صور للتاريخ.. استقبال بألوان الفخر لأبطال أفريقيا
فاطمة حمدي-الجزائر
لم تثن ساعات الانتظار الطويلة تحت أشعة شمس الصيف الحارقة عشرات الآلاف من المشجعين من الاصطفاف على جوانب الطريق السريع المؤدي من مطار هواري بومدين إلى وسط العاصمة الجزائرية.
تقول خديجة (76 سنة) "استجمعت كل ما تبقى لدي من قوة ومستعدة لانتظارهم يومين إضافيين على الطريق دون أن أمل".
استقبال الملوك كان في انتظار رفاق القائد رياض محرز بعد يوم من حسم اللقب الأفريقي على حساب منتخب السنغال في نهائي المسابقة التي جرت في مصر.
وتفاجأ عناصر المنتخب الجزائري في جولتهم التي قادتهم عبر حافلة مكشوفة بمظاهر احتفالية حاولوا توثيقها عبر حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي لتخليد لحظات ستعلق في ذاكرتهم لفترة طويلة.
في مشهد يشبه "أفلام الأكشن" رمى أحد المناصرين بنفسه من أعلى الجسر بالطريق السريع نحو حافلة "الخضر" حاملا العلم الفلسطيني باكيا وصارخا فرحا بوجوده بين الفريق الذي كان يتابع أمس النهائي الملحمي له عبر شاشة التلفزيون.
تمسّك اللاعبون بالمناصر، تحت وقع صدمة المشهد وطلبوا من الأمن تركه وسطهم طيلة الجولة تفهما لحماسته التي قادته للمجازفة بحياته.
لم يمسك المدرب الجزائري جمال بلماضي دموعه أمام الحشود المتدفقة والهتافات التي نادت طويلا باسمه باعتباره صانع الإنجاز بفضل خططه وقدرته على استخراج أفضل ما في اللاعبين.
واختار بلماضي بعد بضع كيلومترات من انطلاق الحافلة وتعالي الأصوات المردّدة لاسمه والممجّدة لإنجازه، أن يجلس وأن يترك المجال للشّباب من لاعبيه وطاقمه الفني، الذين تراقصوا على أنغام الزّغاريد والتّصفيقات طيلة الطّريق الممتد 20 كيلومترا.
يرى الأنصار الذين خرجوا لاستقبال فريقهم الوطني أن المهاجم بغداد بونجاح حفر حروف اسمه في قلوب ملايين الجزائريين الذين لن ينسوا ما قدمه خلال البطولة الأفريقية، وخاصة دموعه بعد تضييع ركلة جزاء في مواجهة ربع النهائي أمام ساحل العاج.
لاحق المشجعون حافلة اللاعبين، وسار البعض حفاة خلفها حين أبطأت السّرعة وجروا حين نجح رجال الأمن في فتح ممر بين الحشود التي هتفت "يا بونجّاح اليوم رانا ملاح"، أي " نحن بخير يا بونجّاح".
ردد المشجعون "الشعب يريد تكريم الرايس"، في إشارة للحارس وهاب رايس مبولحي، وخصوا لاعبين آخرين بهتافات مماثلة حيت أداءهم البطولي طوال البطولة التي امتدت لنحو شهر.
تغنى المحتشدون باسم الحارس مبولحي معتبرينه "حصن مرمى الخضر المنيع"، ردّد الجزائريون "آه يا الرّايس بلا بيك ماكاش كوبا"، أي "يا الرّايس دونك ما كانت لتكون الكأس بحوزتنا".
وإن عايش بعض اللاعبين شغف الجماهير الجزائرية عن قرب بعد التأهل لمونديال 2010 والتألق في كأس العالم بالبرازيل 2014، كانت مناسبة اليوم فرصة لجيل جديد يقوده أفضل لاعب في أمم أفريقيا إسماعيل بناصر لتذوق حلاوة النصر بطعم لم يختبروه سابقا.