الراشدية.. بصمة خالدة في ذاكرة الفن التونسي

الراشدية معلم فني ومعماري عربي تونسي أصيل
الراشدية أقدم مؤسسة فنية بتونس تأسست في فترة الاستعمار الفرنسي (الجزيرة)

خميس بن بريك-تونس

في أحد مباني أزقة المدينة العتيقة بتونس العاصمة، تقع الراشدية أقدم مدرسة فنية ساهمت في إشراق التراث الموسيقي التونسي منذ تأسيسها في فترة الاستعمار الفرنسي كمنارة من منارات الهوية التونسية.

الراشدية أو المعهد الرشيدي للموسيقى التونسية يعود تأسيسها إلى عام 1934 على يد نخبة من المثقفين والمبدعين التونسيين أمثال الراحل خميس ترنان والشيخ أحمد الوافي، وغيرهما من الموسيقيين الذين تركوا بصمة خالدة حتى اليوم في المخزون الموسيقي والغنائي التونسي.

هذه القلعة الموسيقية الرمز التي تتلمذت عليها أجيال، أنجبت نجوما خالدة في الأغنية التونسية من بينها الفنانة صليحة وشبيلة راشد وعلية ونعمة والموسيقار عبد الحميد بلعجية وشيخ المالوف التونسي الطاهر غرسة، والفنان لطفي بوشناق الذي سطع نجمه في العالم العربي.

ورغم أنها شهدت بعض الخلافات ومرت بفترة فراغ نسبي عندما فرض القصر الرئاسي قبل اندلاع الثورة هيئة جديدة مكان الهيئة المنتخبة للجمعية الرشيدية، فإن الراشدية استطاعت بسرعة بعد سقوط النظام أن تستعيد نشاطها ومكانتها وتنظر إلى المستقبل بروح جديدة.

الموحلي: الراشدية تسعى للعناية بالتراث الموسيقي التونسي (الجزيرة)
الموحلي: الراشدية تسعى للعناية بالتراث الموسيقي التونسي (الجزيرة)

نقلة نوعية
ويقول رئيس جمعية المعهد الراشدي الهادي الموحلي إنّ استرجاع الهيئة الشرعية لمهامها بعد الثورة كانت فرصة مواتية للقيام بنقلة نوعية لمدرسة الراشدية حتى تستعيد بريقها المعهود، وتواصل دربها في الحفاظ على التراث الموسيقي ونشره وتطويره.

وأعدت الراشدية ترتيب بيتها فشكلت فرقة موسيقية جديدة من أساتذة وموسيقيين وفنانين تتلمذوا على يدها، وواصلوا تنظيم العروض والندوات الفنية والدروس الموسيقية في مختلف الاختصاصات لفائدة الطلاب، وقاموا بإنشاء فروع للراشدية في عديد الجهات التونسية.

وحول الهدف من إحداث هذه الفروع، يقول الموحلي للجزيرة نت إن الراشدية تسعى إلى العناية بالتراث الموسيقي وفق اللهجات التونسية التي تختلف من جهة لأخرى، مشيرا إلى أنّ هذه الفروع ستكون حاضرة في أول مهرجان فني في تاريخ الراشدية سيقام في رمضان.

وتعد الدورة الأولى لهذا المهرجان التي ستنطلق فعالياتها من 4 إلى 25 يوليو/ تموز المقبل تحت اسم "أيام الراشدية في المدينة" ثمرة عمل دؤوب قامت به الجمعية الرشيدية لاستعادة أمجاد الراشدية التي تراهن على حماية وتطوير المالوف أحد أنواع موسيقى الطرب الأندلسي.

وسيكون إطلاق العنان لهذا المهرجان -وفق الموحلي- الحلقة الأولى في سلسلة من الاحتفالات القادمة التي ستحتفي انطلاقا من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل بالذكرى الثمانين لتأسيس الراشدية في وجه الاحتلال الفرنسي الذي سعى لطمس الهوية التونسية.

واعتبر الموحلي أن هذا المهرجان إحدى المحطات الهامة في تاريخ الراشدية باعتبار أنها تساهم في إبراز التراث الموسيقي واستكشاف ما يوجد في الجهات، وفتح المجال أمام الفنانين لتجديد التراث التونسي وتطويره.

المصدر : الجزيرة