سائق برتبة مدير.. أوبر وكريم تستقطبان شباب الطبقة الوسطى بمصر
منذ الصباح، يقف الثلاثيني خالد عبد الرحمن في موقعه المعتاد على جانب الطريق بحي الدقي (شرق القاهرة) ينظر كل دقيقة إلى هاتفه، منتظرا زبونا جديدا.
رزق في الطريق وأمل متجدد، يحمله كل إشعار يصل عبر تطبيق "أوبر" حيث يعمل خالد سائقا في خدمة النقل التي انتشرت في مصر مؤخرا.
واتجه الكثير من الشباب للعمل بشكل إضافي في شركات النقل مثل "أوبر وكريم" لتحسين الدخل أو التفرغ تمام لهذا العمل.
واللافت أن الكثير من هؤلاء الشباب من حملة المؤهلات العليا، حيث يوجد الطبيب والمهندس والمحاسب وغيرهم من مهن الطبقة الوسطى.
وحسب الأرقام الرسمية الأخيرة الصادرة عن الشركتين العاملتين في خدمات استدعاء السيارات بواسطة تطبيقات الهواتف الذكية، يعمل في "أوبر" نحو مائتي ألف سائق، بينما يصل العدد في شركة "كريم" إلى نحو مليون سائق.
مدير سابق
يوضح خالد للجزيرة نت أن العمل كسائق بالشركة وسيلة دخله الوحيدة، مضيفا "لهذا أكرس وقتي بالكامل للعمل فقط، خاصة أن لدي أبناء وأسرة صغيرة مكونة من ثلاثة أفراد، مما يضطرني للعمل على مدار 12 ساعة كاملة متنقلا من منطقة لأخرى، بعد أن بدأت العمل منذ ثلاثة أعوام".
ويضيف أنه كان يعمل مديرا للتوزيع بإحدى شركات الأدوية، إلا أن الأوضاع الوظيفية غير المستقرة اضطرته إلى ترك العمل بعد سنوات طويلة، والتفكير في استثمار الوقت للعمل كسائق بالشركة، مشيرا إلى أن الوظائف التقليدية تستنزف الوقت والجهد، وغير متوفرة أيضا.
وعلى الرغم من أن مجال العمل كسائق من المهن التي لطالما ارتبطت بصور نمطية سلبية شائعة من حيث نظرة المجتمع لها كوظيفة متدنية، إلا أن خالد يرى الأمر بصورة مختلفة، خاصة مع تحقيق فكرة شركات النقل الخاصة نجاحا في مصر، وإقبال الكثير من الشرائح الاجتماعية على استخدامها، مما يعمل على تمدد هذا النوع من الوظائف بعيدا عن الوظائف المعتادة.
رجل أعمال
تقابلنا أيضا مع الشاب محمد إسماعيل، اتجه للعمل كسائق نقل خاص لتحسين دخله بعد أن كان يعمل كشريك في مصنع ملابس، لكنه تعرض للتصفية مما جعله يتجه للبحث عن وظيفة أخرى.
يوضح محمد أنه قرر العمل كسائق بسيارته الخاصة، بمجرد معرفته بتوافر خدمة شركات النقل الخاص مؤكدا أن قرار تغيير المهنة صعب، خاصة أن مهنة السائق الخاص تحتاج إلى شخص لديه دخل ثابت، حتى يستطيع موازنة النفقات وتحسين الدخل.
وعن التحديات التي تواجهه، يقول إنها تتمثل في المناطق والحارات والشوارع الضيقة غير الممهدة، مما يؤثر على سلامة السيارة مع الوقت.
ويؤكد أن العمل غير سهل كما يعتقد البعض، فهو يحتاج إلى أن يعمل ثماني إلى 12 ساعة يوميا، لتحقيق صافي ربح مئتي جنيه (الدولار نحو 18 جنيها) وفي بعض الأوقات يضطر لتحمل تكاليف وقود السيارة في حال عدم وجود زبائن.
ورغم أن فكرة السائق في شركات النقل الخاصة تقوم بالأساس على استخدام السيارة الخاصة، فإن بعض الشباب يضطر إلى تأجير سيارة للعمل عليها، أو يتقاسم الربح مع مالك السيارة، وهو ما يراه محمد مضيعة للوقت والجهد قائلا "بهذه الطريقة يفقد الشباب حياتهم كلها في العمل، حيث يتطلب الأمر وقتا كبيرا لحين تحقيق عائد مادي مناسب".
أرقام ضخمة
في يناير/كانون الثاني الماضي، التقي الرئيس التنفيذي لشركة أوبر العالمية ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي خلال فعاليات منتدى دافوس الاقتصادي العالمي.
وخلال اللقاء، أكد رئيس أوبر أن شركته يعمل من خلالها بالبلاد نحو مئتي ألف شخص، وأنها لا تنظر لمصر كسوق لخدماتها فقط وإنما كمركز إقليمي لخدمات الشرق الأوسط، حيث قامت باستثمار مئة مليون دولار في إنشاء مراكز تفوق وخدمة عملاء تخدم أفريقيا والشرق الأوسط، ويعمل بها نحو خمسمئة شاب مصري.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت "كريم" عن تخطي عدد السائقين العاملين ضمن منظومتها بالسوق المصري حاجز المليون سائق، بعد ست سنوات من دخول البلاد.
ووجهت الشركة رسالة شكر لكل العاملين بها، وقالت "بدأنا الطريق بحلم واحد بمشوار واحد بكابتن واحد، والنهاردة (اليوم) الكابتن (أصبح) مليونا بفضلكم (أصبحنا) مليون عائلة".