كيف وسَّعت التكنولوجيا مداركنا العقلية؟

(Files) May 10, 2012 file photo shows a view of and Apple iPhone displaying the Facebook app's splash screen in front of the login page in Washington, DC. It was announced June 18, 2012 that Facebook will pay $10 million to settle a lawsuit from users who claimed their names, images and other information were improperly used in advertising described as "sponsored stories," court documents showed. According to documents dated earlier this month and available online, Facebook and a series of plaintiffs submitted an agreement to a federal judge in San Jose, California. The lawsuit was filed in 2011 by a group led by a Washington state Internet user named Angel Fraley. The suit alleged that Facebook users, including minors, had their names and likenesses used in ads without their permission. AFP PHOTO / Karen BLEIER / FILES
undefined

صحيح أن الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) لا تشكل في واقع الأمر جزءً من الدماغ البشري. لكن الفوارق الوظيفية بين المعرفة الموسوعية والحصول على معلومات موثوق بها من أدوات الإنترنت المتحركة ليست بتلك الأهمية التي يظنها البعض.

فالأجهزة الموصولة بالإنترنت قد تمنحنا قدرات خارقة من حيث تقوية الذاكرة وفي مجال الاتصالات وتحليل البيانات. على أن جوقة متزايدة من النقاد يحذرون من أن الإنترنت جعلنا كُسالى، وأغبياء، ومنعزلين أو معتوهين.

بيد أن أدوات البحث الإلكترونية مثل غوغل وفيسبوك وإيفرنوت تحمل في طياتها كثيرا من القدرات التي لا تكتفي بجعلنا أكثر إدراكاً وإنتاجا، بل أذكى في الواقع مما كنا عليه من قبل.

إن حقيقة أن بإمكاننا اختراع أدوات من شأنها أن تُغيِّر من قدراتنا المعرفية قد تبدو فكرة غريبة، لكنها تمثل فعلياً علامة فارقة في مسيرة التطور الإنساني.

فعندما طوَّر أجدادنا اللغة كانت المحصلة أنها لم تُغيِّر في طريقة تخاطبهم وحسب، بل في نمط تفكيرهم أيضاً. وقد وسَّعت الرياضيات والطباعة والعلوم من مدارك العقل البشري، وبحلول القرن العشرين سهَّلت اختراعات مثل الهواتف والآلات الحاسبة والموسوعة البريطانية على الناس الحصول على مزيد من المعرفة عن العالم أكثر مما كان في مقدورهم استيعابه طوال حياتهم.

ولعله من قبيل المبالغة القول هذه المعلومات تشكل جزءً من مقدرات البشر العقلية. ثمة فارق يظل قائما بين بين ما نعرفه وبين ما نستطيع اكتشافه إذا رغبنا في ذلك.

وقد بدأ الإنترنت والتكنولوجيا السيَّارة في تغيير هذا الفهم بالفعل. إن كثيرين منا يحملون معهم حاليا هواتف ذكية أينما حلّوا، وشبكات البيانات فائقة السرعة تغطي أرجاء العالم المتقدم.

وإذا سألك أحدهم ما هي عاصمة أنغولا، فلم يعد مهماً بعد الآن ما إذا كنت تعرف الإجابة من دماغك على الفور أم لا. فما عليك إلا أن تُخرج هاتفك النقال من جيبك لتعيد السؤال  مستخدما محرك غوغل لبحث الأصوات، وستجيئك الإجابة من صوت آلي أن العاصمة هي لواندا.  

وإذا سُئلتَ ما هو الجذر التربيعي للعدد 2130؟ وما هي شركة الطيران التي لم تفقد طائرة في حادث تحطم؟ فإذا كانت إجابتك أن الجذر التربيعي هو 46.1519 والشركة هي الخطوط الجوية الأسترالية (كانتاس) فإنك إما أن تكون رجلا ذكيا أو أنك استعنت بأقوى تقنية لتقوية العقل في القرن الحادي والعشرين حتى الآن ألا وهي الإنترنت.

فهل بات الإنترنت في الوقت الراهن هو القرص الصلب الخارجي لأدمغتنا؟ هذا السؤال هو جوهر الفكرة المسماة "العقل الموسَّع" التي ابتدعها لأول مرة الفيلسوفان آندي كلارك وديفيد تشالمرز عام 1998.

فقد افترض الفيلسوفان كلارك وتشالمرز أن العقل البشري الحديث عبارة عن نظام يتجاوز حدود الدماغ ليشمل نطاقات البيئة الخارجية.

المصدر : واشنطن بوست