سلوى حجازي.. مذيعة الأطفال المصرية التي قتلها صاروخ إسرائيلي

في الذكرى الـ30 للحادث في عام 2003 أقامت أسرة سلوى حجازي دعوى قضائية ضد الحكومة الإسرائيلية للمطالبة بالتعويض عن مقتلها (مواقع التواصل)

القاهرة- في 21 فبراير/شباط 1973 أقلعت طائرة الركاب التابعة للخطوط العربية الليبية في رحلتها رقم 114 في طريقها من مطار طرابلس الدولي إلى مطار القاهرة الدولي، لكنها لم تصل إلى وجهتها، وكانت على متنها المذيعة المصرية سلوى حجازي.

تعرضت الطائرة لعاصفة رملية أجبرت طاقهما على الاعتماد كليا على الطيار الآلي في الأجواء المصرية، لتدخل المجال الجوي لشبه جزيرة سيناء، التي كانت تحتلها إسرائيل، فانطلقت طائرتان من طراز "إف-4 فانتوم" لملاحقتها، وعدّل الطيار الفرنسي مساره لدخول المجال الجوي المصري، لكن الصواريخ الإسرائيلية أسقطت الطائرة، ليسقط أغلب ركاب الطائرة قتلى، في حين نجا 5 أشخاص فقط بينهم مساعد الطيار.

اقرأ أيضا

list of 1 itemend of list

وبلغ عدد الضحايا نحو 108 أشخاص، بينهم وزير خارجية ليبيا صالح بويصير والمخرج التلفزيوني عواض مصطفى، ومذيعة التلفزيون الشهيرة سلوى حجازي، وفقا لجريدة الأهرام المصرية.

من سلوى حجازي؟

ولدت سلوى حجازي في الأول من يناير/كانون الثاني 1933 في القاهرة، ودرست في مدرسة "الليسيه فرانسيه" الفرنسية، وكانت من أوائل خريجي المعهد العالي للنقد الفني، وكتبت ديوان شعر باللغة الفرنسية ترجم إلى العربية بعنوان "ضوء وظلال"، وحصلت على الميدالية الذهبية في مسابقة الشعر الفرنسي في منتصف الستينيات.

بدأت مسيرتها مذيعة تتحدث اللغة الفرنسية مع انطلاق بث التلفزيون المصري في بداية الستينيات، وكانت من المذيعات الأُوَل بين من أسهموا في تأسيس التلفزيون العربي، واشتهرت حجازي بمجموعة من أهم البرامج التلفزيونية، منها: شريط تسجيل، ريبورتاج، الفن والحياة، سهرة الأصدقاء، العالم يغني، المجلة الفنية، وكان أشهرها برنامج الأطفال "عصافير الجنة" الذي جعل لها شعبية كبيرة بين جمهور الأطفال، وعرفت باسم "ماما سلوى".

تقول ابنتها رضوى الشريف -في حديث لجريدة الأهرام– إن أمها على الرغم من النجاح الكبير والشهرة الواسعة لم تكن سعيدة بالقيود التي فرضتها عليها تلك الشهرة، فهي كانت إنسانة طبيعية وبسيطة.

أجرت حجازي العديد من اللقاءات التلفزيونية مع كبار المشاهير مثل نزار قباني وفيروز وغيرهما، كما رافقت سيدة الغناء العربي أم كلثوم في حفلها الشهير في باريس للغناء على مسرح "الأولمبيا" لجمع التبرعات للمجهود الحربي عقب نكسة يونيو/حزيران 1967.

سلوى حجازي.. مذيعة الأطفال التي قتلها صاروخ إسرائيلي المصدر: الصحافة المصرية
وفاة "ماما سلوى" أحدثت صدمة لجمهورها العريض وشيّعت جنازتها بحضور جمهورها الكبير في جنازة شعبية (الصحافة المصرية)

صدمة وجنازة شعبية

وبينما كانت حجازي في بعثة مع التلفزيون المصري في ليبيا في فبراير/شباط 1973، وفي طريق عودتها إلى القاهرة وقع حادث الطائرة الليبية التي تقلّها، لتلقى مصرعها وتودع جمهورها عن 40 عاما بعد مسيرة حافلة في التلفزيون.

