحاول البيت الأبيض الضغط على السعودية والإمارات ودول أخرى في منظمة أوبك لضخ المزيد من النفط. وحتى الآن تتجاهل هذا الدول الضغوط الأميركية من أجل رفع الإنتاج.

وتعتمد دول "أوبك بلس" على رفض رفع الإنتاج لتوقعات محافظة تجاه زيادة المعروض من النفط بحلول عام 2022، وزيادة الإمدادات الجديدة من خارج أوبك المتوقعة العام المقبل.

بدائل بايدن

وتقول إدارة بايدن إن لديها العديد من البدائل للتعامل مع استمرار ارتفاع أسعار النفط، والتي وصل متوسطها اليوم الأربعاء إلى 82.9 دولارا للبرميل الواحد طبقا لنشرة فوركس المتخصصة.

جدير بالذكر أن فكرة الاحتفاظ باحتياطي إستراتيجي للنفط الأميركي جاء كرد فعل للصدمة النفطية عقب حرب عام 1973، التي نتج عنها انقطاع نسبة كبيرة من إمدادات النفط الخام.

وتمتلك الولايات المتحدة حاليا نحو 613 مليون برميل.

وعادة ما يأذن الرؤساء بمد الأسواق بجزء من الاحتياطي الإستراتيجي استجابة لاضطرابات سياسية عالمية؛ مثل حرب الخليج الأولى 1991، أو كوارث طبيعية غير عادية مثل إعصار كاترينا 2005.

وتستمر معاناة المستهلكين الأميركيين مع ارتفاع متوسط سعر البنزين في محطات الطاقة، ووصل سعر الغالون إلى متوسط مقداره 3.76 دولارات للغالون، بعد أن كان 2.11 دولار قبل عام واحد.

الجزيرة نت حاورت بن كاهيل -الخبير في مركز برنامج أمن الطاقة وتغير المناخ بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS) بواشنطن- بشأن أزمة ارتفاع أسعار النفط الحالية، وتداعيات ذلك على سوق الطاقة العالمي وعلى الداخل الأميركي، مع استعراض الخيارات المتاحة لجو بايدن من أجل مواجهة هذه الأزمة.

يعمل بن كاهيل خبيرا في المخاطر الجيوسياسية المتعلقة بأسواق النفط، وسبق له شغل منصب مدير مجموعة أبحاث واستشارات معلومات الطاقة (مواقع التواصل)
بن كاهيل يعمل خبيرا  في أسواق النفط، وسبق له شغل منصب مدير مجموعة أبحاث معلومات الطاقة (مواقع التواصل)

ويقدم بن كاهيل استشارات اقتصادية ودراسة المخاطر السياسية للعديد من الجهات الحكومية والخاصة، وشارك في وضع إستراتيجية عدد من المؤسسات، منها شركتا أرامكو السعودية وأبو ظبي الوطنية للنفط.

وفي حديثه للجزيرة نت، أشار بن كاهيل إلى أن ارتفاع أسعار النفط مؤخرا "يعود للانتعاش السريع في الطلب بعد تراجع مخاطر ظهور فيروس كوفيد-19، وانتعاش العرض ببطء أكبر في الفترة نفسها".

وقال "لقد انخفض إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام بنحو مليوني برميل يوميا اعتبارا من أوائل عام 2020، ولم تتراجع أوبك بلس عن تخفيضاتها. وتعكس أسعار النفط أيضا نوعا من الخوف في جميع أنحاء العالم، مع مخاوف متزايدة بشأن أسعار الطاقة الأوسع نطاقا، والتضخم، وقيود سلسلة التوريد".

خيارات محدودة

وأشار بن كاهيل إلى محدودية ما يمكن للرئيس بايدن القيام به لمواجهة الارتفاع الكبير في أسعار وقود السيارات وغيره من مصادر الطاقة، وقال "لقد ضغط بايدن على أوبك بلس، علنا وبصورة متكررة، لزيادة الإنتاج بشكل أسرع من خططها الحالية".

وأضاف "حتى الآن هذا الضغط العلني لا يعمل. ومن الطبيعي أن يتصل البيت الأبيض بالسعودية والدول الأخرى الأعضاء في أوبك ويحثها على رفع إنتاجها عندما ترتفع الأسعار. لكنني أعتقد أن إدارة بايدن كان بإمكانها القيام بذلك بطريقة أكثر دهاء وأقل علنية".

وبشأن إذا كان الرئيس بايدن يملك من الأدوات ما يكفي للضغط على السعودية لزيادة إنتاج النفط، رد بن كاهيل بالقول إن تجمع "أوبك بلس سعيد جدا بالأسعار الحالية. وفي الواقع، إن اقتصادات هذه الدول تتعافى بعد أكثر من 6 سنوات من الانخفاض النسبي في أسعار النفط".

وتابع بن كاهيل "تعتقد أوبك بلس أن طلب السوق سيتراجع العام المقبل، ويتزامن ذلك مع وصول إمدادات جديدة من دول خارج أوبك بلس، وفي الوقت ذاته تشعر بأنها تضيف الكثير من البراميل لتلبية الطلب العالمي، ولا ترى الأساس المنطقي لتصدير المزيد".

الاحتياطي الإستراتيجي

وحول إمكانية لجوء الرئيس بايدن إلى خيار طرح احتياطيات النفط الإستراتيجي الأميركي في الأسواق كوسيلة للخروج من أزمة أسعار النفط المرتفعة حاليا، رأى بن كاهيل أن "طرح جزء من الاحتياطي الإستراتيجي للنفط هو خيار، ولكن هذه الاحتياطيات مخزونات إستراتيجية تهدف إلى الاستجابة لاضطرابات الإمدادات الرئيسية خلال الكوارث الطبيعية كالأعاصير".

وأضاف الخبير الأميركي "أنها ليست حلا رائعا سريعا لضبط الأسواق على المدى القصير، وفي الواقع قد يزيد انخفاض الاحتياطيات الإستراتيجية المخاوف بشأن انخفاض المخزونات التي توفر عادة حاجزا أمام أي كوارث مستقبلية".

وأردف أنه "من السهل اتخاذ قرار بطرح جزء من الاحتياطي الإستراتيجي، لكن قد يكون هذا الخيار غير فعال، كما أن إدارة بايدن فقدت عنصر المفاجأة في هذه المرحلة".

صداع وليس أزمة

وعن تأثير ارتفاع أسعار النفط على شعبية الرئيس بايدن وحساباته السياسية الداخلية، رد بن كاهيل "لا يوجد رئيس أميركي يريد أن يرى أسعار البنزين عند هذا المستوى، وهي تزيد المخاوف الأوسع بشأن التضخم، وهو تحد حقيقي للبيت الأبيض".

واستدرك "لكنه في الواقع بمثابة صداع، وليس أزمة، ليست هذه المرة الأولى التي يرتفع فيها النفط لهذه المستويات، ولن تكون الأخيرة كذلك، لقد عرفنا هذه الأوضاع من قبل، ولا يجب أن نبالغ في رد فعلنا".

المصدر : الجزيرة