بالفيديو.. شجرة بلوط فلسطينية زُرعت فوق قبور شهداء حاربوا الصليبيين قبل 8 قرون

كانت منطقة "مانعين" أشبه بالحصن الذي يراقب المتجهين من وسط فلسطين إلى الساحل، لأنه يقع في منطقة مطلة في بلدة حلحول التي ترتفع عن سطح البحر أكثر من 1200 متر، وتعتبر من أعلى المناطق المسكونة في فلسطين، ولا يعلوها سوى جبل الجرمق في صفد.

الخليل – معركة "معصرة الجمعة" التي وقعت بين المسلمين والصليبيين قبيل فتح صلاح الدين الأيوبي لبيت المقدس؛ كانت سببا لزراعة شجرة بلوط فوق قبور شهداء ارتقوا خلال المعركة، على الطريق الموصل للساحل الفلسطيني في بلدة حلحول شمال الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة.

جاء اسم المعركة -وفق الباحث الفلسطيني محمد شحدة الوحوش- لأن المسلمين "عصروا" الصليبيين فيها قبيل تحرير بيت المقدس عام 1187 ميلادية، وحرروا المنطقة التي تسمى "مانعين" والتي جاءت من كلمة المنعة؛ أي المكان الحصين، والذي يقع غرب مدينة حلحول.

شجرة بلوط

وزرع الناس بعد فترة من الزمن شجرة بلوط على قبور 7 شهداء ارتقوا في هذه المعركة، وهم من عائلة القوادري، ويعتقد أنهم كانوا أخوة أو أقارب، وسميت الشجرة باسمهم لاحقا.

ولاحظ فريق الجزيرة نت ساق الشجرة الذي يزيد قطره على مترين، ويظهر في المحيط أثار لبيوت قديمة وبقايا جدران حجرية، كانت مسكونة من قبل فلسطينيين قبل نكبة عام 1948، والساق الذي شاهدناه يظهر فوق ركام ترابي وحجري، ويُشاهد في المكان أتربة وعمليات حفر يتم خلالها اكتشاف المزيد من الآثار حول بلوطة القوادرية.

صور حصرية للجزيرة نت لبلوطة القوادرية المزروعة فوق قبور سبعة شهداء من عائلة القوادري في منطقة “المانعين” غرب بلدة حلحول شمال الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة.
شجرة البلوط القوادرية المزروعة فوق قبور 7 شهداء من عائلة القوادري في منطقة "المانعين" بالضفة الغربية (الجزيرة)

جلس الباحث محمد الوحوش قرب ساق الشجرة وبدأ ينظر إلى تفاصيلها، يقول للجزيرة نت إنها زرعت في الموقع بعد نهاية معركة تحرير بيت المقدس عام 1187، فوق قبور شهداء عائلة القوادري الذين تم دفنهم تكريما لهم، وظل الناس يعظمون المكان ويقدسونه، لأن الشهداء ارتقوا في معركة فاصلة في تاريخ المنطقة.

عائلة "القوادري"

ويُعرف الوحوش القوادرية بأنهم عائلة عرفت بالنجدة وكانوا من المتحمسين للقتال، وساعدوا المسلمين في "معركة معصرة الجمعة" التي كانت من المعارك الفاصلة آنذاك، وتم إبادة الصليبيين فيها، وضمت العائلة شبانا كانوا مثالا للتضحية والرجولة، وتقديم النفس من أجل تحرير الوطن.

ونجت شجرة القوادرية من نوائب الدهر، فلم تحرق أو تقطع، ولكن يبدو عليها الهرم، ويعتبر سكان المنطقة من مئات السنين أن من يمسها كأنه مسّ مكانا مقدسا، لعظم فعل الشهداء المدفونين في قبورهم أسفلها، وفق الباحث الوحوش.

5 آلاف سنة قبل الميلاد

كانت منطقة "مانعين" أشبه بالحصن الذي يراقب المتجهين من وسط فلسطين إلى الساحل، لأنه يقع بمنطقة مطلة في بلدة حلحول؛ التي ترتفع عن سطح البحر أكثر من 1200 متر، وتعتبر من أعلى المناطق المسكونة بفلسطين، ولا يعلوها سوى جبل الجرمق في صفد.

كما أنها تشتهر بزراعة شتى أنواع الفواكه الصيفية، إضافة إلى وجود حوالي 60 نبعا للمياه.

صور لآثار البيوت والجدران الحجرية لمنازل وقبور في المنطقة في محيط بلوطة القوادرية المزروعة منذ عام 1987، قبيل تحرير صلاح الدين الأيوبي لبيت المقدس.
صور لآثار البيوت والجدران الحجرية لمنازل وقبور في المنطقة بمحيط بلوطة القوادرية (الجزيرة)

يصف الباحث الوحوش -للجزيرة نت- بلدة حلحول بأنها عاصمة العنب صيفا، وعاصمة الثلج شتاء، وتعتبر من المدن الكنعانية القديمة، التي قدر عمرها العربي بحوالي 5 آلاف سنة، وهي تعتبر بذلك أكبر جذر في التاريخ الفلسطيني والتي سكنها الكنعانيون في القرن الرابع قبل الميلاد.

استهداف من الاحتلال

واليوم تعتبر حلحول شمال الخليل مستهدفة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، الذي يقتحمها أسوة ببقية المناطق الفلسطينية ويحاول مصادرة أراضيها، والاعتداء على سكانها، وأُجبر الوحوش على الإبعاد عن فلسطين لأكثر من 30 عاما، لمقاومته المحتل الإسرائيلي، وجاب عدة مناطق في العالم قبل أن يعود إليها مشتاقا باحثا في تاريخها الضارب في القدم، والذي يحوي بطولات كثيرة، كما يصف.

ويحاول الاحتلال اليوم تسهيل اقتحامات المستوطنين لمنطقة شرق البلدة تعرف بقبر يونس، ويدعي الاحتلال أنها لأحد المستوطنين، ولكنه قبر منسوب للنبي يونس عليه السلام الذي يحافظ الفلسطينيون عليه وعلى آلاف من المواقع التاريخية في فلسطين منذ مئات السنين، يختم الوحوش.

المصدر : الجزيرة