جني ثمار الإسلاموفوبيا

ببالغ من الحزن والأسى أعزى نفسي وأعزي جميع المسلمين واخص بالذكر اهل الشهداء الذين استشهدوا وهم يؤدون صلواتهم، وأسال الله أن يتقبلهم في واسع رحمته وإلى الفردوس الأعلى بإذن رب العالمين ونسأل الله أن يشفي الجرحى والمصابين. وبعد: في يوم الجمعة الثامن من رجب 1440 هجري والموافق 15/3/2019 ميلادي ارتكب المجرم العنصري جريمة نكراء بحق الإسلام والمسلمين في مسجدين بنيوزيلاندا، حيث قام هذا المجرم بقتل ما يقارب 49 مسلما وجرح العديد وهم يؤدون صلاتهم. هناك عدة أمور يجب توضيحها عند الحديث عن هذه الجريمة:

 

ليس بمختل عقليا ولا بسكران والدافع كان عقائديا
إعلان

لقد اعتادت وسائل الاعلام على وصف من يقوم بمثل هذه الجرائم بأنه إما سكران أو مختل عقليا، ولكن في هذه الجريمة، لم يعط المجرم العنصري حجة لاي وسيلة إعلام، حيث قام بوضع كاميرا على بندقيته وقام بتصوير الجريمة كاملة، ليثبت للعالم أنه قام بتنفيذ الجريمة وهو بكامل قواه العقلية والجسدية.

 

يواجه المسلمون في هذه الآونة حربا من أخطر ومن أشرس الحروب ضد الإسلام، هي حرب عقائدية ضد الإسلام، لقد بلغت هذه الحرب ذروتها فلقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى، حيث يعاني المسلمون من هذه الحرب على الصعيدين الداخلي والخارجي
إعلان

وإضافة إلى ذلك لقد قام المجرم بتزيين بندقيته بسلسلة من الأحداث التاريخية ليبرهن بانه بكامل قواه العقلية وبان دافعه كان دينيا وعقائديا، فلم يترك حجة اخرى لاي وسيلة اعلام لتبرر الحدث الارهابي، فأصر أن يأكد للعالم بان الدافع الأساسي لهذه الجريمة هو الحقد والكره للإسلام والمسلمين. ولكن هل تعد هذه الجريمة عمل فردي؟ وما هي الأسباب الحقيقية وراء هذه الجريمة؟ وما هو الحل؟

 

لقد قام بتنفيذ هذه الجريمة شخص عنصري، حاقد للإسلام والمسلمين، ولكن لم يحصل ذلك من فراغ، لا شك أن هناك دور قذر يقوم به القادة والساسة في حربهم الشرسة ضد الإسلام على مدار عقود، سواء على الأطر المحلية أو الدولية وذلك بالتشويش والتضليل في عقول الناس حيث قاموا بسن قوانين عنصرية ضد المسلمين للتضييق عليهم، وقاموا بطرق عده للصق مصطلح الإرهاب بالإسلام، مما أنتج أفكارا عالمية ضد الإسلام، مثل الإسلاموفوبيا.

 

وتقوم أدواتهم من وسائل إعلام شرقية وغربية ببث هذه الأفكار وتسويقها في المجتمعات لتشكل مفاهيما في المجتمع، ومن ثم توجد ثقافه الحقد والكره والخوف من الإسلام والمسلمين داخل مجتمعات العالم، إلى ان تصل هذه الثقافة إلى الافراد لتنعكس على سلوكهم، مما أدى إلى اعتداءات متتالية ضد المسلمين في بيتوهم ومساجدهم من أفراد وأشخاص حاقدين عنصريين تشربوا أفكار الإسلاموفوبيا الرأسمالية، فحملوا الحقد والكره والغل والعنصرية في عقولهم وقلوبهم ضد الإسلام والمسلمين. فلا يمكن عزل هذه القضية واعتبارها بأنها عمل فردي، بل هي نتيجة أعمال سياسية ومبدئية وعقائدية ممنهجة ومدروسة ضد الاسلام، وهذه الجريمة هي بعض من ثمار هذه السياسات والأفكار.

 

إعلان

حيث يواجه المسلمون في هذه الآونة حربا من أخطر ومن أشرس الحروب ضد الإسلام، هي حرب عقائدية ضد الإسلام، لقد بلغت هذه الحرب ذروتها فلقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى، حيث يعاني المسلمون من هذه الحرب على الصعيدين الداخلي والخارجي، فعلى الصعيد الداخلي، يعاني المسلمون داخل بلادهم من جبروت وطغي وسطو حكامهم في حربهم المتتالية ضد الإسلام، فكانت ردات الفعل الشعبية بالثورة ضد هؤلاء الحكام للإطاحة بهم، وكذلك على الصعيد الخارجي حيث أن هؤلاء الأبرياء الذين استشهدوا في هذين المسجدين في نيوزيلاندا، هم في الأساس هجروا بلادهم من طغيان حكامهم، وتصديقهم بادعاءات الغرب بالحريات والديمقراطية، فسافروا بحثا عن حياة كريمة وعادلة. فلم يجدوا العدل والحياة الكريمة في بلادهم ولا في خارجها.

 

ما هو الحل؟
إعلان

يصادف هذا الشهر ذكرى أكبر جريمة في حق الإسلام والمسلمين، ففي الثامن والعشرين من شهر رجب لسنة 1342 هجري، الموافق للثالث من آذار لسنة 1924 ميلادي، وقعت أكبر جريمة في حق المسلمين، ألا وهي إلغاء دولة الخلافة العثمانية الإسلامية على يد مصطفى كمال، ومن ثم تقسيمها إلى دويلات، وتعيين حكام طغاة يحكمون بغير ما أنزل الله جبرا عن شعوبهم ومن ثم احتلال بيت المقدس، والآن يواجه المسلمون حربا فكرية وجسديه ويتعرضون للذل والهوان والاعتداء في شتى دول العالم، وكل ذلك بسبب غياب الحاكم المسلم الذي يحكم بما أنزل الله لنصرة المسلمين في شتى ربوع العالم، ولكن هل من مجيب من حكام المسلمين؟

 

لقد أشار المجرم وكتب على بندقيته عن معركة موهاكس، حيث جهز الخليفة العثماني سليمان القانوني جيشا لمواجهة ملك المجر وزعيم أوروبا وقتها وذلك لقتلهم رسول الخليفة سليمان القانوني. وكما قال أحدهم على مواقع التواصل الاجتماعي: لقد ذكرنا المجرم بما حذفناه من مناهجنا. ورحم الله الخليفة العباسي المعتصم الذي جهز جيشا تلبية لاستغاذة امرأة اعتدى عليها الروم في عموريه عندما صرخت "وامعتصماه.. وامعتصماه"، رب وامعتصماه انطلقت ملء افواه السبايا اليتم، لامست أسماعهم، لكنها لم تلامس نخوة المعتصم.

 

إن نصرة المسلمين لا تكون بمساعدات مادية، ولا بمواد غذائية، ولا بملابس، بل تكون بالعمل لاستئناف الحياه الإسلامية وتوحيد البلدان الإسلامية تحت راية واحدة وتطبيق الإسلام، وهذا وعد من رب العالمين، يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.



إعلان