ميديا بارت: تهريب وابتزاز وتقاسم نفوذ.. هؤلاء ينهبون أموال العراق وأميركا متورطة

الكاتب يقول إن الولايات المتحدة تستخدم وقودا إيرانيا في قاعدة عين الأسد غرب بغداد

الكاتب يقول إن الولايات المتحدة متورطة بشراء النفط الذي يغذي منظومة الفساد (رويترز)

خرجت الفصائل المسلحة في العراق عن السيطرة وأصبحت تقوم بعمليات خطف وتهريب وابتزاز لتمويل أنشطتها والحفاظ على نفوذها، وصارت تشكل رقما صعبا في منظومة الفساد التي تنخر العراق منذ الغزو الأميركي عام 2003.

وفي تقرير نشرته صحيفة ميديا بارت (MEDIAPART) الفرنسية، يرى الصحفي العراقي فرات العاني أن وضع العراق أصبح أكثر سوءا بعد تعاظم نفوذ الفصائل الموالية لإيران التي اضطرت للبحث عن مصادر تمويل بديلة بعد تشديد الولايات المتحدة عقوباتها ضد طهران.

وينقل الكاتب عن مصدر طلب عدم الإفصاح عن هويته أن الولايات المتحدة، التي تفرض عقوبات اقتصادية صارمة على طهران وتمنعها من تصدير نفطها إلى العالم، تستخدم وقودا إيرانيا في قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار غربي بغداد.

إعلان

ويقول المصدر إن الشحنات تدخل إلى القاعدة بشكل قانوني من خلال أحد رجال الأعمال، وتحمل وقودا إيرانيا يستخدمه الجيش الأميركي. وتكشف صور ومقاطع فيديو قدمها المصدر لميديا بارت، عن حجم كبير من عمليات التهريب التي تتحدى العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.

ويؤكد الكاتب أن عمليات التهريب لا يمكن أن تتم دون تدخل من فصائل تابعة للحشد الشعبي الذي تشكل في 2014 لتحرير المدن العراقية من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية، حيث شكلت هذه الفصائل نظاما موازيا وسيطرت على المعابر البرية والبحرية للبلاد، وأصبحت تُشرف على عمليات التهريب في ظل إفلات تام من المساءلة وعجز الحكومة عن فرض سيطرتها.

المعابر الحدودية مصدر عمليات التهريب في ظل إفلات تام من المساءلة وعجز الحكومة عن فرض سيطرتها عليها (رويترز)

دولة عاجزة

عاش العراق كابوسا حقيقيا في يونيو/حزيران 2014، عندما استولى تنظيم الدولة على مدينة الموصل، ثمّ وسّع انتشاره ليشمل عدة مدن، لكن التهديد الحقيقي حاليا -وفقا للكاتب- هي الفصائل الشيعية التي تستعرض قوتها بشكل مستمر في مختلف المدن العراقية.

إعلان

وتُعتبر كتائب حزب الله العراقي من أبرز الفصائل الشيعية في البلاد، وإحدى أقوى أذرع إيران في العراق، وهي تطلق الصواريخ بانتظام على السفارة الأميركية في بغداد وعلى القواعد العسكرية الأجنبية.

ومن بين تلك الجماعات أيضا، فصيل تشكّل مؤخرا ونظّم عرضا عسكريا في بغداد رافعا صور رجال دين وشخصيات عسكرية إيرانية، بما في ذلك الجنرال قاسم سليماني الذي قُتل بغارة أميركية في الثالث من يناير/كانون الثاني 2020.

اضطرت إيران، بعد أن خنقتها العقوبات الاقتصادية الجديدة التي فرضها الرئيس الإيراني السابق دونالد ترامب، إلى قطع التمويل عن أذرعها في العراق، وهو ما جعل الفصائل تبحث عن مصادر بديلة.

ويقول دبلوماسي عراقي مقيم بالخارج إن هذه الفصائل "تعمل مثل الكارتلات، بمعنى أنها لا تتناحر فيما بينها، بل هناك تفاهم بين قادتها على تقاسم مناطق النفوذ، والكل يحصل على نصيبه من الكعكة".

ويرى الكاتب أنه في ظل الفساد الذي ينخر مفاصل الدولة العراقية، أصبح المشهد أكثر قتامة مع ظهور هذه "الكارتلات" التي تسعى للحصول على الأموال عبر كل الطرق غير المشروعة. ويوضح الدبلوماسي العراقي أن الفصائل أصبحت أكثر احترافية في جني الأموال بتركيزها على قطاعات مربحة مثل الجمارك.

أميركا متورطة

ويؤكد الكاتب أن الوضع في العراق اليوم أصبح مزيجا من فساد رجال الأعمال والنخبة السياسية، وفساد الفصائل المسلحة.

وحسب رأيه، فإن العراق اليوم بعيد كل البعد عن النموذج الذي روجت له إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش الابن، الذي وعد العراقيين بنظام قائم على العدالة الاجتماعية والمواطنة والديمقراطية.

في الواقع، تحوّل النظام في العراق إلى منظومة فساد تنخرط فيها الولايات المتحدة، ليس فقط بسبب الغزو الذي دمّر الاقتصاد العراقي، ولكن أيضا بسبب شراء النفط المهرّب الذي يغذي هذه المنظومة.

ويمدّ الاحتياطي الفدرالي الأميركي العراق بما لا يقل عن 10 مليارات دولار سنويا من مبيعات النفط، لكن يتم اختلاس الكثير من هذه الأموال لتغذية منظومة الفساد. وفي الوقت نفسه، تفرض الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على البلدين الجارين، إيران وسوريا، لكن حدود الدولتين تسيطر عليهما الفصائل الشيعية، وهو ما يفتح المجال لعمليات تهريب وابتزاز توفر أموالا طائلة لأعداء الولايات المتحدة.

المصدر : ميديابارت

إعلان