قربان أسمر لإنقاذ البطل الأبيض.. أفلام الرعب الأميركية ترسخ العنصرية ضد السود

يكشف فيلم "رعب نوار" السمات البارزة للسود في أفلام الرعب.
فيلم "رعب نوار" يكشف السمات البارزة للسود في أفلام الرعب

"لقد تم دمج العنصرية في الحمض النووي لأميركا، وطالما أننا نغض الطرف عن ألم أولئك الذين يعانون تحت وطأة الاضطهاد فلن نهرب من تلك الأصول"، هذا ما قالته الممثلة فيولا دافيس في مسلسسل "كيف تفلت من جريمة قتل؟" (?How to Get Away with Murder) في خطابها أمام المحكمة العليا الأميركية.

ما تشهده الولايات المتحدة الآن من مظاهرات ضد التمييز العنصري يكشف معاناة أصحاب البشرة السمراء في واحدة من أقوى بلاد العالم وأكثرها تطورا، إلا أن التمييز ما زال مستمرا حتى يومنا هذا، لنشاهد بالفيديو مواطنا أميركيا أسود يستغيث "لا أستطيع التنفس" ويقتل بدم بارد في الشارع.

وتظهر العنصرية بصورة واضحة في الأعمال الفنية -خاصة في أفلام الرعب- لما لها من قدرة كبيرة على تصوير العنف بطرق مختلفة ومثيرة للاهتمام، وهو ما تم استغلاله بشكل ملحوظ في تاريخ أفلام الرعب الأميركية لإظهار الأقليات كشخصيات عنيفة ومجرمين ووحوش.

تاريخ من العنصرية

في الفيلم الوثائقي "رعب نوار" (Horror Noire) المستمد من كتاب "السود في أفلام الرعب الأميركية من 1890 إلى الحاضر" للكاتب روبن ر. كولمان يكشف الفيلم السمات البارزة للسود في أفلام الرعب.

ويعرض الكتاب تاريخ السود في أفلام الرعب، وكيف تم تصويرهم مجرمين ووحوشا في الثلاثينيات، مثل سلسلة أفلام الرعب "إنجاغي" (Ingagi) التي وقعت أحداثها في الأدغال وتم تصوير السود على أنهم بدائيون ولا يمكن تمييزهم أحيانا عن القرود.

وفيلم "ولادة أمة" (Birth of a Nation) الذي علق عليه روبن قائلا "تستخدم هوليود رسائلها لخلق الخوف حول السود، خاصة الخوف من الرجال السود".

وأضاف "بالنسبة للبيض فإن فيلم "ولادة أمة" جميل ويدعو للفخر، وتم عرضه في البيت الأبيض، لكن بالنسبة للأشخاص السود إنه فيلم رعب".

وتطور الأمر في بداية الستينيات حين بدأت العديد من الروايات في هذه الفترة على التركيز على ثقافة السود، وبدؤوا في الظهور كمشاركين رئيسيين في الأفلام والمسلسلات، مثل فيلم "تل السكر" (Sugar Hill) عام 1974، والذي ظهرت فيه البطلة سمراء البشرة وتقوم بمساعدة جيش من الزومبي السود بالانتقام من قاتل خطيبها.

وفي فيلم "ليلة الموتى الأحياء" (Night of the Living Dead) عام 1968 كسر الفيلم الصورة النمطية أن الشخص الأسود هو من يموت أولا، حيث قام الممثل دوين جونز بدور شخصية سوداء قوية ومعقدة، ويقود مجموعة من البيض خلال نهاية العالم ومحاربة الزومبي.

وكان دوين هو الناجي الوحيد من هذه المعركة المرعبة، ولكن سرعان ما تعود القصة للمجرى المعتاد ويسقط قتيلا في نهاية الفيلم من قبل مليشيا من الشرطة البيضاء والمدنيين.

القربان الزنجي

وبحلول الثمانينيات ظهرت الشخصيات السوداء كأجزاء مكملة لمسيرة البيض، ويبرز هذا في دور الممثل الأسود سكاتمان كروذرس، بدوره في فيلم "اللمعان" (The Shining)، فظهر كرجل أسود يوفر المعلومات والحماية لعائلة بيضاء، ويكون وجوده أو عدمه مرهونا بما يمكنه القيام به من أجلهم، ويقتل على الفور بمجرد اعتباره غير ضروري.

وتصور هذه النوعية من الأفلام الرجل الأسود بأنه "القربان الزنجي"، وهو كما علقت الكاتبة آشلي بلاكويل عليه قائلة "يجب أن يضع نفسه في مواجهة الخطر، وأن يموت من أجل مساعدة الشخصية البيضاء على البقاء".

ورغم تطور أفلام الرعب فإن الصورة النمطية للسود ما زالت مستمرة كما في فيلم "صندوق الطيور" (Bird Box) من إنتاج شبكة نتفليكس التي تدافع عن حقوق الأقليات وكل من تعرض للنبذ من المجتمع، ومع ذلك ظهرت شخصية القربان الأسود في دور الممثل ليل ري هوري.

وعلق المخرج أكزافير بورجين على هذا الدور قائلا إن "الرجل الأسود يضحي بنفسه من أجل النساء البيض وطفلين، نحن في عام 2018 وما زلنا نرى هذه النماذج في الأفلام".

تمرد ونجاح

تمكنت بعض الأفلام خلال السنوات القليلة الماضية من معارضة هذه الصورة النمطية، ويظهر هذا التطور في فيلم "التطهير الأول" (The First Purge) الذي عرض عام 2018، وهو من إخراج جيرارد ماكموري، وعرض الفيلم عدم المساواة في الحياة الأميركية المعاصرة.

كما تمكن الكاتب والمخرج جوردان بيل من تقديم نموذج مميز في أفلام الرعب وكسر الصورة النمطية للسود في فيلميه "اخرج" (Get Out) عام 2017، و"نحن" (Us) عام 2019، وحقق الأخير نجاحا مبهرا ومبيعات خلال أربعة أيام تساوي أربعة أضعاف ميزانية الفيلم التي بلغت 20 مليون دولار.

وعرضت هذه الأفلام صورة معارضة للرواية السائدة لتمثيل السود في أفلام الرعب الأميركية، وعلق عليها بورجين قائلا "لا يوجد نوع من الأفلام لا يستطيع الشخص الأسود القيام بها أو لا يرغب في القيام بها، إنها فقط الفرصة للقيام بذلك في المقام الأول".

المصدر : مواقع إلكترونية