فاغنر.. من "بديل لألمانيا" إلى الإسلام
خالد شمت-برلين
الجزيرة نت التقت فاغنر في مسجد الشهداء ببرلين، وكان الحوار التالي حول تحولات الرجل من الإلحاد فالأرثوذكسية إلى البروتستانتية ثم الإسلام، وتوقعه ألا يكون آخر عضو في حزب "بديل لألمانيا" يعتنق الإسلام.
– ولدت قبل 49 عاما بالأورال في روسيا السوفياتية لأسرة ألمانية هاجرت هناك قبل 250 عاما بحثا عن حياة أفضل بروسيا القيصرية. وكان جدي رئيسا لشركة طاقة كبرى، وأبي مهندسا وأمي معلمة، وتعلمت بمدرسة زاملتني فيها ابنة الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين، ونشأت حتى سن 17 عاما ملحدا معاديا للمسيحية بتأثير الدعاية الشيوعية. وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي عدت لألمانيا عام 1993 حيث عملت وحصلت على مؤهل جامعي باقتصاد المعلوماتية وتزوجت.
– خلال زيارة لمدينة دريسدن شاهدت كنيسة بروتستانتية ودخلتها وطلبت بعد حوار مع راعيها تعميدي فعمدني. وبعد انتهائي من دراستي الجامعية في هانوفر سافرت برفقة شركة ألمانية للعمل بمشروع لها بمسقط رأسي بالأورال، وهناك جاءت عدة كنائس ألمانية للتبشير فنشطت بمساعدتها، وبهذا الوقت تحولت للأرثوذكسية وتولدت عندي مشاعر دينية جديدة كخادم للرب.
لكني لم أتقبل فكرة أن المسيح هو ابن الله، وبعد عودتي لألمانيا عدت للكنيسة البروتستانتية التي ساعدت أسرتي، وبدأت رحلة بحث جديد عن الحقيقة ميزها جدل قوي مع راعية الكنيسة. وعام 2013 مررت بأزمة حياتية شديدة صدمني خلالها مشاركة قساوسة باستعراض للشواذ في برلين، ووقفت داخل الكنيسة وقلت: يا الله -ولم أقل يا عيسى- أخرجْني من هذا المكان وأرشدْني.
– احتكاكي بالإسلام قديم وعائد لزيارتي عام 2003 لطشقند وعشق أباد بأوزبكستان وأيضا تركمانستان، وتأثري بتاريخ وحضارة الإسلام بآسيا الوسطى. وترك مسلمي المنطقة بنفسي انطباعا إيجابيا لازمني طويلا. لكن تحولي المهم تجاه الإسلام جاء عام 2013 بمشاهدتي رؤيا لا أريد الخوض بتفاصيلها، وكان فيها حوار طرحت فيه أسئلة محددة وتلقيت إجابات واضحة، وقيل لي: هل تريد أن تصبح مسلما، ورددت بالإيجاب فقيل لي أنت أحمد، واستيقظت باكيا وقلت لزوجتي أعتقد أنني أصبحت مسلما.
وماذا
– بعدها بأيام جاءني سفر مفاجئ إلى أوفا عاصمة بيشكيريا التابعة للاتحاد الروسي. وهناك مررت بمسجد فدخلته وحدثت إمامه عن رؤياي فطلب مني أن يقرأ عليّ آيات من القرآن، ودعاني لعدم الحديث مع أحد بشأن هذه الرؤيا. وقال إن لكل شئ موعده، وأعطاني كتيبا عن أساسيات الإسلام. وبدأت منذ ذاك الوقت رحلة بحث جديدة، توقفت خلالها عن التدخين وشرب الخمر وأكل الخنزير، وقرأت حول الإسلام لكني لم ألمس مصحفا ولم أصل. وعام 2015 جاءتني دعوة ثانية بلا ترتيب مسبق للسفر إلى أوفا، وذهبت للمسجد الذي كنت فيه سابقا، وطلبت من الإمام أن أكون مسلما ورددت خلفه الشهادتين.
– هذه الصور لم تؤثر فيّ على الإطلاق لأن خلفيتي عن الإسلام عبر علاقتي بمسلمي الاتحاد السوفياتي السابق كانت إيجابية. وفي الإسلام وجدت إجابة كل ما حيرني من أسئلة، وتأثرت ببلاغة القرآن وتصويره للتوحيد واعتبار الإسلام دين سلام. وقلت لمن سألوني مثل هذا السؤال إذا مسّك الإسلام فلن تستطيع أن تقول له لا.
لماذا
– "بديل لألمانيا" نصفه محافظون والنصف الآخر مصدومون من التغيرات السياسية والمجتمعية بالبلاد. وقد دخلت الحزب إعجابا بتوجهه القومي المحافظ، وتدرجت فيه من ناشط بمجموعته المسيحية ولجنته الكنسية إلى عضو بمجلس رئاسته بولاية براندنبورغ، وبعد إسلامي استقلت من هذا المجلس واحتفظت بعضويتي بالحزب.
يوصف
– أجزاء من الحزب تريد مكافحة الإسلام، وأجزاء أخرى من الناقدين لهذا الدين، والمحافظون فيه رأوا الإرهاب، وقرأوا كثيرا عن الإسلام. سلبيات كثيرة عززتها مخاوف موجودة لديهم من كل ما هو غريب، وأنا أريد البقاء بالحزب لأعرض للمعادين للإسلام فيه حقيقة هذا الدين، وأنا صاحب عزيمة وسأفعل هذا إن شاء الله.
أنت
– الألمان الروس المؤيدون للحزب أكثرهم جاؤوا من دول مسلمة بالاتحاد السوفياتي السابق، خلال مرحلة الاضطرابات بهذه الدول أوائل التسعينيات، وهؤلاء لديهم صور شديدة السلبية تجاه الإسلام.
من
– السبب في هذا هو تزايد الخوف المرضي من الإسلام (الإسلاموفوبيا) وتكريس الدعاية الإعلامية السلبية للصور العدائية والأحكام النمطية المسبقة، مما يثير المخاوف بمجتمع يتراجع فيه دور الدين، وبولاية براندنبورغ مثلا 80% من السكان ملحدون.
ألم
– ليس لهم دور يُذكر لأنهم ضحايا لجهات تتطلع للسلطة والمال استهدفتهم عن عمد بالتحريض ضدهم؟
ماذا
– تلقيت العديد من رسائل الكراهية ومطالبات من زملائي في "بديل لألمانيا" بمغادرة الحزب لأنه والإسلام متعارضان. وأقدمت على تصرف خاطئ هو سماحي لصحيفة "بيلد" بتصويري مع كتاب للتربية الإسلامية، وخلق هذا أجواءً سلبية بعملي دفعتني للاستقالة. وأريد الانضمام لمؤتمر الإسلام الذي ترعاه الحكومة لتفعيل اندماج المسلمين بالبلاد. وخاطبت بهذا وزير الداخلية هورست زيهوفر، وأتطلع لتأسيس مركز بحثي للمسلمين هنا، وكتبت رسائل حول هذا الموضوع إلى 17 من السفراء المسلمين ببرلين.