بحسب قصات الشعر والأصباغ.. هذا ما يقوله شعركِ عنكِ وعن صحتكِ ورفاهيتكِ

الرغبة في السيطرة تتجلى في التحولات البارزة -كما تقول الكاتبة- تصاحب المراحل المهمة في الحياة، كالحداد أو القطيعة أو الطلاق أو الحمل، لذا كثير من النساء يقررن تغيير تسريحة شعرهن أو لونه خلال هذه الأحداث الكبيرة.

الشعر يقول الكثير عن علاقته بالنفس، لأنه ملحق لا يمكن خلعه، وقد يستخدمه البعض للاختباء عن الآخرين (شترستوك)

هل تعلمين أن شعركِ يكشف كل شيء عنك؟ إن كنت خجولة، نابضة بالحياة أو امرأة تقليدية أو مغامرة، كل ذلك يقوله شعركِ، وهو أيضا مؤشر على صحتك ورفاهيتك، ولا يمكن أن يكون سقوطه مجرد حادث بسيط، بل قد يكون علامة على سكتة دماغية أو تعب وانخفاض في الهرمونات، إن لم يكن السبب أعمق بعد صدمة عنيفة أو خسارة، لأن الإنسان الذي لم يتمكن من التعبير عن مشاعره، سيعبر جسده نيابة عنه.

من هذا المدخل ولجت صحيفة لوفيغارو (Le Figaro) الفرنسية إلى عالم الشعر وقصته العجيبة، من حيث إنه أحد أكثر أجزاء الجسم تغيرا في العمر وإنه يحدث بالكثير عن صاحبه، لا سيما عندما يقابل الأشخاص الأكثر قدرة على الاستماع إليه، وهم مصففو الشعر الذين "يقولون الكثير عن علاقته بالنفس، لأنه ملحق لا يمكن خلعه، وقد يستخدمه البعض للاختباء عن الآخرين حتى لا يتم إزعاجه"، حسب ستيفان، الذي عمل مع ليونور غريل لمدة 30 عامًا.

وفي المقال الذي كتبته جوستين فوتري، يقول هذا الخبير "عندما تلمس شعر العميلة، يمكنك على الفور معرفة ما إذا كانت تحب شعرها وتعتني به. بعض الناس يترددون في قص شعرهم لأن عدم قصه فرض عليهم طوال طفولتهم، وقد يعبر ذلك عن صدمة أو جرح عميق".

في حال قصور الغدة الدرقية، لا يتم إمداد الشعر والأظافر بالعناصر المغذية المهمة، ما يؤدي إلى تساقط الشعر وتقصف الأظافر.
ملمس الشعر يكشف على الفور عما إذا كانت المرأة تحب شعرها وتعتني به أم لا (الألمانية)

لمسة الشعر

ويذهب البعض -حسب الكاتبة- إلى أبعد من ذلك لمقارنة المحترفين بالأطباء النفسيين، يقول سيباستيان بيسنييه الذي أنشأ للتو صالونه في باريس، "أنا لا أشعر بأنني طبيب نفسي، ولكن أشعر أن هناك علاقة ثقة راسخة، لأننا نحاول الاستماع إلى توقعات عميلاتنا".

تأتي طقوس سيباستيان بيسنييه على عدة مراحل، تبدأ بغسل الشعر بالشامبو، غالبا مع بعض التدليك كتمهيد للاسترخاء، قبل استخدام أيدي الخبراء والمقص، ويقول "أحيانا أرى نساء يصلن بوجوه غير مرتاحة، وبمجرد المرور بهذه الطقوس يتغيرن تماما ويصبحن واثقات، وعندها فقط يمكننا أن نبدأ في مناقشة التسريحة الملائمة".

ويقول بنوا، مصفف الشعر في كاريتا، إنه يطلب دائما الإذن بلمس شعر العملاء، لأن اللمسة لفتة حميمة للغاية، وقد يعود أصلها إلى الطفولة -كما تشرح آن دوروثي تايب تشابلون- لأن العلاقات التي تربط الشخص بجسده تتشكل منذ ولادته، والشعر يشكل رابطة بالأم، وبالتالي قد يكون مساعدا على التهدئة بل وتنظيم جميع الانفعالات العاطفية.

