متلازمة تسبب الحرج لأصحابها.. شابة مصرية تكشف عن معاناتها مع مرض لا شفاء منه

سلمى خالد حاولت تعريف الجمهور بأعراض متلازمة توريت (مواقع التواصل)

أسهل الأشياء أن نلقي على طفل اتهاما بأنه غير مهذب ولم يتعلم السلوك الجيد، ربما لأجل إلقائه قلما أصاب به زميله في الفصل من دون أن يشعر، أو ربما لأن لسانه سرعان ما يلقي بالشتائم، أو لأنه لا ينتبه أبدا إلى حركاته، وتصدر منه ردود أفعال غير ملائمة.

لكن، ربما علينا ألا نتعجل في إطلاق الأحكام على الأطفال، فمن الممكن أن يكون أحدهم لا يفعل كل ذلك متعمّدا، بل لأنه مصاب بمتلازمة "توريت" ولا يدري.

سلمى خالد فتاة كانت قد أتمّت عامها الـ14، لتبدأ فصلا جديدا من حياتها، حين اكتشتفت بعد مدة أن القشعريرة التي بدأت تهاجمها على نحو مفاجئ وغير مبرر هي متلازمة "توريت" التي ستبقى معها إلى نهاية حياتها بلا أمل في إنهائها أو الحد من نوباتها المفاجئة.

بعد سنوات من تغير درجة القشعريرة إلى نوبات مختلفة من الاضطرابات، سواء الحركية أو الكلامية، اكتشفت سلمى التي أصبحت في الـ21 من العمر أن توريت هي مرض عصبي غالبا ما يظهر في مرحلة الطفولة، وسببه وراثي في الغالب يجعل الشخص يقوم بأشياء مفاجئة بغير تحكم، سواء أكانت تلك الأشياء ظواهر صوتية أم ظواهر حركية، يطلق عليها اسم "TICS".

عانت سلمى على مدار 7 سنوات من تلك الأصوات التي تنطلق رغما عنها، مثل كلمات متكررة على مسامعها، أو كلمات لا تعني شيئا، أو مجرد صوت رفيع يسبب لها كثيرا من السخرية والألم.

أكثر ما عانت منه سلمى طوال حياتها مع متلازمة توريت، ليست فقط صعوبة الاكتشاف، لكن أيضا صعوبة إخبار الناس بما تفعله هذه المتلازمة وتفسير أعراضها لهم، وكيف تحتاج إلى أن تعتذر عشرات المرات في كل يوم تقابل فيه أناسا جددا، لا يعرفون ما تمر به، وكذلك ألم أن تقابل عشرات النظرات الساخرة التي تقول لها "امسكي نفسك شوية" أو حتى المشفقة التي تردد كلمة "معلش"؛ من أجل ذلك قررت سلمى أن تخرج إلى العالم في فيديو يشرح "متلازمة توريت"، وكيف يكون يومها خارج المنزل حين تقرر أن تخرج في نزهة عائلية عادية جدا.

فيديو سلمى كان بمنزلة إشارة إلى كثير من المرضى بهذه المتلازمة للإعلان عن معاناتهم مع توريت، سواء أكانت المتلازمة ذات ظواهر حركية أم كلامية، وتساءل كثيرون عن أعراضها وكيفية اكتشافها، وهو ما أجاب عنه المعهد الوطني الأميركي لعلوم الأعصاب، في دراسة عن توريت.

حدد العلماء أن التشنجات المصاحبة للمتلازمة تراوح ما بين الشديدة إلى الخفيفة، وفي توريت ذات التشنجات الحركية غالبا ما تكون تلك التشنجات خفيفة إلى متوسطة، تكمن مثلا في اهتزاز الكتفين، اهتزاز الرأس مع الكتفين، أو ميل الرأس وحركة الفك، كلها حركات لحظية غير مستمرة، لكن لا يمكن السيطرة عليها على الإطلاق ولا يستطيع أن يوقفها المصاب بتلك المتلازمة.

أما متلازمة توريت ذات التشنجات الصوتية كما في حالة "سلمى"، فتشمل التشنجات اللاإرادية البسيطة التي تصيب الحلق، مثل الاستنشاق أو النباح، أو الشخير، وقد تشمل عبارات خاصة بالفرد، أو عبارات خاصة بالآخرين مما يتكرر بشكل مستمر أمام المصاب بالمتلازمة، وأحيانا تدخل الألفاظ البذيئة ضمن دائرة الإصابة، لكن محاولة السيطرة على المتلازمة، إن نجحت في بعض الأحيان -حسب ما يشير إليها المعهد الوطني الأميركي لعلم الأعصاب- فإنها تسبب مزيدا من التوتر الذي يزيد الحالة سوءا على المدى البعيد.

يتم تشخيص متلازمة توريت قبل سن 18 عاما، عند حدوث تلك التشنجات بصورة متكررة أكثر من مرة في اليوم، وقياسها على مدار عام كامل، ولا توجد اختبارات دم أو اشعة تصويرية يمكن أن تفيد في تشخيص توريت، لكن يمكن استخدام الرنين المغناطيسي ورسم المخ لاستبعاد أي أمراض عصبية أخرى.

تحتاج توريت إلى أطباء متخصصين في الأمراض العصبية الدقيقة، لذا قد يستغرق تشخيص توريت وقتا أطول من المعتاد في بقية أنواع الأمراض، ومن ثم يزيد ذلك في معاناة أصحابها.

لا يمكن أبدا الشفاء من توريت سوى بجراحة دقيقة للغاية في المخ، كما أخبر الأطباء سلمى خالد، أو بعلاج يثبط فقط من الأعراض، لكنه يسبب أعراضا جانبية أخرى لا تقل في السوء عن أثر تشنجات توريت.

المصدر : مواقع إلكترونية + مواقع التواصل الاجتماعي