الوراق.. جزيرة يتهددها مصير "تيران وصنافير"

سكان الوراق يرفضون هدم منازلهم ويؤكدون أن لديهم وثائق تثبت ملكيتهم لها (رويترز)
تتبع جزيرة الوراق محافظة الجيزة، ويعتمد سكانها على زراعات معيشية إلى جانب الصيد والعمل في مهن بسيطة، تفجرت مشكلة بينهم وبين الحكومة التي تريد طردهم من مساكنهم بتهمة التعدي على ممتلكات الدولة، في حين يؤكد السكان أن لديهم الوثائق القانونية التي تثبت ملكيتهم لمساكنهم، ويتحدثون عن رغبة السلطات في بيعها إلى مستثمرين إماراتيين.

الموقع
تقع جزيرة الوراق في قلب نهر النيل ضمن حي الوراق التابع لمحافظة الجيزة المصرية، وتذكر التقارير الإعلامية المصرية أن مساحتها تصل إلى 1600 فدان (الفدان الواحد يساوي نحو 4200 متر)، وهي الجزيرة الكبرى ضمن جزر النيل، وظلت لسنوات طويلة تعتبر محمية طبيعية.

إعلان

السكان
يبلغ عدد سكان جزيرة الوراق نحو ستين ألف مواطن بحسب المصادر الرسمية، وينحدرون من محافظات مختلفة واستقروا فيها منذ عقود.

الاقتصاد
تعتمد الأسر في جزيرة الوراق في عيشها على الوظائف الحكومية والمهن البسيطة كالعمل في المحلات التجارية والحرفية الصغيرة، إلى جانب الصيد التقليدي والزراعة المعيشية المتواضعة، وأهم منتوجاتها الخضراوات والذرة.

ويشكل النقل إحدى أبرز المعضلات التي يعاني منها سكان الوراق يوميا، إذ لا بد أن يركبوا القوارب الصغيرة التي تسمى محليا "المعديات"، بينما يبقى "التوك توك" الوسيلة الأبرز للتنقل داخل الجزيرة.

إعلان

ضد الحكومة
بدأت معاناة سكان الوراق مع قرارات الحكومة عام 2000 عندما أصدر رئيس مجلس الوزراء وقتها عاطف عبيد قرارا تحول بموجبه الوضع القانوني للجزيرة من محمية طبيعية إلى جزيرة ذات منفعة عامة، وهو ما اعتبر تمهيدا من السلطة للسيطرة على الجزيرة بشكل كامل وطرد السكان.

لكن الأسر نددت بالقرار وذهبت إلى القضاء، وحصلت على حكم قضائي عام 2002 لفائدتها، وذلك لم يمنع الحكومة من العودة مجددا عام 2010 في عهد رئيس الوزراء أحمد نظيف بترسيم الحدود الإدارية لخمس محافظات، كانت بينها محافظة الجيزة وضمنها الوراق.

وظلت أيدي السكان دائما على قلوبهم خشية أن تفاجئهم الحكومة بقرار جديد يهددهم في مقر سكناهم في ظل الظروف المضطربة التي تشهدها مصر منذ انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2017 الذي قاده وزير الدفاع وقتها عبد الفتاح السيسي.

وتحققت تلك المخاوف عقب مبادرة للرئيس السيسي في يونيو/حزيران 2017 حملت شعار "إزالة التعديات على أملاك الدولة"، حيث بادر رئيس الحكومة شريف إسماعيل -في إطار مبادرة السيسي- لإصدار قرار يستبعد 17 جزيرة من قرار وزاري صدر عام 1998 كان يعتبر تلك الجزر محميات طبيعية، وبالتالي دخلت الوراق في إثر القرار الجديد دائرة خطة الحكومة "للتطوير"، حيث ينتظر أن تحول إلى منطقة استثمارية.

وبادر نواب برلمانيون لتقديم وثائق تثبت ملكية الأسر للمنازل التي ترغب الحكومة في هدمها بتهمة أنها تعد على أملاك الدولة، لكن ذلك لم يمنع المسؤولين من المضي قدما في مخطط هدم البيوت وتحويل الجزيرة لأرض استثمارية، وبدأت أنباء تتحدث عن احتمال بيعها لدولة خليجية.