قصات الشعر والأصباغ
سباستيان بيسنييه يعرض دائما قصة شعر متوسطة لتجنب الصدمة، لأن التغيير الكامل من المحتمل أن يكون مزعجا (شترستوك)

قصة شعر جديدة حياة جديدة

إن الرغبة في السيطرة تتجلى في التحولات البارزة -كما تقول الكاتبة- وتصاحب المراحل المهمة في الحياة، كالحداد أو القطيعة أو الطلاق أو الحمل، وكثير من النساء يقررن تغيير تسريحة شعرهن أو لونه خلال هذه الأحداث الكبيرة.

ولذلك يقول سباستيان بيسنييه إنه يتعامل بحذر مع عميلاته، بحيث يعرض دائما قصة شعر متوسطة لتجنب الصدمة، "لأن التغيير الكامل من المحتمل أن يكون مزعجا، بحيث لا يتعرف الشخص على نفسه ولا يتقبلها"، ولذلك يقول ستيفان إنه يتحمل دائما عناء التحدث إلى هؤلاء اللواتي يردن تغيير كل شيء، مما "يسمح لي بقياس ما إذا كان الأمر مجرد نزوة أم أنه أمر جاد بالفعل".

كومبو يجمع بين بالأميرة ديانا وبريتني سبيرز
بريتني سبيرز (يمين) حلقت رأسها كليا، في حين قصت الأميرة ديانا شعرها قبل وقت قصير من إعلان طلاقها (غيتي)

المشاهير ليسوا استثناء

ونبهت الكاتبة إلى أن المشاهير ليسوا استثناء من هذه الظاهرة، وضربت مثالا بالأميرة ديانا التي قصت شعرها قبل وقت قصير من إعلان طلاقها، وقالت إن ذلك منحها الثقة، وأشارت كذلك إلى بريتني سبيرز التي حلقت رأسها كليا، لتتصدر عناوين الصحف الشعبية، وعلقت بأن تغيير الشعر ليس مثل التخلي عنه بالكامل، لأن الخيار الثاني يشير إلى السلبية.

قصات الشعر والأصباغ
أثناء الإغلاق الذي فرضه وباء كورونا، كان لزاما على صالونات تصفيف الشعر الإغلاق مما شكل مرحلة صعبة لعملائها (شترستوك)

ولاء أشبه بالحب

وأثناء الإغلاق الأول الذي فرضه وباء كورونا، كان لزاما على صالونات تصفيف الشعر إغلاق أبوابها، مما شكل مرحلة صعبة بالنسبة لعملائها، حتى إن بعض العملاء وصل إلى حد التسول لعقد لقاء سري من أجل إنقاذ شعره، خاصة أن مسألة الولاء قوية في هذا القطاع، إنه ولاء أشبه بالحب.

ونبهت الكاتبة إلى تجربة الكاتبة أوريلي مارشي (34 عاما) التي سردتها في كتابها "فينوس تتمرد"، حيث قامت باختيارها دون أن تتوقع الشعور بعدم الفهم الذي قد تثيره، بحلق رأسها طواعية، وتقول "لم أكن مريضة ولا أنتمي إلى عالم الغرابة، ومع ذلك تم تلقي قراري بشكل سيئ، لأنه لا ينسجم مع شخصيتي".

وسواء تعلق الأمر بمحيط أوريلي أو بالغرباء، لم يتوقف الناس عن الإيماء إلى الموضوع إلى حد المضايقة، لأنه حسب رأيهم يجب أن يكون هناك سبب ما، إما سرطان أو غير ذلك، لتفسير هذا الخيار، وتقول أوريلي "نحن نتفهم كيف تكون المرأة مشروطة بإرضاء المجتمع وتحتل المنصب الذي من المتوقع أن تجد نفسها فيه، غير أن ردود فعل النساء هي أكثر ما أدهشني، وخاصة أولئك اللاتي سألنني عن رأي زوجي في هذا الاختيار".

وتقول أوريلي إن الموضوع اتخذ معنى أكبر بكثير لأنه "مهد الطريق لأشياء أخرى، حيث تجرأت بعد هذه التجربة على تأسيس شركتي واكتسبت الثقة بنفسي".

المصدر : لوفيغارو