الانقلاب العسكري في مصر ضد مرسي

في الثالث من يوليو/تموز 2013 انقلب وزير الدفاع المصري في ذلك الوقت الفريق عبد الفتاح السيسي على أول رئيس مصري مدني منتخب في تاريخ مصر محمد مرسي، وأعلن عزله، واحتجزه في مكان غير معلوم، وعطّل العمل بالدستور، وصدرت أوامر باعتقال المئات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أحيلوا لاحقا إلى المحاكمة، وصدرت أحكام بإعدام العديد منهم.

 

السياق
مع حلول الذكرى السنوية الأولى لتوليه الحكم، بلغت الضغوط التي تعرض لها الرئيس محمد مرسي ذروتها، ونظم معارضوه سلسلة من المظاهرات باركها الجيش تطالبه بالتنحي، أطلق عليها القائمون على الانقلاب لاحقا اسم" ثورة 30 يونيو"، معتبرين أنها تماثل ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك.

وفي هذا الإطار تأسست حركة تمرد يوم 26 أبريل/نيسان 2013، وهي حركة تجمع توقيعات المصريين لسحب الثقة من محمد مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

وأعلنت تمرد أنها جمعت 22 مليون توقيع لسحب الثقة من مرسي، ودعت الموقعين للتظاهر يوم 30 يونيو/حزيران 2013.

في حين ذكرت حركة تجرد المؤيدة للرئيس مرسي أنها جمعت 26 مليون توقيع تؤكد تمسكها بمرسي رئيسا شرعيا، وفي صباح يوم الاثنين 1 يوليو/تموز 2013 نهب محتجون مناهضون لمرسي مقر جماعة الإخوان المسلمين بالمقطم في القاهرة، وأوقعت الاشتباكات عند المقر عشرة قتلى.

وفي ليلة الاثنين ألقى مرسي خطابا امتد لساعتين ونصف الساعة دافع فيه عن شرعيته، ودعا للحوار وتشكيل لجنة لتعديل الدستور والمصالحة الوطنية، لكن المعارضة رفضت الاستجابة لدعوته، وتلا محمد البرادعي بيان جبهة الإنقاذ المعارضة، وقال إن خطاب محمد مرسي "عكس عجزًا واضحًا عن الإقرار بالواقع الصعب الذي تعيشه مصر بسبب فشله في إدارة شؤون البلاد منذ أن تولى منصبه قبل عام". وتمسكت الجبهة بالدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

مهلة
وفي ظل هذه الأجواء أصدر القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح السيسي بيانًا يمهل القوى السياسية 48 ساعة "لتحمل أعباء الظرف التاريخي، وإذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال هذه المدة فإن القوات المسلحة ستعلن عن خريطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها".

وفي الساعات الأولى من يوم الثلاثاء 2 يوليو/تموز 2013 أصدرت الرئاسة بيانا قالت فيه إنها ترى أن بعض العبارات الواردة في بيان الجيش "تحمل من الدلالات ما يمكن أن يتسبب في حدوث إرباك للمشهد الوطني المركب"، وفي وقت لاحق من الثلاثاء أصدرت محكمة النقض حكمًا ببطلان تعيين النائب العام طلعت عبد الله في منصبه، الذي عينه الرئيس السابق محمد مرسي بعد أن عزل عبد المجيد محمود.

الانقلاب
وبانتهاء المهلة التي حددتها القوات المسلحة المصرية لمختلف الأطراف السياسية للتوصل إلى اتفاق، أعلن وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي إنهاء حكم الرئيس محمد مرسي، على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور إدارة شؤون البلاد لحين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وعطّل العمل بالدستور، وعقب البيان ألقى شيخ الأزهر أحمد الطيب بيانا عقبه بيان للبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية، ثم بيان لمحمد البرادعي. كما أصدرت وزارة الداخلية بيانا أكدت دعمها لبيان القوات المسلحة.

تباين
نشر بيان مصور على الصفحة الرسمية للرئيس مرسي على موقع فيسبوك رافضا بيان الجيش ومحذرا من "سرقة الثورة" وداعيا "جميع المواطنين مدنيين وعسكريين إلى عدم الاستجابة لهذا الانقلاب".