إعلان

وفي 16 يوليو/تموز 2017 فوجئ السكان بقدوم أجهزة الأمن لهدم منازلهم فاندلعت اشتباكات بينهم وبين الشرطة، مما أدى لسقوط قتيل وعشرات الجرحى.

وقالت وزارة الداخلية في بيان رسمي إن الاشتباكات اندلعت في إثر قيام قوات الأمن بحملة موسعة لإزالة التعديات على أملاك الدولة بجزيرة الوراق.

وتابع البيان "فوجئت القوات بقيام البعض من المتعدين بالتجمهر والاعتراض على تنفيذ قرارات الإزالة والتعدي على القوات بإطلاق أعيرة الخرطوش ورشقها بالحجارة، مما دفع القوات لإطلاق الغازات المدمعة لتفريق المتجمعين والسيطرة على الموقف".

إعلان

وأشارت وزارة الداخلية إلى أن الاشتباكات أسفرت عن إصابة 31 من رجال الشرطة، بينهم ثلاثة ضباط، مؤكدة نجاح القوات في السيطرة على الموقف واتخاذ الإجراءات القانونية.

ونقلت بوابة الأهرام المصرية عن مصدر بمديرية أمن الجيزة قوله إن شخصا قتل خلال الاشتباكات بين الشرطة وأهالي جزيرة الوراق.

إعلان

وانتشر وسط سكان الوراق أن الغرض الحقيقي من سعي الحكومة لطردهم من منازلهم هو رغبتها في تفويتها لشركات -إحداها إماراتية- لـ"تطويرها".

وقد وضعت شركتان -إحداهما إماراتية سنغافورية- على موقعيهما الإلكتروني مخططات لتطوير جزيرة الوراق، فيما نفت الحكومة المصرية التعاقد مع أي من الشركتين.

وذكرت صحيفتا "المصري اليوم" و"الوطن" المصريتان (خاصتان) على موقعيهما الإلكترونيين أن موقعي شركتي "أر أس بي" للتخطيط المعماري الإماراتية السنغافورية، و"كيوب" للاستشارات الهندسية -التي مقرها القاهرة وأنجزت عدة مشاريع بالإمارات- يحتويان على رسومات تخطيطية لتطوير جزيرة الوراق.

ووفق شركة "أر أس بي"، فإن الحكومة المصرية تعاقدت مع الشركة يوم 31 مارس/آذار 2013، لتطوير الجزيرة كنموذج للتنمية المستقبلية في القاهرة، ويضم تصميم الشركة مباني وهيئات تجارية وجامعة ومباني سكنية وحدائق عامة مع تطوير البنية التحتية وتوفير المواصلات العامة.

بدورها، ذكرت شركة "كيوب" على موقعها الإلكتروني أنها تعاقدت مع الهيئة العامة للتخطيط العمراني بوزارة الإسكان عام 2010 على وضع مخطط لتطوير جزيرة الوراق ضمن خطة 2050 التي أعلنها عام 2007 جمال مبارك نجل الرئيس آنذاك حسني مبارك الذي أطاحت به ثورة شعبية عام 2011.

كما نشرت "كيوب" على موقعها عدة تصاميم هندسية للمشاريع المبرمجة بالجزيرة، ومنها فنادق ومكاتب خدماتية وإقامات سكنية ومراكز تجارية بالإضافة إلى حدائق وموانئ ترفيهية.

في المقابل، نفى المتحدث باسم وزارة الإسكان هاني يونس وجود أي تعاقدات مع شركات إماراتية أو سنغافورية أو مصرية لتطوير الجزيرة.

وأعلنت وزارة الإسكان المصرية في بيان يوم 7 أغسطس/آب 2014 عن مناقشات حكومية بشأن مشروع تطوير جزيرة الوراق، وقال وزير الإسكان مصطفي مدبولي إن مساحة الجزيرة تبلغ 1285 فدانا، ويوجد مخطط لتحويلها إلى متنزه سياحي ثقافي ترفيهي تجاري على ضفاف النيل.

المصدر : مواقع إلكترونية + وكالات

إعلان