قتلت مالكها وأوقعت بوش وبولت وأحبها جوبز وبيزوس.. رحلة مركبة سيغواي المثيرة تصل لنهايتها

جيف بيزوس مؤسس شركة أمازون كان من أكثر المتحمسين لسيغواي (مواقع التواصل)

نادرا ما تحصل المنتجات الجديدة التي تطرح في الأسواق على ضجة مثلما حدث مع المركبة ذات العجلتين، الكهربائية الذاتية التوازن المعروفة باسم سيغواي (Segway)، وهي مركبة تستخدم في الانتقال داخل المدن كالدراجة، ولكنها من دون مقعد يجلس عليه الراكب.

ويبدو شكل مركبة سيغواي مثل آلة قطع حشائش الحدائق، وتعمل بمحركات كهربائية صغيرة لنقل راكب واحد وهو واقف بسرعة 18 كيلومترا في الساعة، ويمكن أن يكفي شحن بطاريتها لقطع مسافة نحو 50 كيلومترا، وزعم مخترعها أنها ستقضي على السيارات مثلما قضت السيارات على العربات التي تجرها الجياد.

كورونا ليس السبب الوحيد

وكان دين كامن مخترع "الناقل الشخصي سيغواي" قد تنبأ بأن هذه المركبة ستحدث ثورة في وسائل المواصلات وتعيد تشكيل مدن الغد، ومع ذلك بدى أن سيغواي في العقدين الماضيين تسير في طريقها للسقوط والانهيار.

فقد قررت شركة ناينبوت الصينية -التي تصنع هذه المركبة حاليا- التوقف عن إنتاجها، مما ينذر بنهاية عصر من تاريخ المواصلات. وقالت جودي كاي رئيسة الشركة الصينية "اتخذنا القرار الصعب بوقف إنتاج سيغواي".

وأوضحت كاي أن جائحة كورونا جعلت إنتاج ومبيعات سيغواي أكثر صعوبة، غير أنها لم تكن السبب الحاسم في وقف الإنتاج.

وأضافت "خلال السنوات القليلة الماضية، رأينا أن السوق أصبحت مشبعة"، وبكلمات أخرى فإن الطلب على المركبة خف.

وتمثل سيغواي ما نسبته 1.5% فقط من مبيعات الشركة التي صارت تركز الآن على منتجات أخرى، من بينها الدراجات الكهربائية ومركبات البوغي والروبوتات.

جائحة كورونا جعلت إنتاج ومبيعات سيغواي أكثر صعوبة، غير أنها لم تكن السبب الحاسم في وقف الإنتاج (الألمانية)

إثارة وترقب

لم يكن أحد يتخيل هذا السقوط لمركبة سيغواي عندما طرح كامن هذا الاختراع أول مرة في نيويورك في ديسمبر/كانون الأول 2001.

وقد نشر كامن حينها دعاية مبالغا فيها حول أحدث أفكاره (سيغواي) لمدة تزيد على عام، وتباينت تكهنات الناس حول هذا الاختراع الغامض، وتوقع البعض أن يكون لوح تزلج سريعا يعمل بوقود الهيدروجين، وتخيل آخرون أنه قد يكون مرحاضا فاخرا لا مثيل له، وبدا وقتها أنه ليس ثمة سقف للتوقعات والآمال.

وقد كلف تطوير هذا الاختراع 100 مليون دولار، وتم أخيرا الكشف عن كونه سيغواي. ومثلما هو الحال مع المخترع إيلون ماسك صاحب شركة "تسلا"، غازل كامن بمهارة وسائل الإعلام، مقدما "سيغواي الناقل الإنساني" -كما عرف وقتها- في البرامج الحوارية والفعاليات التي دعا إليها الصحافة.