أحدثت وفاة "ماما سلوى" صدمة لجمهورها العريض، وشُيّعت جنازتها بحضور محبّيها وجمهورها الكبير في جنازة شعبية، ومنحها الرئيس أنور السادات وسام العمل من الدرجة الثانية عام 1973 تكريما لها وعدّها من شهداء الوطن.

وكتب الشاعر الكبير فؤاد حداد قصيدة في رثاء حجازي بعنوان "سلوى العزيزة"، قال فيها:

يا فجر تلميذة فى جناين أم

 ضحكتها مسموعة وملاكها لطيف

 الورد كان خايف يلاقي الخريف

قدمك عليه السعد فتح الكم

ويحكي الإعلامي مفيد فوزي أن حجازي زاملته في العمل مدة عام، وكانت واسعة الاطلاع في كل الموضوعات، لا تعتمد فقط على ورق الإعداد، وكانت إعلامية من طراز نادر، "تبكي لأي ضرر يلحق بأي طفل أو عجوز".

واستعرض برنامج "اختراق" على التلفزيون المصري حادث الطائرة، وقال المؤرخ والكاتب جمال بدوي إن المراجع الإسرائيلية اعترفت أن ضرب الطائرة كان بأمر من موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي شخصيا، وإنه لم تأخذه رحمة ولا شفقة بطائرة يعرف يقينا أنها مدنية، لكنه أراد أن يجعل منها درسا للمصريين.

مطالبات بالتعويض

وفي الذكرى الـ30 للحادث في عام 2003، أقامت أسرة حجازي دعوى قضائية ضد الحكومة الإسرائيلية للمطالبة بالتعويض عن مقتل سلوى، تزامنا مع إقامة فتاة مصرية اسمها سلوى عواد مصطفى دعوى مماثلة للتعويض عن مقتل والدها في الحادث نفسه، لكن الدعوى لم تأت بنتيجة ولم تحصل أسرة حجازي على شيء.

ووفقا لنجل المذيعة محمد الشريف، فإن أسرتها رفعت دعوة قضائية ضد إسرائيل وضد من قام بإصدار قرار ضرب الطائرة. وفي تصريحات تلفزيونية، قالت ابنتها رضوى الشريف إن والدتها توفيت عندما كانت هي في عمر 17 عاما، وشقيقها الأصغر في عمر 5 سنوات، وقامت جدته برعايته وتربيته.

وتضيف أن والدتها كانت صاحبة وجه طفولي وملائكي وشخصية طيبة يعشقها كل من يتعامل معها، وتضيف أن الأطفال الصغار كانوا يحبونها ويعشقونها، وكانت "حاجة مميزة ودايما فخورة بحب الناس ليها".

سلوى حجازي.. مذيعة الأطفال التي قتلها صاروخ إسرائيلي المصدر: الصحافة المصرية
رضوى الشريف تقول إن والدتها توفيت عندما كانت هي في عمر 17 عاما وشقيقها الأصغر في عمر 5 سنوات (الصحافة المصرية)

شائعات

وتنفي أسرتها ما تردّد من أن سلوى حجازي كانت تعمل مع أحد الأجهزة الأمنية المصرية، وأنها كانت تحمل مستندات مهمة في الطائرة لتسليمها للسلطات المصرية، وكان ذلك سبب استهداف إسرائيل للطائرة.

وتقول ابنتها رضوى –في تصريحات صحفية– إنها لا تعرف مبعث هذا الكلام خصوصًا أنه لا يتفق بتاتا مع شخصية سلوى حجازي.

كما ترددت أقاويل أخرى أن الطائرة حملت الجاسوسة المصرية هبة سليم، وأن الموساد الإسرائيلي حاصر الطائرة في الجو لأنه لا يريد وصول الجاسوسة المصرية إلى أرض مصر فضرب الطائرة، وهو ما لا تعرف أسرة حجازي عنه شيئا.

المصدر : الجزيرة