المغربي الطاهر بن جلون.. الكتابة بالرسم
واختار الروائي والشاعر عنوان "الكتابة والرسم" لمعرضه الذي سيستمر حتى 15 من الشهر الجاري مقدما لوحاته على أنها "مجرد ألوان، عبارة عن حلم، ثمرة من ثمرات الخيال ودعوة لاكتشاف حلم، ليس أكثر".
فلم يكن صاحب رواية "الاستئصال" يوما فنانا تشكيليا، ولم يعتبر نفسه كذلك، وهو يعد ما يقوم به "خربشات" بمثابة استراحة من عنت الكتابة، والسعي الدؤوب إلى توقيع انفعالاته الإيجابية تجاه الجمال والطبيعة في شكل إيقاعات لونية.
ولا تختلف المعاني التي يسعى الطاهر إلى تجسيدها في لوحاته، عن تلك التي يصورها في رواياته وقصصه وأشعاره، فهي تعبق برائحة الواقع "الفانطاستيكي"، والرومانسي، والأسطوري، وتحمل بصمة خيال متدفق في رسم مشاعر الفرح والغبطة والحزن معا، وهو باكتشافه لذاته التشكيلية يعبر عن مدى قدرة الألوان والأشكال على التعبير السلس والدقيق عما يتخيله الإنسان ويحلم به.
تلوين المشاهد
ويسعى بن جلون في لوحاته إلى الابتعاد عن درامية المشاهد المؤلمة التي تضمنتها روايته الأخيرة "الاستئصال"، عقب تجربته المريرة مع الاستشفاء والتداوي والإحساس بالعجز المضاعف، عبر الاحتفاء بالحياة ورسم الأشكال البديعة بألوان مثيرة، ودالة على الحيوية والتوثب والانطلاق؛ لذلك تجده يميل إلى رسم الفراشات والزهور والسجاد، والأشكال الفسيفسائية، والبحر، والسماء في صفائها، والعصافير والقباب في طمأنينتها.
ميزة شخصية
ولعل هذا ما عبّر عنه الناقد التشكيلي عزيز الداكي في تقييمه تجربة هذا المعرض، قائلا إن الخطوات الأولى لبن جلون كرسام تتميز بعالم مذهل من الألوان، يجري نسجه بطريقة عفوية تقريبا، حيث نكون مع قصاصات من الأقمشة ومن الذكريات المنتمية إلى عالمين: عالم الرسام واضح تماما، بتأثيرات لماتيس وسونيا دولاناي، دون أن ينتقص من عالم الميزة الشخصية لأعماله وبصمته الخاصة التي يمارس بها الرسم.
وبن جلون مولود بفاس سنة 1944، وينتمي إلى الجيل الثاني من الكتاب المغاربة الذين يكتبون باللغة الفرنسية، وتتميز أعماله بالطابع الفولكلوري والعجائبي، وهو حاصل على جائزة غونكور الفرنسية عن روايته "ليلة القدر" سنة 1987.
ابتدأ بن جلون مشواره في الكتابة شاعرا مع مجموعة أنفاس بالمغرب، ثم انتقل إلى الرواية والقصة، فصدرت له العديد من الأعمال الأدبية منذ السبعينيات، منها روايات "حرودة" 1973، و"موحى الأحمق، موحى العاقل" 1981، "صلاة الغائب" 1981، و"طفل الرمال" 1985، و"ليلة القدر" 1987.
كما أصدر مجموعة من النصوص القصصية والدواوين الشعرية والأنطولوجيات منها: "ذاكرة المستقبل"، ديوان "في غياب الذاكرة" 1980، والمجموعة القصصية "الحب الأول هو دائما الأخير" 1995.
ومن رواياته الأخيرة "ليلة الخطأ" 1997، و"مأوى الفقراء" 1999، و"تلك العتمة الباهرة" 2001، و"الاستئصال" 2014.