الرواية المغربية والحضور المتفاوت في البوكر
من الملاحظات التي تسجل حول البوكر غياب الكاتبات المغاربيات من اللوائح النهائية للجائزة بالرغم من الحضور العربي القوي الذي يسجلنه |
شروط إقصائية
وبحكم أن هذا الترشيحات واختيارات الجوائز تتدخل فيها عوامل مختلفة واعتبارات منها العلاقة بالناشر والعلاقات الإنسانية مع المؤسسات والأشخاص والقدرة على التواصل وتسويق الاسم، فإن كل ذلك لعب دورا حاسما في طمس تجارب ذات وزن كبير على مستوى الرواية المغربية، وأعلت بالتالي من شأن تجارب أخرى كما يرى نقاد مغاربة.
غير أنه بالموازاة مع الصيت الكبير الذي تناله جائزة البوكر العربية، من دورة إلى أخرى -كما يقول معتصم- تسمع هنا وهناك آراء منتقدة، ترى أن البوكر تضع نصب أعينها نموذجا معينا من الكتابة لا يمثل كل التجارب الروائية التي تزخر بها الساحة العربية.
ومن هذه التجارب تلك التي تتطرق للقضايا الحساسة والجوهرية للواقع العربي في تحولاته السياسية والفكرية، وأنها تشجع الكتابات التي تميل نحو التغريب والظواهر العجيبة والشاذة في الواقع العربي "ومنها أيضا تلك التي تصور العالم العربي كبلدان متخلفة وعنيفة".
ومن الملاحظات التي تسجل حول البوكر -وفق معتصم- غياب الكاتبات المغاربيات من اللوائح النهائية للجائزة بالرغم من الحضور العربي القوي الذي يسجلنه، مثل "خناثة بنونة" و"أحلام مستغانمي" و "فضيلة الفاروق" و"فاتحة مرشيد" و"ربيعة ريحان" و"ليلى أبو زيد" وغيرهن.
ويرجع معتصم أسباب هذا الغياب إلى "غياب دعم ومساندة إعلامية قوية تعرف بالإبداع النسائي والنسوي المغاربي، ولعل سوء التوزيع، كذلك واحد من هذه الأسباب حتى لا نميل إلى الشك والتخوين، وقد يكون السبب أيضا اختيار اللجان واطلاعها المحدود واختياراتها وأذواقها".
مسألة النشر
من جهته، يلخص الروائي أحمد الكبيري العوائق التي تحول بين الروائيين المغاربة وجائزة البوكر في عائقين اثنين أولهما يتعلق بشروط الجائزة، حيث "لا يمكن للكاتب أن يرشح عمله الروائي بنفسه، بل لابد أن يتم ذلك عن طريق دار النشر التي أصدرت الرواية، شريطة ألا يتجاوز عدد الروايات المرشحة ثلاثة نصوص".
أما الثاني، كما يضيف صاحب "مصابيح مطفأة" فهو غياب الناشرين المغاربة، مع استثناءات قليلة، كفاعلين ثقافيين حقيقيين، وليس كتجار في الساحة الثقافية العربية "ولهذا ارتباط وثيق بالسياسة الثقافية للدولة المغربية".
ويبدي الكبيري امتعاضه من كون "جل الكتاّب المغاربة الذين وصلوا إلى البوكر، كانت من ورائهم دور نشر عربية، وهذا فعلا يحز في النفس، لأننا في المغرب، وربما في جميع المجالات، لابد أن يأتي الاعتراف من الخارج".
حضور مشرف
ويرى الروائي البشير الدامون أن حصيلة مشاركة المغرب لهذه السنة في جائزة البوكر كانت مشرفة، وهي اعتراف بما وصل إليه الإبداع المغربي في مجال الرواية، حيث إن الصيت المغربي "لم يعد مقتصرا على مجال النقد فحسب".
ويذهب صاحب "سرير الأسرار" إلى أن الروايات المغربية التي وصلت إلى القائمة الطويلة ثم القصيرة أعمال متميزة جعلت القارئ يحس بأنه تم الاشتغال على موادها بمهارة فنية "سواء على مستوى اللغة أو على مستوى المادة الحكائية أو على مستوى البناء".
ويشير الدامون إلى أن عدم وصول رواية ما إلى اللائحة القصيرة للبوكر لا يعني أن قيمتها الأدبية أقل من تلك التي وصلت. فالحَكَمُ المثالي في الأدب هو الزمن-كما يقول- وكثير من الأعمال الروائية وصلت إلى القائمة القصيرة انحسر امتدادها بين المتلقين في زمن وجيز "وكثير من الأعمال الروائية لم تحصل على أي جائزة، لكن التاريخ خلدها لفنيتها العالية".