هوس مجتمع التكنولوجيا

ويمكن أن يعزى قدر من الإثارة التي صاحبت الاختراع إلى الاهتمام الذي أولاه به مقدما أساطين رجال الأعمال في شركات التكنولوجيا، مثل ستيف جوبز مؤسس شركة آبل وجيف بيزوس مؤسس شركة أمازون.

وتم طرح مركبة سيغواي للبيع بسعر 5 آلاف دولار عام 2001، وعُرض أكثر من 100 ألف دولار لشراء أول مركبة منها في مزاد عقد في فبراير/شباط  2002.

واستولت سيغواي على إعجاب بعض المشاهير، مثل ستيف وزنياك المؤسس المشارك لشركة آبل، الذي كان مغرما بممارسة لعبة البولو على متن هذه المركبة.

وليس أدل على هوس وزنياك بالمركبة مما ذكرته وسائل الإعلام الأميركية، من أن وزنياك إذا علق في جزيرة غير مأهولة، ولم يكن أمامه إلا اصطحاب شيء واحد معه، فمن المرجح أن يكون سيغواي.

الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش ركب سيغواي عام 2003، ليثبت أنه مواكب للاتجاهات العصرية، غير أنه فقد توازنه وسقط (مواقع التواصل)

حظ عاثر وعقبات

وبالرغم من تحمس مجتمع التكنولوجيا لسيغواي، فإن سوقها ظل محدودا بشريحة بعينها. فمثلا لقيت إعجاب رجال الشرطة ومشرفي الأمن في مراكز التسوق، وكذلك السياح الذين تستهويهم بساطتها وسهولة حركتها، غير أن المركبة لم تلق إقبالا على نطاق أوسع.

وتم بيع 140 ألف مركبة فقط منها، حيث ثبت أن الناس غير متحمسين لإنفاق آلاف الدولارات على مركبة لا تبدو أنيقة وتعد ثقيلة نسبيا ولا تزيد سرعتها في النهاية على سرعة الدراجة.

سوق سيغواي ظل محدودا بشريحة معينة، مثل رجال الشرطة ومشرفي الأمن في مراكز التسوق (الألمانية)

غير أن المركبة واجهت أيضا عثرات شهيرة تناولتها وسائل الإعلام، فقد ظهر الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش وهو يركبها عام 2003، ليثبت أنه مواكب للاتجاهات العصرية، غير أنه فقد توازنه وسقط.

وبالمثل تعرض العداء الأسرع في العالم يوسين بولت لصدمة طرحته أرضا، من جانب مصور كان راكبا سيغواي أثناء فعالية رياضية عام 2015.

واشترى المليونير البريطاني جيمي هيسيلدون الشركة في ديسمبر/كانون أول 2009، لكنه تعرض لمأساة بعد أقل من عام من شرائها عندما سقط من منحدر جبلي وهو على متن سيغواي وفارق الحياة.

وباعت المؤسسة التي تمتلكها أسرته الشركة المنتجة لسيغواي، لشركة "سامت ستراتيجيك إنفستمنتس" الأميركية عام 2013، قبل أن تستحوذ عليها شركة "ناينبوت" الصينية الناشئة.

وفي عام 2010، احتل الاختراع المرتبة الأولى في قائمة مجلة تايم "لأسوأ 50 اختراعا"، بعكس السيارة التي كان من المفترض أن يحل محلها.

وبينما زعمت الشركة أنها مهدت الطريق أمام اختراعات ومنتجات لاحقة، مثل الحوامة أو لوح التزلج ذي العجلة الواحدة، فإن تاريخ سيغواي يبدو أنه حافل بالأخطاء وبسوء الحظ والإفلاس أيضا، وبالتالي فليس من المستغرب ألا يحالف التوفيق مسار النشاط التجاري للمركبة.

ربما تكون سيغواي قد رحلت، لكنها تركت لنا الكثير من اللقطات اللطيفة والمضحكة التي ستذكرنا دائما بها.

 

المصدر : الألمانية + مواقع إلكترونية