علوان: صعود الشباب ببوكر ليس تفوقا
– لم أنتظر أو أترقب، تمنيت فحسب. كان دخول الرواية للقائمة الطويلة مبهجا لي لأنه مدعاة لزيادة مقروئية الرواية وبالتالي تدعيم تجربتي بآراء شريحة أوسع من القراء، وبدخولها القائمة القصيرة أتمنى أن يتحقق ذلك فعلا.
أتمنى أن يتحقق للقندس ما يقربها من قارئها ويوصل إليّ ما أحتاجه من نقد ورؤى متنوعة الطيف ومختلفة المشارب |
– كوني لا أؤمن بوجود صراع أجيال بين كتّاب الرواية فإني لا أفترض وجود أسباب محددة غير الأسباب الفنية وراء غلبة الأسماء الشابة في القائمة القصيرة. وأنا ككاتب شاب أحذّر نفسي من أن أرى في خروج الأسماء الكبيرة من القائمة ودخولي فيها أي مؤشر على التفوق، فالمنافسة هنا كانت بين روايات مستقلة وليس بين العطاء الروائي بأكمله.
أتمنى أن يتحقق للقندس ما يقربها من قارئها ويوصل إليّ ما أحتاجه من نقد ورؤى متنوعة الطيف ومختلفة المشارب. أيضا خروج الأسماء الكبيرة لا يعني أن الأسماء المتبقية لا تشكل ثقلا.
– سلوك القندس يتقاطع مع السلوك البشري بشكل عام قبل العائلة السعودية. فالقندس هو أكثر الحيوانات القارضة قطعا للأشجار وتدميرا للبيئة ليبني سدوده بكل أنانية. إن هذا يكاد ينسحب على النمط العمراني الإنساني لا سيما في القرن الأخير، والإنسان يدمر الكوكب من أجل أن يعمر مدنه وحواضره.
وفي الرواية، تمت المقاربة بين سلوك القندس وسلوك عائلة سعودية واحدة، وهذا لا يعني أني أفترض شيوع هذا السلوك في مجتمع بأكمله، وبالتالي لا أرى تهديدا محدقا بالعائلة السعودية لتنوع مقوماتها واختلافها في كينونتها الاجتماعية.
أعتقد أن الرواية في العالم العربي حديثة نسبية ولم يتجاوز عمرها قرنا واحدا من الزمان، وبذلك لم تتح لها الفرصة بعد لتنقسم بشكل طبيعي إلى أنواع وأنماط تلبي كل ذائقة، ولكننا الآن بدأنا نشهد هذه الإرهاصات.
الأدب تحديدا هو قيمة إنسانية حرة لا يمكن لها أن تنمو إلى الأبد في نظام مغلق |
فثمة روائيون عرب بدؤوا يتخصصون في نوع معين من الرواية: تاريخي أو بوليسي أو رومانسي، ليلبوا نوعا معينا من الذائقة ويستجيبوا لمتطلباتها، وأنا أجد في ذلك تطورا طبيعيا لأي فن من الفنون لا بد أن ينقسم مع الزمن إلى فنون أكثر تخصصا واستجابة للفئة المتلقية.
وتخصص الروائي في نمط معين لا يعيبه، فمعيار الجودة هو الحكم في النهاية بحسب ما يراه متلقي رواياته. نخطئ أحيانا في محاكمة أنواع الرواية وتفرعاتها عندما نتجاهل أن لدينا ميولا شخصية تجاه نمط معين من الرواية نجده يمثل الرواية ككل، وبالتالي نتجاهل رؤى فئات أخرى تميل لأنماط مختلفة.
– الأمر لم يعد خيارا مطروحا، فالانكفاء على الذات في هذه الحقبة لم يعد تمسكا بجذر ولا إيمانا بمبدأ بل هو تجاهل لواقع وادعاء لتفرّد. إن الانكفاء على الذات يجعلك صلبا من الخارج كصدفة هشاً من الداخل بسبب ضعف المدخلات والمعطيات.
والأدب تحديدا هو قيمة إنسانية حرة لا يمكن لها أن تنمو إلى الأبد في نظام مغلق. وبالتالي فإن الانفتاح على الأدب العالمي ضرورة لا تتنافى مع التعمق في المحليّ والخاص. فنحن نتحدث هنا على مستوى الفضاء العام والأفكار العريضة، وليس تفاصيل السرد وأجواء الرواية.
كان دخول روايتي للقائمة الطويلة لبوكر مبهجا لي، لأنه مدعاة لزيادة مقروئية الرواية وبالتالي تدعيم تجربتي بآراء شريحة أوسع من القراء |
– الأدب الأميركي منسجم مع ثقافته بشكل كبير، وبالتالي يمكن استنباطه أحيانا بمجرد المعايشة قبل القراءة. غير أنه بالفعل يعدّ أدبا مؤثرا وفاعلا من حيث قربه من واقع مجتمعه اليومي، وجريء في مقاربة مشكلاته بشكل يتفوق فيه على الحركة السياسية والشعبية بشكل عام.
شخصيا، تشدني رواية بسيطة من دولة لم أقرأ لأحد من كتّابها من قبل أكثر من رواية كبيرة من دولة أخرى ذات باع أدبي أطول. فقراءة الأدب العالمي هي محاولة استكشاف وتنقيب عن الجذر الإنساني المشترك، لكن ليس عندي مرجعية أدبية محددة حتى الآن على الأقل.
– ربما تقاطع العمر الحضاري للمجتمع مع تسارع وتيرة التغيرات الثقافية، فعندما يحدث هذا في أي مجتمع تتفجر فيه الكثير من الأسئلة، وطريقة الروائيين في التعاطي مع هذه الأسئلة هو إعادة صياغتها وتصديرها للمجتمع.