على رأسها الفساد والطائفية.. مشاكل العراق معقدة لن يحلها رئيس جديد للحكومة

مصطفى الكاظمي المرشح لرئاسة الحكومة العراقية
الكاظمي يوصف بأنه شخص يستطيع الموازنة بين الولايات المتحدة وإيران (مواقع التواصل)
رشحت شخصية جديدة لمنصب رئاسة الحكومة في العراق، ولكن الآمال بتحقيق النجاح منعدمة كليا، حسب صحيفة "فورين بوليسي" الأميركية التي قالت إنه لا أحد يعلم أو يهتم باسم رئيس الوزراء المقترح، ولا بالشخصية التي تم تقديمها قبله في منتصف مارس/آذار الماضي.
 
ويقول كاتب التقرير في الصحيفة ستيفن كوك إن رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي يوصف -مثل سابقيه- بأنه شخص يستطيع الموازنة بين الولايات المتحدة وإيران، وتجميع الدعم السياسي اللازم من مختلف الأطراف العراقية. إلا أن هذا التقييم ترافقه أيضا تحذيرات من أن العيوب التي يعاني منها النظام السياسي العراقي، ستصعّب بشدة على الكاظمي تشكيل حكومته وتنفيذ برنامجه.
 
ويضيف كوك أن التقارير التي تكتب حول العراق تتمحور عادة حول شخصية رئيس الوزراء، ولكنها تشير دائما إلى مشكلة المؤسسات السياسية. وحتى من لا يعرفون العراق جيدا، يدركون أن مشاكله كبيرة ومعقدة وتبدو غير قابلة للحل.
 
ويتابع أنه لا أحد يمتلك الحلول لمعالجة مشاكل العراق رغم سنوات من التجارب والمحاولات، ولذلك فإن الجميع في واشنطن ممن كانوا سابقا يهتمون بالعراق، يدفعون الآن نحو فكرة الانسحاب الأميركي من هذا البلد.
 
ويؤكد الكاتب أنه بات واضحا أن هذا هو توجه إدارة الرئيس دونالد ترامب، ولكن عاجلا أم آجلا فإنه لا مفر أمام البيت الأبيض من الوقوف أمام تبعات انهيار العراق.
 
فقد بات جليا في السنوات الأخيرة أن المؤسسات لا تقل أهمية عن الأشخاص في إدارة الدول، وأن أي بلد يمكن أن تكون له مؤسسات ديمقراطية، ولكن إذا كان القادة لا يتبنون المعايير والقيم الديمقراطية، فإن النظام سيتم التلاعب به بشكل مضر جدا.
الكتل السياسية العراقية متهمة بتغليب مصالحها الطائفية والخاصة على مصلحة البلاد العامة (رويترز)
الكتل السياسية العراقية متهمة بتغليب مصالحها الطائفية والخاصة على مصلحة البلاد العامة (رويترز)
الفساد
وبنفس الشكل، فإنه في حال وجود سياسيين على درجة عالية من الكفاءة، فلا يمكنهم العمل في ظل نظام مكون من مؤسسات فاسدة تصعّب عليهم تجاوز المشاكل والعقبات المزروعة في النظام السياسي، حسبما يقول الكاتب كوك.
 
ويضيف أن المثال الثاني يبدو هو الحالة التي تنطبق على الكاظمي، إذ شهد العراقيون والأميركيون بكفاءته، بما أنه لا ينتمي إلى أي من الأحزاب السياسية العراقية. كما أنه أثناء عمله على رأس جهاز المخابرات الوطني، أشرف على تحييد هذا الجهاز ورفع درجة مهنيته. ولكن رغم هذه الإيجابيات، فمن المؤكد أن المؤسسات السياسية العراقية ستقوض قدرة الكاظمي على إدارة البلاد.
 
يقول كوك إن هذا الرأي لا يعني أنه لا مفر للعراقيين من قدر العيش تحت نظام حكم فاسد بعد كل ما عانوه في بلدهم، ولكن الفوضى الحالية تشير إلى أنه حتى أسوأ الأنظمة السياسية يمكنها أن تكون مستقرة وتبقى في الحكم إلى الأبد.
 
ويضيف أن السياسة التي حكمت العراق منذ الغزو الأميركي عام 2003، تتمثل في سلسلة من عمليات تقسيم الغنائم، واستفحال الفساد، مع الغياب التام للمراقبة، مشيرا إلى أن أغلب السياسيين والأحزاب متورطون في هذا الأمر. وما يزيد الطين بلة أن الجار الإيراني يستفيد من هذا العجز السياسي الذي يجعل من بغداد ضعيفة أمام طهران.
 
ويشير الكاتب إلى أن الولايات المتحدة ظلت لسنوات تحث القادة العراقيين على العمل لفائدة شعبهم، ولكن المشكلة أن النظام الذي ساعدت هي بنفسها على وضعه يشجع السياسيين العراقيين على خدمة مصالحهم الضيقة على حساب الآخرين، ذلك أن الطبيعة المذهبية للنظام الحزبي تعتبر معرقلة وتدفع نحو تقسيم البلاد.
الرئيس العراقي برهم صالح (يسار) لدى تكليفه الكاظمي برئاسة الوزراء (رويترز)
الرئيس العراقي برهم صالح (يسار) لدى تكليفه الكاظمي برئاسة الوزراء (رويترز)

مضيعة للجهد

ويقول الكاتب في تقريره إن إدارة ترامب وصلت إلى خلاصة مفادها أن التدخل في السياسة العراقية مضيعة للجهد، ولذلك فإنها اكتفت بدور محدود هو دعم أي مرشح شريطة أن لا يكون تابعا لإيران.
 
ورغم أن الكاظمي اجتاز هذا الامتحان، فإن هذا لا يغير من التوجه الأميركي في العراق، والمتمثل في إلقاء العبء على ظهر العراقيين أنفسهم لإيجاد حل لأوضاعهم.
 
ويرى كوك أن الوجود الأميركي العسكري سيتواصل على الأغلب في العراق لمواجهة خطر تنظيم الدولة، إلا أن اهتمام واشنطن بما يجري في بغداد تراجع، وهو ما سيجبر العراقيين على القيام بتغييرات أو مواجهة غضب المواطنين الذين يواصلون المطالبة بإسقاط النظام.
 
ويعتبر أن الأوضاع في العراق تزداد تعقيدا مع تفشي فيروس كورونا وانهيار أسعار النفط، وهو ما يمثل مشكلة لا حل لها بالنسبة للميزانية. كما أن هناك شخصيات قليلة في الولايات المتحدة مستعدة لاستثمار وقتها ومواردها في العراق.
 
وفي الختام خلص الكاتب إلى أن الكاظمي حتى لو كان فعلا يتمتع بالكفاءة، فإنه لن يتمكن من إنقاذ العراق، لأن النظام السياسي فاسد لدرجة لا يمكن إصلاحها، وأن الأميركيين منشغلون في هذه الفترة بفيروس كورونا، بينما تفضل إيران إبقاء الأوضاع على ما هي عليه.
المصدر : فورين بوليسي