باحث أميركي: استقرار العراق ونهضته بحاجة لضخ استثمارات ومحاربة الفساد

يرجع الكثيرون الفضل فيما حققته الأنبار من تطور إلى محافظها، ونخب شيوخ القبائل ورجال الأعمال لتعاونهم في المصلحة العامة.

هناك مناطق في العراق تبدل حالها كثيرا للأحسن مقارنة بما كانت عليه قبل 17 عاما، ومن أبرزها مدينتا الرمادي والفلوجة في محافظة الأنبار (غرب بغداد)، اللتان شهدتا تطورا بنيانيا واستثماريا حتى باتتا نموذجا يُحتذى به في العراق.

ويقول مايكل روبين الباحث المقيم بـ"معهد أميركان إنتربرايز" (American Enterprise Institute) في تقرير له نشرته مجلة "ناشونال إنترست" (NATIONAL INTEREST) عن زيارته الأخيرة لمدينة الرمادي، إنه منذ 17 عاما كان الطريق إليها من مدينة أبوغريب بمحافظة بغداد، والتي حمل اسمها سجن أبوغريب سيئ السمعة، مرورا بالفلوجة، التي شهدت مقاومة شرسة ضد القوات الأميركية عام 2004، مما دفع الأميركان لتدميرها بشكل شبه تام.

ويضيف أن الفلوجة والرمادي أصبحتا اليوم مدينتين مختلفتين تماما تقريبا، فالطرق التي تربط بينهما هي من أفضل الطرق في العراق.

والاهتمام بمظهرهما واضح للغاية، وفي كل يوم تظهر شركات جديدة، وأعاد السكان بناء مساكنهم، كما تزدهر الجامعات المحلية، ويتباهى سكان الرمادي بأن مدينتهم سوف تشهد في القريب أول فنادق 5 نجوم.

ويعترف العراقيون من خارج المنطقة بأن محافظة الأنبار هي المنطقة الأكثر أمنا بعد كردستان العراق، وأنها تتقدم سريعا.

ويتفاخر سكان الأنبار بأنهم حققوا نهضتهم بقدر ضئيل من المساعدة الخارجية، فالحكومة العراقية ما زالت مقيدة ببيروقراطيتها، وعجزها، وافتقارها إلى المال.

تعاون ومحاربة للفساد

ويرجع الكثيرون في الأنبار الفضل فيما حققوه لمحافظهم علي فرحان الدليمي، ونخب شيوخ القبائل ورجال الأعمال لتعاونهم فيما بينهم، وتحقيق ما لم تستطع أو لن تستطيع بغداد تحقيقه، فالحكم المحلي بمعونة أفراد المجتمع أمر مهم.

وفي الوقت الذي تزدهر فيه الرمادي والفلوجة، ما زال جزء كبير من الموصل (في محافظة نينوى شمالي البلاد) متهدما، وتم إلقاء القبض على محافظها السابق العام الماضي لدوره في مخطط فساد واختلاس بقيمة ملايين الدولارات.

ويضيف روبين أن الرمادي تظهر ما هو ممكن في العراق. وفي الوقت الذي ساهم مواطنو المدينة في إحيائها، يحقق المستثمرون الأجانب في العراق غالبا أرباحا كبيرة.
وينتظر أن يحقق العراق المزيد من التقدم والتوسع في سوقه فمعظم مواطنيه من الشباب، حيث يشكلون أكثر من 40% من السكان.

وأوضح روبين أنه بعد لقائه بعدد كبير من الأكاديميين وشيوخ القبائل والسياسيين في الرمادي اتفقوا جميعا على شيء واحد؛ وهو أنه حان الوقت لأن تغير الولايات المتحدة مسارها، وأن تعطي الأولوية لقطاع الأعمال.

وأشار الكاتب إلى أن المساعدات الأميركية بشكلها الحالي يتم استهلاكها، بطريقة تشجع على الفساد، مضيفا أن استثمار القطاع الخاص مختلف، فهو يبقى لفترة أطول، ويفيد الكثير من الأشخاص، ويوفر الحوافز للاستقرار، ويعزز المشاركة الدولية.

ووصف روبين الرئيس الأميركي، جو بايدن، بالتباطؤ في انتهاز الفرصة بالعراق، وأن مستشار الأمن القومي الأميركي الحالي، جيك سوليفان، كتب مقالا أثناء الحملة الرئاسية قال فيه إن "الدبلوماسية يمكن أن تنجح فيما فشلت فيه القوة العسكرية".

وأشار روبين إلى أن الولايات المتحدة والعراق أصدرا في 7 أبريل/نيسان الحالي بيانا مشتركا بعد مناقشات حول حوارهما الإستراتيجي الثنائي. ورغم أن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ونظيره العراقي، فؤاد حسين، أكدا على "الشراكة الاقتصادية القوية بين البلدين"، لم يقدما أي تفاصيل بخلاف تسهيل نظام التأشيرات بالنسبة للعراق "لتعزيز التجارة والاستثمار الدوليين" .

واختتم روبين تقريره بالقول إنه إذا كان بلينكن وسوليفان يريدان فعلا إظهار نموذج جديد للدبلوماسية الأميركية، فإنه يتعين عليهما تجاوز البيانات الرسمية وتشجيع الاستثمار الجاد في العراق وفقا لطاقة كل محافظة عراقية. ويمكن لمؤسسة تمويل التنمية الدولية الأميركية المساعدة في الحد من الخطر بالنسبة لقطاع الأعمال الأميركي.

المصدر : ناشونال إنترست + وكالة الأنباء الألمانية