"عمال وفلاحين وطلبة".. مريدو الشيخ إمام بتونس يرددون أغانيه في ذكرى وفاته

في أجواء فنية مميزة، صدح العشرات من الشباب التونسيين بأغانٍ للفنان المصري الراحل الشيخ إمام في فضاء "مسار" الثقافي (مركز غير حكومي) وسط العاصمة تونس، بمناسبة مرور ربع قرن على وفاة منشد الثورة والحرية الكفيف.

ويجمع "نادي أحباء الشيخ إمام" (إمام محمد عيسى) وفق القائمين عليه، عشاق الكلمة والتعبير الحر المؤمنين بقيم الثورة والحرية، ويشرف عليه الفنانان سوسن اللواتي وعمر بن إبراهيم، وتأسس عام 2012 وهو مفتوح للجميع، حيث يُسمح لأي شخص بالانضمام إليه من مختلف المشارب الفكرية والسياسية في تونس.

وفي النادي لا يجلس الحاضرون على مقاعد، بل يفترشون الأرض، ويوزع القائمون على الحفل كلمات الأغاني على المشاركين،  ليرددوها مع فناني الفرقة.

وصدح الشباب التونسيون بأغاني للشيخ إمام منها "شيد قصورك على المزارع"، و"يا فلسطينية"، و"عدى الهوى"، و"بقرة حاحا" وغيرها.

فنان الحرية والكرامة

ورغم مرور ربع قرن على وفاة الشيخ إمام (2 يوليو/تموز 1918 – 7 يونيو/حزيران 1995)، فإن أغانيه -التي تمردت على واقع "الاستبداد والدكتاتورية" في مصر، وتجاوزت الحدود الجغرافية لربوع العالم العربي- لا تزال تتردد في تونس التي شهدت ثورة شعبية في 2011 أطاحت بنظام زين العابدين بن علي.

وعاش إمام حياة قاسية، وفقد بصره بسبب وصفات شعبية خاطئة لعلاج عينيه التي أصابهما الرمد في طفولته التي قضاها في قرية تابعة لمحافظة الجيزة بمصر، وتوفيت والدته دون أن يراها؛ وإذ حرم فرصة أن يكون شيخا دينيا فقد أصبح منشدا يحمل آمال الحرية والتغيير في صوته وكلماته.

وللشباب الجامعي التونسي علاقات عريقة بأغاني الشيخ إمام منذ سبعينيات القرن الماضي، حتى أنّ الاتحاد العام التونسي للطلبة (منظمة طلابية) نظم له جولة بالجامعات التونسية، في فبراير/ شباط 1989.

وانتقد الشيخ إمام في أغلب أغانيه الوضع الاقتصادي بمصر الذي اتجه إلى الرأسمالية في سبعينيات القرن العشرين، وكذلك الوضع السياسي بعد هزيمة 1967 أمام إسرائيل وعقب اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام التي وقعها الرئيس المصري حينها أنور السادات مع إسرائيل.

ولم تعجب أغانيه الشعبية الحادة السلطات المصرية، فحُكم عليه صحبة رفيق دربه الشاعر أحمد فؤاد نجم (1929-2013) بالسجن في زمن السادات، وتم الإفراج عنهما بعد اغتيال السادات في 6 أكتوبر/تشرين الأول 1981.

ومنذ بروز نجمه في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، انحاز الشيخ إمام للمهمشين، وتنبأ بالثورة قائلا:

وعرفنا مين سبب جراحنا وعرفنا روحنا والتقينا

عمال وفلاحين وطلبة دقت ساعتنا وابتداينا

نسلك طريق ما لوش راجع والنصر قرب من عينينا

"مريدو" الشيخ

وقال عمر بن إبراهيم، الناشط والمشرف على النادي الثقافي -لوكالة الأناضول- إن فضاء "مسار" ومنذ تأسيسه ينظم كل أربعاء حفلا لأغاني الشيخ إمام، لكن توقفت الحفلات مع تفشي وباء كورونا وإعلان تدابير شاملة لمواجهة الفيروس.

وتابع "مع انتهاء الحظر الصحي، عاد الفضاء ليستقبل عشاق الأغنية البديلة، وتزامن ذلك مع إحياء ذكرى وفاة الشيخ إمام".

ولقّب بن إبراهيم عشاق الشيخ إمام بالمريدين، وهو مصطلح يطلق عادة في الطرق الصوفية، موضحا أنهم "لا يأتون لاستماع أغانيه فقط، بل لاستحضار روحه".

وأردف "جمهور الشيخ إمام عشقه لأنه فنان صادق عبّر عن آلام شعبه من خلال أغانيه، وندد بالاستبداد والظلم، وانتقد سياسات حكومته الجائرة.

وأوضح أن "الهدف الآن هو مواصلة رسالة الشيخ إمام، عن طريق تأليف أغان وطنية ملتزمة بلسان تونسي، للتنديد بالجور والظلم والانتهاكات".

فيما قال نجم بن يوسف، عازف العود والعضو المؤسس بنادي "أحباء الشيخ إمام"، إنه "تعرف على أغاني إمام سنة 2007، وعشق معانيها وكلماتها الساخرة والناقدة للواقع".

وتابع أن "هدف النادي هو نقل عدوى حب الشيخ إمام إلى الشباب الصاعد، ليتعرفوا على الأغنية الملتزمة العميقة المعاني، وذات الأهداف النبيلة".

المصدر : الجزيرة + وكالة الأناضول