الفروسية التقليدية بالرباط عاصمة الثقافتين الأفريقية والإسلامية.. "التبوريدة" المغربية وتراث معارك التحرير

احتفت وزارة الثقافة المغربية -خلال احتفالات الرباط عاصمة للثقافة الأفريقية الأيام الماضية- بـ "التبوريدة"، وهي فن فروسية تقليدي معروف بالمغرب واستعراض للفرسان يحاكي معارك التحرير واحتفالات الانتصار، حيث تنطلق الخيول في سباق نحو 100 متر ينتهي بإطلاق النار في الوقت.

واعتبر وزير الثقافة والاتصال المغربي المهدي بنسعيد، إن الاحتفال بـ"التبوريدة" (الفروسية التقليدية)، فرصة للتعريف بثقافة البلاد وتجمع الرباط في العام الجاري بين تصنيف منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) لها عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي، وكذلك توجت كأول عاصمة للثقافة الأفريقية هذا العام.

التبوريدة المغربية

وتعد "التبوريدة" طقسا احتفاليا وفلكلوريا عريقا لدى المغاربة، وهي ليست وليدة العصر، ولذلك باتت مرتبطة في أذهانهم بتقاليد وعادات تجمع بين المقدس والدنيوي، حيث تصاحبها مجموعة من الأغاني والمواويل والصيحات المرافقة لعروضها والتي تحيل على مواقف بطولية.

وهذا الطقس يمجد البارود والبندقية التي تشكل جزءا مهما من العرض الذي يقدمه الفرسان، خاصة عندما ينتهي العرض بطلقة واحدة مدوية تكون مسبوقة بحصص تدريبية يتم خلالها ترويض الخيول على طريقة دخول الميدان وأيضا تحديد درجة تحكم الفارس بالجواد.

وتشكل "التبوريدة" جزءا لا يتجزأ من التراث المغربي الأصيل الذي يعيد الذاكرة الشعبية والمتفرجين في مناسبات عديدة إلى عهود مضت، وهنا يمكن القول إن المغاربة الذين يمتلكون الخيول المدربة على "التبوريدة" هم من علية القوم في القبيلة وأصحاب خبرة وشأن عظيم ونخوة وقيمة في البلاد.

وترجع فنون الفروسية المغربية التقليدية أو "التبوريدة" إلى القرن الـ15 الميلادي، وتعود تسميتها إلى البارود الذي تطلقه البنادق أثناء الاستعراض، وهي عبارة عن مجموعة من الطقوس الاحتفالية المؤسسة على أصول وقواعد عريقة جدا في أغلب المناطق المغربية وخصوصا في المناطق ذات الطابع البدوي.

وتتعدد المناسبات التي يحتفل بها المغاربة التي تتخللها عروض من فن "التبوريدة"، مثل حفلات الأعراس والمواسم والعقيقة والختان. وتمثل هذه الوصلات الفنية المغرقة في الرمزية اختزالا للطقوس الكرنفالية والفلكلورية لدى المغاربة التي ينسجم فيها اللباس مع الغناء والرقص والفروسية والأضحية والنار في سياق متناغم.

ويقول مؤرخون إن "التبوريدة" تراث شعبي حي يقدم صفحات من تاريخ الجهاد بالمغرب ضد الغزاة، حيث كان المجاهدون يركبون ظهور الخيل والبنادق في أيديهم وينظمون صفوفهم لمواجهة الأجنبي، بحسب تقرير سابق للجزيرة نت.

مخاوف الاندثار

ويحتاج فن "التبوريدة" إلى تدريب كبير ومستمر من أجل ترويض الجواد على طريقة دخول الميدان والعدو في انسجام تام مع باقي الخيول. ويكون "العلام" هو المسؤول عن تنظيم الفرقة عند خط البداية وإعطاء إشارة الانطلاق وإشارة الوقوف الذي يعد بمثابة سيطرة على الجواد، وتكون الإشارة النهائية بإطلاق الرئيس طلقة من بندقيته التقليدية، وبعد ذلك يعود الفرسان إلى نقطة الانطلاق ليكرّروا العملية من جديد ويستعرضوا مهاراتهم أمام الجمهور.

وللحفاظ على اللياقة البدنية للفرس، يحتاج صاحبها إلى ترويضها باستمرار والعناية بها وفق برنامج مضبوط وصارم من العلف والتدريب والغسل، وإلا فإنها تفقد بسرعة لياقتها وقدرتها على المنافسة، وتتطلب هذه العمليات من صاحب الفرس إمكانيات مادية كبيرة ترهق كاهله بميزانية ترتفع بالتدريب مع اشتعال أسعار العلف وتعاقب سنوات الجفاف.

المصدر : الجزيرة + الأناضول