اختطاف واغتيال.. مخاطر أن تكون فنانا يمنيا

رسام كاريكاتير يمني هددت بالقتل من عنصر بالقاعدة
يتعرض الرسامون للفصل من العمل بسبب رسومات لمسؤولين فاسدين (الجزيرة)

عبده عايش-الجزيرة نت

امتدت آثار الحرب في اليمن المستمرة منذ نحو أربعة أعوام، إلى رسام الكاريكاتير حميد المسوري مثل أي مواطن يمني. وللمعاناة التي يواجهها الرسامون والفنانون أوجها عديدة لا تقتصر فقط على صعوبة الحياة في ظل الحرب وضنك المعيشة والجوع والفقر وانقطاع الرواتب منذ أكثر من عامين.

فقد لجأ المسوري إلى المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي لنشر رسوماته الكاريكاتيرية مؤخرا، ليتمكن من تغطية متطلبات عائلته، وليواصل انتقاد أطراف الصراع باليمن، رغم ما يشكّله ذلك من خطورة على سلامته الشخصية.

ويشمل نقد المسوري أطراف الحرب باليمن سواء جماعة الحوثيين المسلحة أو الحكومة اليمنية الشرعية أو التحالف السعودي الإماراتي، وهو ما يلقى استحسانا من شرائح مجتمعية واسعة باتت تحمل مسؤولية ما يحدث في اليمن للجميع.

يمتد نقد المسوري إلى كل أطراف الحرب باليمن (الجزيرة)
يمتد نقد المسوري إلى كل أطراف الحرب باليمن (الجزيرة)

اغتيال واختطاف
يقول المسوري إنه تعرض قبل سنوات للتهديد من قبل أحد عناصر القاعدة بالقتل، وذلك عبر استصدار فتوى من التنظيم بقتله وعدد من الفنانين والصحفيين الذين ينتقدون القاعدة وعملياتها في اليمن.

ويضيف أن التهديد السياسي والإرهاب الفكري كان ولا يزال سيفا مسلطا في وجه انطلاق الفنانين وخاصة رسامي الكاريكاتير الذين هم أكثر قدرة على إيصال آرائهم ووجهات نظرهم للعامة البسطاء تجاه القضايا والأحداث في بلده، على حد تعبيره.

وبرسم كاريكاتيري ساخر أو ناقد تجاه مسؤول أو تنظيم أو حدث ما، يبقى الفنان في اليمن في حالة ترقب دائم لما قد يطاله من عنف أو استهداف لحياته، كما يقول المسوري، فهو يعمل كغيره من الصحفيين والمراسلين والإعلاميين في بيئة هي الأخطر على مستوى العالم.

ويتذكر المسوري أنه تعرض لمحاولة اغتيال "حيث حاول مجهولون استدراجي إلى فندق في صنعاء القديمة بحجة الظهور في برنامج باسم أحد المذيعين الذي أنكر فيما بعد تواصله معي، ولولا لطف الله لكنت في خبر كان".

كما كشف أنه تعرض للاختطاف من ساحة التغيير في صنعاء مرتين بسبب معارض الكاريكاتير التي أقامها إبان ثورة الشباب السلمية التي أطاحت بحكم الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، كما فصل من عمله في بعض الصحف التي كان يعمل بها بسبب رسومات كاريكاتيرية لمسؤولين فاسدين، حسب قول المسوري.

ويضيف "هناك اغتيال فكري للفنان في اليمن من خلال التهميش والإهمال وعدم الدعم للفنانين والمبدعين، فلا أزال أعاني بسبب الكاريكاتير الذي أرسمه وأعبّر من خلاله عن آرائي".

انتقاد مسؤول أو تنظيم أو حدث ما في اليمن يضع حياة الفنان في خطر (الجزيرة)
انتقاد مسؤول أو تنظيم أو حدث ما في اليمن يضع حياة الفنان في خطر (الجزيرة)

صوت المعركة
بدوره يرى رسام الكاريكاتير عبد الله الحمزي أن الحرب أوقفت الحياة الطبيعية في اليمن، وبات من الصعوبة إبداء الآراء أو نشر الرسومات الناقدة أو المعبرة عن مواقف مخالفة، فلا صوت فوق صوت المعركة، كما يقال.

وكما أن اليمن يعاني حصارا خارجيا، فإن الشعب أيضا يعاني حصارا داخليا طال كل شيء، فقد أضحى اليمنيون -بحسب الحمزي- يبحثون فقط عن لقمة العيش يوما بيوم كي يتجنبوا الموت جوعا، في بلد صنف وفقا لمنظمات أممية ودولية بأنه يشهد أكبر كارثة إنسانية على مستوى العالم.

ولا يزال الحمزي، المتخصص في مادة الفلسفة والذي فضل عدم مواصلة نشر رسوماته الكاريكاتيرية منذ بداية الحرب باليمن، يؤدي واجبه في تعليم طلاب الثانوية بإحدى المدارس الحكومية رغم انقطاع راتبه منذ أكثر عامين.

ويؤكد الحمزي أحقية أطفال اليمن في العيش بأمن وأمان وأن يتلقوا التعليم وحتى الترفيه، ولا يزال يحن إلى رسوماته بمجلة أطفال كان يبث من خلالها الوعي ويحث على القراءة والتفكير، كما يبث المرح والبهجة بحكايات وقصص الطفولة.

ويروي الحمزي أن بداياته في رسم الكاريكاتير كانت في العام 1990 ومن خلال صحيفة "الوحدة" الحكومية، ثم انتقل إلى صحف أهلية سياسية ورياضية ومجلات أطفال، وإن كان يركز دوما في رسوماته على نقد الممارسات الخاطئة من مسؤولي الحكومة والفساد الإداري والمالي.

هناك اغتيال فكري للفنان في اليمن من خلال التهميش والإهمال وعدم الدعم (الجزيرة)
هناك اغتيال فكري للفنان في اليمن من خلال التهميش والإهمال وعدم الدعم (الجزيرة)

العامل الصيني
ويتذكر المسوري أنه بدأ الرسم صغيرا حينما كان يدرس بالصف الثالث الابتدائي، ويقول "أذهلني عامل مجاري صيني أخذ مني قلما وورقة وبدأ بالرسم سريعا وأراني رسما جميلا، فقررت حينذاك أن أتعلم الرسم".

ويضيف "لقد استفدت أيضا من أحد المعلمين السودانيين الذي نبهني إلى امتلاكي قدرة الرسم خلال السنة الأولى في فنون جميلة، كما علمني الخط العربي، ومن خلال اطلاعي على مجلات الأطفال اتجهت للكاريكاتير والكومكس".

وأشار المسوري إلى أن احترافه رسم الكاريكاتير السياسي كان في العام 1993، وأرجع ذلك للهامش الديمقراطي الذي شهده اليمن عقب وحدة البلاد عام 1990، وهي فترة عدّها أزهى عصر لرسامي الكاريكاتير اليمنيين من الجيل الثاني وكان واحدا منهم، والذين اهتموا بمفاهيم الديمقراطية والتعدد الحزبي والحكم الرشيد والتداول السلمي للسلطة ونقد الفساد.

وأسس المسوري رابطة فناني الكاريكاتير والكومكس اليمنيين في العام 2014 بمشاركة كل رسامي الكاريكاتير باليمن ومن كل المحافظات، وهي مرخصة من وزارة الثقافة، لأن أغلب الرسامين ليسوا أعضاء في نقابة الصحفيين اليمنيين.

المصدر : الجزيرة