صور يبثها ناشطو المعرّة، من أمام أحد المساجد داخل البلدة، بذات "التكنيك" الذي عرفت به فيديوهات أيام الثورة الأولى: ذاتُ زوايا التصوير، وأماكنها، ونفس الرهبة التي تلازم المتظاهرين، الّلا مبالين ببندقية الطاغية، والموجّهة نحو الصدور العارية، إلّا من الإيمان بمشروعيّة الصراخ والثورة على كل ضروب الظلم، سواءٌ كان باسم الوطن أو الدين أو الفصيل.
استفقنا على مائة بشار آخر، يحتاجون، لمثل أبناء المعرّة، كي يعيدوا سيرة الثورة السورية الأولى، ويخرجوا للشوارع، ولسان حالهم يقول: باقون هنا، ولصرخاتنا العالية.. بقية. |
ولا يخفى على متابع للشأن السوري، طريقة التعامل "النرجسية"، والتي ما فتئ يتّبعها عناصر هيئة تحرير الشام، مؤخراً، بحق الناس العاديّين في سوريا، (ذات الطريقة التي يتبعها عناصر داعش مع أهالي دير الزور والرقة) والذين يُسمّون بعُرف الهيئة: عٙوٙام، ذو درجة عاشرة ما بعد عناصرها "المقاتلين"، لا سيّما وأنّ أهالي المعرّة يعادون فكر القاعدة عيٙاناً، ويحملون أفكار الثورة السورية البسيطة، ورموزها، كأيدلوجية وطنية، الأمر الذي زاد الطين بِلّة، وحدث يوم أمس أن وقع ضحايا، إثر اقتحام الهيئة لمعرّة النعمان، بذريعة وجود فصائل عسكرية فاسدة، وربما علمانية!
وجود القاعدة بين ظهرانينا، والسكوت على الاستحقاقات التي تترتب على تطبيق مشروعها، وسط المتروكية التي يحظى بها مشروع السوريّون: الثورة السورية، هو أحد أسباب وصولنا لما نحن عليه اليوم، من خسارات جمّة، كانت قد بدأت بسقوط الدير والرقة مطلع ٢٠١٤، مروراً بخسارة حلب نهاية ٢٠١٧، وليس انتهاء بما حدث في المعرّة أمس.
ثمّةٙ موجة من العدميّة، تعصف بنا الآن، إذ إنّ ما خرجنا لأجله، قبل ستّة أعوام، وبعد قرابة المليون شهيد، وعشرات الآلاف من المعتقلين، والمتمثّل، بإسقاط بشار الأسد، الذي ظلم الشعب السوري، ولم يتورّع في سفك دمه، لمّا طالب بحرّيته، وقال: لا لجلّاده؛ لم يتحقق حتى اللحظة، إذ أنّنا استفقنا على مائة بشار آخر، يحتاجون، لمثل أبناء المعرّة، كي يعيدوا سيرة الثورة السورية الأولى، ويخرجوا للشوارع، ولسان حالهم يقول: باقون هنا، ولصرخاتنا العالية.. بقية.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.