الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية.. محطات من نكبات فلسطين

إطلاق الموسوعة في المتحف الفلسطيني عبر دائرة تلفزيونية مغلقة بين بيروت وعمّان ومقر المتحف في بيرزيت (الجزيرة)

رام الله – "تتواصل المعارك صباح السادس من يونيو/حزيران على جبهة سيناء، وبخاصة في منطقة العريش، وذلك حتى صدور الأوامر للقوات المصرية عند الساعة الـ17 بالانسحاب نحو قناة السويس. عند ظهر اليوم نفسه تنجح القوات الإسرائيلية في دخول مدينتي جنين وقلقيلية، ثم تتقدم نحو مدينتي نابلس ورام الله، كما تواصل تقدمها خلال الليل في القدس الشرقية".

هذا ما جاء في يوميات حرب العام 1967 ضمن ما عرف بـ"النكسة" كما جاء في الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية، التي أطلقتها مؤسسة الدراسات الفلسطينية ضمن مشروع مشترك مع المتحف الفلسطيني، وذلك من أجل تتبّع تاريخ فلسطين الحديث منذ نهاية الحقبة العثمانية حتى الوقت الراهن.

هذه الموسوعة وثقت هذه الحرب من خلال يوميات امتدت من اليوم الأول للحرب -الخامس من يونيو/حزيران 1967- وحتى آخر أيامها، مستعرضة أبرز الأحداث على جبهات القتال، وما رافقها من أحداث مهمة مثل تنحي الرئيس المصري جمال عبد الناصر وسقوط ما تبقى من مدينة القدس.

كما وثقت لما بعدها، وأهمها إخلاء حارة المغاربة في البلدة القديمة من القدس المحتلة، وتدمير 135 بيتا للفلسطينيين وطرد سكّانها البالغ عددهم حوالي 650 مقدسيا، لإنشاء ساحة أسفل الحائط الغربي وذلك يوم 11 يونيو/حزيران، أي بعد الحرب بيوم واحد.

وأيضا توثق حدث نزوح آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع عزة، نصفهم للمرة الثانية، نتيجة للأعمال العسكرية الإسرائيلية بعد انتهاء الحرب، ومنع أكثر من 100 ألف فلسطينيّ كانوا خارج البلاد أثناء الحرب من العودة.

ليس فقط أحداث النكسة، فقد فهرست الموسوعة أهم الأحداث المتعلقة بالقضية الفلسطينية منذ الحكم العثماني عام 1500م وحتى إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها وما تبعها من أحداث في العام 2018.

وقدمت المنصة هذه المعلومات باللغتين العربية والإنجليزية في أقسام متنوعة مثل الجدول الأحداث الكلي، وسير الشخصيات والأمكنة، إلى جانب عدد كبير من الوثائق والنصوص التاريخية والصور والخرائط والرسوم البيانية.

عمل ممتد خلال 10 سنوات

المدير العام لمؤسسة الدراسات الفلسطينية خالد فرّاج قال إن إطلاق هذه الموسوعة هو نتاج عمل 10 سنوات ماضية لتقديم محتوى فلسطيني علمي رصين وفي متناول جميع المهتمين بالقضية الفلسطينية.

وتابع في حديثه للجزيرة نت "قوة هذه الموسوعة أنها متاحة مجانا عبر الإنترنت".

المدير العام لمؤسسة الدراسات الفلسطينية خالد فرّاج قال إن قوة الموسوعة تمكن بإتاحتها على الإنترنت (مواقع التواصل)

وعاد فراج خلال حديثه إلى بدايات التفكير في إطلاق هذه الموسوعة بالاستفادة من الإنترنت، فكثير من الكتب المرجعية المهمة، التي أصدرتها المؤسسة "مثل كتاب بلادنا فلسطين الذي قدم فيه الباحث مراد الدباغ معطيات توثق معلوماتٍ حول فلسطين وشعبها"، لم تدخل كل بيوت الفلسطينيين، غير أنه من خلال تحويلها إلى مادة رقمية سيسهل ذلك من خلال عرض الرواية الفلسطينية العلمية وتحويل الفلسطيني ليس فقط لضحية وإنما إلى فاعل.

وبحسب فراج، فإن هذه الموسوعة مفتوحة للجميع وهي قيد التطوير المستمر، في ظل توجه خلال السنوات القادمة لترجمة الموسوعة إلى اللغتين الفرنسية والإسبانية، إلى جانب التحضير لإنتاج محتوى عن المخيمات الفلسطينيات في كل مناطق وجودها.

وحول مصادر المواد التي احتوتها الموسوعة، قال فراج إن الجزء الأساسي هو إصدارات مؤسسة الدراسات والتي تجاوزت 700 كتاب مرجعي حول القضية الفلسطينية، إلى جانب الاعتماد على مصادر أخرى من كل اللغات.

مرجعية مهمة للباحثين

وحظيت هذه الموسوعة باهتمام الباحثين الذين يعانون من ندرة المصادر الفلسطينية الموثقة، كما يقول الباحث في تاريخ فلسطين عوني فارس، "هذه الموسوعات تدشن مرحلة جديدة بالاهتمام البحثي بالقضية الفلسطينية، الباحثون عانوا من ندرة المصادر في ظل سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على هذه المصادر".

الباحث في التاريخ عوني فارس يرى أن الموسوعة تشكل إضافة للباحثين وتفتح أمامهم مصادر جديدة (مواقع التواصل)

وتابع فارس في حديثه للجزيرة نت "كلما كان متاحا للباحث مصادر أكثر، يكون قادرا على تقديم السردية الفلسطينية بشكل أقوى وأعمق في مقابل الرواية الصهيونية التي تحاول طمسها".

وبحسب فارس، فإن هذه الموسوعة تشكل إضافة للباحثين وتفتح أمامهم مصادر جديدة من خلال تقديم وثائق ومخطوطات جديدة، وبالتالي تحقيق تطور نوعي في حقل التأريخ للقضية الفلسطينية.

ليس هذا فقط، بل إن هذه الجهود التي تقوم بها المؤسسات غير الرسمية بإطلاق مثل هذه الموسوعات والمشاريع البحثية، تسد ثغرات تقصير المستوى الرسمي في الاهتمام بالعمل البحثي الخاص بالقضية الفلسطينية، كما يقول.

المصدر : الجزيرة