كما دان حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين الانقلاب، وذكر أنه "سيقف بكل حسم ضد هذا الانقلاب العسكري ولن يتعاون مع إدارة البلاد الحالية المغتصبة لسلطة الحكم"، وانتقدت قيادات من حزب الوسط الانقلاب، وقالت إنه "يؤدي إلى مرحلة انتقالية غير واضحة المعالم".

كما تأسس عقب ذلك التحالف الوطني لدعم الشرعية لمناهضة الانقلاب، وضم عدة أحزاب مصرية وشخصيات عامة.

وانطلقت المظاهرات في أرجاء مصر مطالبة بعودة الرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي.

وبينما كان معارضو مرسي يحتفلون في ميدان التحرير، في مشهد يذكر بالابتهاج الشعبي بعد إسقاط حسني مبارك في فبراير/شباط 2011، قتل سبعة من أنصار مرسي في مواجهات مع قوات الأمن في مرسى مطروح والإسكندرية على ساحل المتوسط، لتتوالى بعد ذلك الاشتباكات وسقوط  الضحايا.

قلق
تفاوتت ردود الفعل الغربية على الانقلاب، لكنها لم تصل إلى مستوى الإدانة، فـبعد إعلان عزل  الرئيس مرسي في 3 يوليو/تموز 2013 أخليت السفارة الأميركية من جميع طاقمها، وعبّر الرئيس الأميركي باراك أوباما عن "قلقه العميق" من عزل مرسي، ودعا إلى العودة سريعا إلى المدنية، في وقت أعلنت بريطانيا أنها "لا تدعم تدخل الجيش لحل النزاعات في الأنظمة الديمقراطية" ودعت إلى للتهدئة.

واعتبرت ألمانيا الانقلاب "فشلا كبيرا للديمقراطية"، ودعت إلى "عودة مصر في أسرع وقت ممكن إلى النظام الدستوري".

أما فرنسا فقالت إنها تأمل أن يتم الإعداد للانتخابات في ظل احترام السلم الأهلي والتعددية والحريات الفردية والمكتسبات في العملية الانتقالية كي يتمكن الشعب المصري من اختيار قادته ومستقبله.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن "التدخل العسكري في شؤون أي دولة هو مبعث قلق"، ودعا إلى "المسارعة إلى تعزيز الحكم المدني وفقا لمبادئ الديمقراطية".

ودعت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاترين أشتون إلى "العودة سريعا إلى العملية الديمقراطية بما في ذلك إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة".

أما الاتحاد الأفريقي فأعلن تعليق عضوية مصر في كافة أعمال الاتحاد حتى استعادة النظام الدستوري، وأعلن الرئيس التونسي في ذلك الوقت المنصف المرزوقي في بيان رسمي أن "تدخل المؤسسة العسكرية في الشأن السياسي المباشر أمر مرفوض دوليا وفي شرعة الاتحاد الأفريقي"، وأدان بشدة الانقلاب العسكري على "الشرعية الديمقراطية" إضافة إلى طلبه من السلطات "حماية الحرمة الجسديّة والمعنويّة للرئيس محمد مرسي ولأعضاء الحكومة المصرية".

واعتبر وزير الخارجية التركي في ذلك الوقت أحمد داود أوغلو ما حدث "انقلابا عسكريا غير مقبول".

ترحيب وتهنئة
وهنأ ملك السعودية آنذاك عبد الله بن عبد العزيز المستشار عدلي منصور بتوليه منصب الرئاسة ودعا إلى "الحكمة والتعقل". 

كما باركت الإمارات العربية المتحدة موقف الجيش المصري، وبعث الرئيس اليمني الانتقالي عبد ربه منصور هادي ببرقية تهنئة إلى الرئيس المؤقت عدلي محمد منصور بمناسبة توليه السلطة.

وأعرب عن ثقته في قدرة القوى السياسية والشعبية والشبابية ومنظمات المجتمع المدني في مصر على العبور بمصر إلى شاطئ الأمان

أما الرئيس السوري بشار الأسد فاعتبر أن الاضطرابات التي تشهدها مصر هزيمة ‘للإسلام السياسي"، وقال في مقابلة صحفية "إن من يأتي بالدين ليستخدمه لصالح السياسة أو لصالح فئة دون أخرى سيسقط في أي مكان في العالم".

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية