ما بين "منتسوري" و"ريدجو إميليا".. دليل الآباء لاختيار التعليم الأمثل لأبنائهم

يولي معلمو منهج "ريدجو إميليا" اهتماما وثيقا بالتفاصيل، مثل الملمس واللون لإثارة اهتمام الطلاب (بيكسلز)

يرى البعض في منهج التعليم المبكر المعروف باسم "منتسوري" أفضل خيار لتنشئة طفل قادر على الاندماج مع محيطه وأداء مهام وظيفية تحتاج قدرا من الابتكار والتركيز.

هذا المنهج التعليمي الذي ابتكرته الطبيبة والفيلسوفة الإيطالية ماريا منتسوري، قبل أكثر من 110 أعوام وتطور مع السنوات، ليس الوحيد الذي أثبت فعاليته في مرحلة لتعليم المبكر للأطفال، إذ ينافسه منهج "ريدجو إميليا" واسع الانتشار عالميا، الذي ابتكره التربوي الإيطالي لوريس مالاغوزي.

نشأ منهج ريدجو إميليا باعتباره فلسفة تربوية، حين تعاون المعلم لوريس مالاغوزي مع أهالي مقاطعة ريدجو إميليا الإيطالية عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية (1945) من أجل تطوير أسلوب جديد لرعاية وتعليم الأطفال يسمح بتأهيل مواطنين مسؤولين ومحترمين يقدرون المشاركة المجتمعية، فضلا عن إثراء حياة الأطفال الذين ولدوا خلال فترة الحرب.

يسعى المنهجان ريدجو إميليا ومنتسوري إلى تعليم الطفل من خلال التركيز على كل حواسه ومداركه للمساعدة في تكوين أشخاص قادرين على العيش بسلام مع محيطهم، إلا أن طريقة الوصول إلى هذه النتيجة تختلف بين المنهجين، وفقا لدراسات ومقارنات علمية متعددة.

ورغم أن المنهجين لا يقيّمان الطالب من خلال الاختبارات -بل من خلال سجله الدراسي ومشاركاته، في ظل بيئة تربوية قائمة على الدمج بين المدرسة والمنزل- فإن بينهما بعض الفوارق نستعرضها في ما يلي:

1- المنهج التعليمي

يوجد منهج عام في المدارس والحضانات التي تعتمد على منهج منتسوري يشمل الرياضيات واللغة والمهارات العملية والجغرافيا والدراسات الثقافية والعلوم والموسيقى، ويتم توجيه حواس الطفل وقدراته الحركية في عملية التعلم.

في المقابل، لا يوجد منهج معين في نظام ريدجو إميليا، فوظيفة الفصل الدراسي هي السماح بتقديم الدروس انطلاقا من اهتمامات الطلاب واستجابتهم.

وترى بعض الدراسات أن منهج ريدجو إميليا مناسب أكثر لمرحلة التعليم المبكر والابتدائي، بينما يمكن اللجوء إلى منتسوري في السنوات التالية من عمر الطفل.

2- محتوى الفصل الدراسي

أشارت جامعة "غود ووين" الأميركية على موقعها الإلكتروني إلى اختلاف شكل وتكوين الفصول الدراسية كونها مفتاحا للمنهجية، إذ يحدد معلمو منتسوري الأدوات والمساحات في الفصل من أجل استيعاب اختيارات الأطفال وأنشطتهم وحركتهم التي تعد أساسية في هذا النهج.

ويستخدم الأطفال الذين يتعلمون وفقا لمنهج منتسوري الأرضية أو الطاولات بدلا من المكاتب، ويكون الأثاث بحجم مناسب لهم، والخزائن عند مستوى بصرهم، كما أن جميع المواد التعليمية تكون في متناول أيديهم، مع الحرص على النظام والنظافة بشكل لافت في هذه البيئة التعليمية.

أما في نهج ريدجو إميليا، فيشكل المعلمون المساحات من أجل إثارة فضول الطلاب ودفعهم إلى التعلم بهدف الاستكشاف، وهو ما يفسر وجود بعض الأدوات والمساحات التي قد تتوافق مع أحجام مختلفة من الطلاب.

يولي معلمو ريدجو إميليا اهتماما وثيقا بالتفاصيل، مثل الملمس واللون لإثارة اهتمام الطلاب.

يعد التوثيق أيضا جزءا مهما في هذه العملية التعليمية، حيث تجد كثيرا من الأعمال الفنية والكتابات والأشياء التي جمعها الأطفال في نزهات ومغامرات سابقة.

هناك جانب رئيسي آخر في فصل منتسوري الدراسي وهو تكامل العمر، يكون جميع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3-5 أعوام معا في فصل واحد، وغالبا ما يستمر المعلمون مع طلابهم لمدة 3 سنوات.

أما ريدجو إميليا، فيتم التعامل مع العمر بشكل تقليدي في الفصول الدراسية، كل فصل يضم طلابا من الفئة العمرية نفسها، ويتولى المعلمون الفصول لعام دراسي واحد.

3- طريقة التعليم

لخصت مدارس "نيدو" الأسترالية لمرحلة التعليم المبكر طريقة التعليم المعتمدة في منهج ريدجو إميليا في 4 أركان رئيسية، كما يلي:

  • التعليم التعاوني القائم على المشاهدة والاستماع مع تشجيع الطلاب على استكشاف اهتماماتهم.
  • التفاعلات والعلاقات التي تحظى بتقدير كبير في نهج ريدجو إميليا ليس فقط بين الأطفال وبعضهم بعضا في الفصل الدراسي، ولكن مع معلميهم وعائلاتهم والبيئة والمجتمع ككل.
  • المواطنة النشطة، وهي طريقة تغرس في طلاب هذا المنهج أهمية أن يكونوا أشخاصا صالحين.
  • مفهوم الـ100 لغة، وهو تعبير رمزي يشير إلى وجود عدد لا حصر له من الطرق، التي يمكن للأطفال من خلالها التعبير عن أنفسهم.

وفي ما يتعلق بطريقة التعليم، يختلف منهج منتسوري عن ريدجو إميليا، حيث يركز على:

  • اعتبار الطفل متعلما مستقلا يتم تشجيعه على اتخاذ الخيارات وتحمل مسؤولية أفعاله.
  • التعلم الموجه ذاتيا حيث يتم منح الأطفال حرية اختيار أنشطتهم.
  • أدوات منتسوري التعليمية التي تعد جزءا أساسيا من المنهج، حيث تم تصميمها للتركيز على مهارة أو قدرة معينة لدى الطفل.
  • تقسيم مراحل تقدم الطفل الدراسية إلى مستويات تعرف باسم "مستويات التطور" حيث يتعلم خلالها الطفل مهارات مختلفة.
المصدر : الجزيرة