تونس عاصمة للثقافة الإسلامية.. تصوف وسياحة وترميم

بدرالدين الوهيبي - جامع الزيتونة - المدينة العتيقة - تونس.
من جامع الزيتونة (الجزيرة)

بدرالدين الوهيبي-تونس

تونس عاصمة للثقافة الإسلامية لسنة 2019، تاريخ من الحضارة والمعمار الإسلامي يعود لسنة 50 هجرية، عندما بنى عقبة بن نافع مدينة القيروان، التي احتضنت بدورها التظاهرة نفسها سنة 2009.

الثراء الحضاري المشبع بالمعالم والأعلام الإسلامية الخالدة، التي عاشت في ربوع البلاد، والذي تتميز به مدينة تونس؛ مكّنها من أن تكون إحدى أجدر المدن العربية والأفريقية المؤهلة هذه السنة لاحتضان هذه التظاهرة، التي تحتفي بالثقافة والفكر والمعمار التاريخي الإسلامي.

وتعد تونس من أوائل الدول التي انضمت للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، والتي أنشئت سنة 1981 تحت إشراف منظمة التعاون الإسلامي، وتعنى بتمتين التعاون وتشجيعه وتعميقه بين الدول الأعضاء في مجالات التربية والعلوم والثقافة والاتصال.

قرار المؤتمر العاشر لوزراء الثقافة للبلدان الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، الذي اختار بالإجماع تونس لتكون عاصمة للثقافة الإسلامية لسنة 2019؛ جاء ليعزز برنامج وزارة الشؤون الثقافية التونسية، الذي سيحتفي خلال هذه السنة بالمعالم والأعلام الإسلامية وبالمدينة العتيقة.

‪زقاق في المدينة العتيقة بتونس‬ (الجزيرة)
‪زقاق في المدينة العتيقة بتونس‬ (الجزيرة)

تطوير السياحة الثقافية
البرنامج الذي أعدته وزارة الشؤون الثقافية التونسية يهدف إلى دفع وتطوير نمط سياحي جديد يرتكز على استثمار التراث المعماري الخاص بالمدينة العتيقة بتونس، التي سيشملها برنامج تأهيل؛ لتكون قادرة على استقطاب واستيعاب زائرين من الدول الإسلامية ليقيموا في بيوتها العتيقة. 

وافتتحت تظاهرة تونس عاصمة للثقافة الإسلامية لسنة 2019 في 21 من الشهر الجاري، وأقيمت في مدينة الثقافة بتونس العاصمة.

البرنامج يرمي أيضا إلى جذب المواطن العربي لاكتشاف المعالم الإسلامية التاريخية في كل المدن التونسية التي تضم معالم مصنفة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، وسيكون الرحالة الذين مروا بتونس ومدنها حاضرين بكتبهم التي تصف جمال التراث الإسلامي وأصالة البلاد.

على امتداد جغرافية البلد، لا تخلو محافظة أو قرية من مقام لولي صالح؛ فتاريخ الصوفية في تونس يعود إلى القرن 12 الميلادي، عبر مذاهب وطرق لعبت دورا تاريخيا مهما في التربية والسلوك في تونس خاصة، والمغرب العربي عامة، لارتباطها في خطوطها العريضة بالإسلام.

خاصية حضارية تونسية مغاربية لم يغفل عنها البرنامج التونسي الذي أعلن عن ترميمات ستشمل المعالم الصوفية وإقامة حفلات إنشاد صوفي وندوات فكرية دولية موضوعها "التصوف رافد للحوار الحضاري بين الشعوب"، مع إصدار كتاب مصور للمعالم والتراث الصوفي بتونس. 

المنزل الذي ولد ونشأ فيه العلامة التونسي ابن خلدون، والواقع تحديدا في نهج تربة الباي في تونس العاصمة، والذي لجأت عائلته القادمة من الأندلس في منتصف القرن السابع الهجري في عهد الدولة الحفصية؛ سيكون -حسب البرنامج المعلن عنه- متحفا مخصصا لمخطوطاته وكتبه.

ابن الجزار القيرواني أيضا سيكون الاحتفاء به كأحد أشهر أعلام الطب العربي الذين أنجبتهم تونس، وبالتحديد مدينة القيروان، في القرن التاسع الميلادي، ومن المنتظر خلال هذه السنة إعادة طبع كتابه المعروف "طب الفقراء والمساكين".

‪العمارة الإسلامية في المدينة العتيقة‬ (الجزيرة)
‪العمارة الإسلامية في المدينة العتيقة‬ (الجزيرة)

الإرث الإسلامي
يتضمن هذا المحور الإعلان عن برنامج لترميم وتأهيل مجموعة من المعالم الأثرية الأساسية بمدينة تونس، وتنظيم احتفالية بمناسبة الذكرى الأربعين لتصنيف مدينة تونس في قائمة التراث العالمي لليونسكو.

ويشمل المحور تنظيم ندوة عن المخطوطات الإسلامية بتونس العاصمة، ومعرضا للنقود التونسية في العهد الإسلامي ومعرضا آخر لتطور الأزياء والملابس، وترجمة كتاب في تاريخ الأزياء التونسية، وإصدار كتاب يتضمن أهم المعالم الإسلامية لمدينة تونس.

كما يتضمن الاحتفاء بأعلام الفكر التونسي الحديث، وذلك عن طريق إطلاق مجموعة عروض فنية مختلفة من سينما ومسرح ورسم ونحت، وتنظيم معارض مثل "تونس في عيون الشعراء".

عقد الزواج القيرواني أو "الصداق القيرواني"، حسب التسمية المحلية الذي مكّن المرأة منذ القديم من الاعتراض على تعدد الزوجات، والذي يعتبر من أبرز ملامح الاجتهاد والتجديد في الثقافة التونسية سيكون محور نقاشات لإبراز حيوية الاجتهاد الفكري في تونس منذ القدم.

برنامج ثري وضعته وسطرت معالمه وزارة الشؤون الثقافية التونسية بالتنسيق مع الإيسيسكو كفيل بإعادة بريق المعالم الإسلامية والمخزون العلمي والثقافي في تونس عبر تثمينها والمحافظة عليها كإرث ثمين للأجيال العربية القادمة.

المصدر : الجزيرة