لو نجحت جهود الوسطاء في إبرام صفقة بشأن غزة في الفترة المتبقية للانتخابات، فإن ذلك لن يعني بأي حال أن الحرب انتهت تمامًا؛ لأن ترتيبات اليوم التالي لما بعد الحرب لا تقل تعقيدًا عن الحرب نفسها.
محمود علوش
باحث في العلاقات الدولية
الجديد من الكاتب
تدفق المحتوى
تظهر الهجمات الإسرائيلية الأوسع نطاقًا والأكثر عمقًا في لبنان في الآونة الأخيرة أن نتنياهو يدرك بشكل متزايد نقطة ضعف حزب الله الرئيسية المتمثلة في حرصه على تجنب التكاليف الباهظة لانخراطه في مساندة غزة
تظهر الاعتبارات الداخلية للحركة كعامل رئيسي في هذا الاختيار حقيقة أن السنوار، الذي يُنظر إليه على أنّه مُهندس هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لا يزال يقود بفاعلية كبيرة المقاومة على الأرض.
هناك سبب واضح يُفسر تهرب نتنياهو من استحقاق الصفقة في الوقت الراهن وهو أن شركاءه الأكثر تطرفاً في الحكومة لا يُريدون لهذه الحرب أن تنتهي من دون أن تُحقق فيها إسرائيل نصراً واضحاً.
الظروف المحيطة بخطة التطبيع التركي السوري تبدو مناسبة جزئيًا لنجاحه عن أي وقت مضى، لكنّ الرهانات على نجاحه تنطوي على مخاطر الفشل. ويصعب تقدير ما إذا كانت مزايا التطبيع، لكل الأطراف ستتفوق على العقبات.
هناك سببان رئيسيان حالا حتى الآن دون اندلاع حرب واسعة بين إسرائيل و لبنان؛ الأول أن كلا الطرفين ليسا في عجلة للانخراط فيها وتحمل تكاليفها حاليًا حتى لو بدت حتمية، والثاني أنهما ليسا في وضع يسمح بذلك.
أكبر الأهداف التي حققتها “حماس” في هذه الحرب، إعادة إحياء القضية الفلسطينية وإظهار أن الردع الذي تفاخرت به إسرائيل كضمان لأمنها ولمواصلة احتلالها الاستيطاني، سيكون عرضة للتصدع مادام النضال قائمًا.
الهجوم على رفح كان مُصمم بدرجة رئيسية كوسيلة للضغط على حماس من أجل انتزاع صفقة تُساعد نتنياهو على الادّعاء أنه استطاع تحقيق أهداف الحرب والانصراف بعد ذلك إلى توظيف الصفقة في معركته.
مع أن رئيسي لم يكن يحظى بكاريزما كبيرة على غرار أسلافه السابقين، إلا أن رئاسته صُممت لتحقيق هدفين رئيسيين في السياسة الداخلية، أحدهما: استعادة قوة المحافظين وتحجيم التيار الإصلاحي.
لم يكن العالم بحاجة إلى دليل آخر على أن نتنياهو لا يُريد لهذه الحرب أن تنتهي. وقد يكون التحرك الإسرائيلي الجزئي في رفح مُصممًا للضغط على حركة حماس؛ لانتزاع صفقة بشروط أفضل لنتنياهو.