ترويع نفسي وتعذيب جسدي.. "اختطاف" مسلسل سعودي يثير الجدل

اختطاف مسلسل سعودي اجتماعي يمزج بين الدراما والتراجيديا
"اختطاف" مسلسل سعودي اجتماعي يمزج بين الدراما والتراجيديا (مواقع التواصل)

أثار مسلسل "اختطاف" جدلا واسعا بعد عرض حلقاته الـ13 التي جاءت بتوقيع المخرج البريطاني مارك إفيريست، وتأليف السعودية أماني السليمي.

المسلسل السعودي الاجتماعي الذي يمزج بين الدراما والتراجيديا تدور أحداثه في عالم الجريمة، ويتناول قصة اختطاف طفلة تدعى "لينا"، وبدء عائلتها رحلة البحث عنها.

قصة "اختطاف" مقتبسة من الفيلم الأجنبي "فتاة في القبو" (Girl in the basement) الذي يجسّد حادثة حقيقية وقعت في النمسا عام 2008 عندما قُبض على أب احتجز ابنته في قبو أكثر من 20 عاما.

وتوضح مؤلفة المسلسل السعودية أماني السليمي أن فكرة العمل استلهمتها من رواية قديمة كتبتها منذ الصغر، إلا أنها طوّرتها ودمجت بها عوالم نفسية واجتماعية مشوّقة في إطار درامي واحد.

وتقول السليمي إن المسلسل كان عملية متكاملة بين المخرج وصنّاع العمل، فضلا عن عنصر التشويق ليخرج النص كاملا، وهو الأمر الذي جعل القصة تصبح حقيقية واقعية في أذهان المشاهدين ولكن المشهد الأخير جعلهم يدركون أنه غير حقيقي ولا واقعي.

وتروي أحداث العمل قصة حياة مأساوية لطفلة بريئة تدعى "لينا" تبلغ من العمر 10 سنوات، يختطفها رجل ويحتجزها نحو 20 عاما، تخضع فيها لأبشع ألوان الترهيب والترويع النفسي والتعذيب الجسدي.

السليمي قدمت قصة محبوكة جيدا، اختصرتها في 13 حلقة، أي بعيدا عن التطويل بلا دواعي درامية، فضلا عن تقديم أبعاد الحالة النفسية للمختطفة من دون الاكتفاء بالتركيز على المرض النفسي الذي يعانيه الخاطف والعقد التي يحملها معه منذ طفولته.

طبيب نفسي

وتضيف أنها استعانت بطبيب نفسي لتكتب التفاصيل الدقيقة كتابة علمية عن حال الخاطف والمختطفة وأهلها، لتقدم معالجة نفسية دقيقة لكل أطراف الجريمة، وذلك جعل العمل يجمع بين التشويق والعمق النفسي.

المسلسل لاقى ردود فعل متفاوتة بعد عرضه، اختلفت بين استهجان حالات الوحشية والعنف والمأساة النفسية التي جسّدها من جهة، والإشادة بصورته وتقنيته ومستواه الإخراجي والفني والبناء الدرامي من جهة أخرى.

لكن السليمي ترى أن سقف طموحات الأعمال الدرامية ارتفع لدى المشاهد والمؤلف والممثل، في ظل المرحلة الانتقالية التي نعيشها حاليا والطموحات العالية والإمكانات المتوفرة، الأمر الذي يحتاج إلى تكاتف الجهود من أجل تقديم أعمال أقوى وأكثر جرأة.

وهاجم منتقدون تضمّن المسلسل مشاهد وأفكارا وألفاظا عدّوها لا تليق بالمجتمع السعودي، فضلا عن ظهوره بطابع غربي يعيد المشاهد للتذكير بأفلام أجنبية ارتكزت على تسلسل مشابه وطريقة تنفيذ قريبة.

ممثل بارع

القصة والإخراج لا يكفيان بلا وجود ممثل بارع، يملك حسًّا عاليا وموهبة بارزة كي يحوّل الفكرة إلى حقيقة تتنقل على الشاشة، فيصدّقها الجمهور ويتفاعل معها.

فالممثلة السعودية إلهام علي التي ظهرت بدور "لينا" كانت المحرك الرئيسي لتغيير الأحداث في المسلسل، في حين جسّد الممثل خالد صقر ببراعة دور الخاطف "ماجد"، واشترك في العمل النجمان مهند بن خويلد وفايز بن جريس، وذلك بجانب عدد من الممثلين أمثال ليلى السلمان وعبد الإله السناني وأسمهان توفيق.

وقدمت إلهام علي 3 شخصيات في مسلسل اختطاف، تكاد لا تصدق أنها هي نفسها بدور "لينا" المختطفة وشقيقتها "خلود" المتمردة المنطلقة، وهي نفسها "طيف"، الشبح الذي يحرّض لينا على الهروب.

وأبدعت الفنانة السعودية في العمل، في التعبير بالأداء وبلغة الجسد وبالوجه والصوت عن كل شخصية، فيحتار المشاهد إن كانت هي فعلا ممثلة واحدة أم إنهن 3 ممثلات متشابهات.

وتقول الممثلة السعودية إن هذا العمل كان تحدّيا كبيرا لها لوجود فروق في الشخصيات الثلاث، بين شخصية مركبة، وشخصية لها بعد نفسي، وشخصية أقرب إلى الرعب.

وترى أن عملها في التمثيل يتطلب منها أداء الدور ونقله إلى الجمهور كما كتب من قبل المؤلف، ولا يعني تقديمها دورا أنه يتشابه معها، أو اقتناعها بالدور من عدمه.

وشهد مسلسل اختطاف الذي تم تصويره على مدى 3 أشهر تفاعلا كبيرا لدى رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فعبّر بعضهم عن إعجابهم بمستوى تقنيات التصوير والإخراج، فضلا عن تقديم المسلسل فكرة جديدة وخروجه عن المألوف، في حين رآه آخرون يشوّه المجتمع السعودي، ويلمّح إلى صور غير موجودة في المجتمع.

وبجانب إلهام علي برع بطل الممثل خالد صقر في تقديم دوره، وجاء اختياره موفّقا وجعله يقوم بأداء مشاهد عكست العلاقة التي يكنّها الخاطف لضحيته، وربما يحظر على فنان آخر القيام بالمشاهد ذاتها لأسباب كثيرة.

وأسهم في نجاح مسلسل "اختطاف" مستوى التصوير وأداء المشاهد بحرفية عالية، وتفاهم إلهام علي وزوجها خالد صقر، فقد صنع العمل منهما ثنائيا يمكن استثماره في المستقبل بصورة جيدة في الدراما الهادفة.

المصدر : الجزيرة