يحتضن نهائي كأس أمير قطر.. ملعب "الوكرة" تحفة تعكس المخزون التراثي
محمد السيد-الجزيرة نت
المراكب التقليدية التي حملت الصيادين والغواصين القطريين إلى عرض البحر للصيد والبحث عن اللؤلؤ طلبا للرزق، وسطرت أروع قصص النجاح والترابط بين أهل قطر قديما، استوحي منها تصميم ملعب "الوكرة" لكرة القدم بخطوطه الرقيقة ومنحنياته السلسة، ليكون تحفة معمارية يجمع في إضاءاته ومساحاته وألوانه وأشكاله الهندسية مختلف فنون العمارة العربية الأصيلة.
أحد ملاعب مونديال 2020 الذي يضع العمال اللمسات الأخيرة عليه لاستضافة المباراة النهائية لمسابقة كأس أمير قطر لكرة القدم يوم 16 من الشهر الجاري، بني على مساحة ستمئة ألف متر مربع، منها تسعون ألفا ستغطيها المساحات الخضراء وسبعمئة شجرة.
ويوضح المهندس ثاني الزراع مدير مشروع ملعب الوكرة في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، أن تصميم الملعب الذي جرى تشييده في قلب مدينة الوكرة (15 كلم جنوب الدوحة) يعكس التراث التاريخي والثقافي لمنطقة الخليج عامة ولمدينة الوكرة التي تعد من أهم المدن القطرية وأقدم الموانئ التجارية الإستراتيجية، فضلا عن كونها إحدى البوابات الرئيسية لمدينة الدوحة برا وبحرا قديما.
ويعد ملعب الوكرة واحدا من أكثر المشاريع الرياضية تطورا في قطر، وهو الملعب الأول في البلاد الذي تم تشييده منذ بدايته وفق متطلبات الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، فضلا عن أنه يزخر بالعديد من المميزات التي تؤهله ليكون الخيار الأمثل للمباريات المحلية والإقليمية والدولية ومختلف الأحداث والفعاليات.
إرث مستدام
يقول الزراع للجزيرة نت إن من أهم أهداف مشروع الملعب استخدامه للأنشطة الاجتماعية بشكل يومي، وعدم اقتصاره على الأغراض الرياضية فقط، وإن دراسات الجدوى ركزت على أهمية استفادة الدولة وأهل المنطقة من المشروع كنوع من الإرث المستدام الذي تقوم عليه جميع مشاريع اللجنة العليا.
وسيكون بإمكان أهل الوكرة والمنطقة المحيطة الاستفادة من المرافق العامة للملعب، سواء في الفترة التي تسبق المونديال أو بعد انتهائه، من خلال مدرسة وقاعة للأفراح ومسارات لركوب الدراجات الهوائية والركض وركوب الخيل ومطاعم ومتاجر وأندية للياقة البدنية ومتنزهات، فيما سيتسنى للزوار والمشجعين خلال المونديال قضاء أوقاتهم في مرافق الملعب قبل المباريات وبعدها.
ويصنف ملعب الوكرة كأحد أكثر الملاعب تطورا في الشرق الأوسط، وتم الانتهاء من إنشائه في حوالي 33 شهرا، ويشمل أربعين ألف مقعد منها عشرون ألفا سيتم تفكيكها بعد المونديال والتبرع بها لإحدى الدول الفقيرة بالتنسيق مع الفيفا.
ويتميز ملعب الوكرة بموقع إستراتيجي مهم في واحد من أهم أحياء المدينة بالقرب من مخارج الطرق السريعة المؤدية إلى الدوحة، ويشكل جزءا محوريا من مشروع ضخم متعدد الاستخدامات يتم بناؤه في المنطقة المحيطة ضمن رؤية قطر الوطنية 2030، مما يحول المنطقة إلى وجهة رياضية وثقافية وعائلية جديدة.
خطة شاملة
ويوضح الزراع أن اختيار موقع ملعب الوكرة وبقية ملاعب المونديال تم وفق خطة شاملة لتنمية وتطوير جميع مناطق الدولة بصورة شاملة، وليس من أجل خدمة منشآت المونديال، حيث تقوم الدولة حاليا بمشاريع البنية التحتية المختلفة التي تربط جميع المدن من كافة الاتجاهات، وهو ما ظهر جليا في إنهاء العديد من المشاريع التي تخدم كأس العالم.
وسيظهر ملعب الوكرة -المستوحى من تصميمات المعمارية العراقية الراحلة زها حديد- بملامح تعود بنا إلى ماضي التجارة البحرية التي عرفت بها الوكرة بأسلوب عصري منفتح على المستقبل، مشكلا جسرا يربط تراث الماضي بالمستقبل ورمزا بصريا قويا لحرص قطر على التواصل مع العالم.
سقف قابل للطي
ويشير الزراع إلى أن ملعب الوكرة يمتاز بسقف طوله 92 مترا قابل للطي خلال ثلاثين دقيقة، وتسمح هذه الخاصية بتخفيف حدة أشعة الشمس وتظليل الملعب بالكامل إضافة إلى حمايته من الداخل من عوامل الطقس القاسية، مما يسهم في رفع كفاءة نظام التبريد داخله.
وتتضمن الجوانب الهندسية الإبداعية للملعب تصميم الواجهة الأمامية برؤية تصميمية مستوحاة من شكل المركب التقليدي ذي الدلالات والمكانة الخاصة في الثقافة والعادات المحلية لأهل قطر، لربط هوية الملعب بالتراث القطري الغني واستخدام تقنيات إضاءة حديثة وصديقة للبيئة لإضاءة تشكل الهيكل الخارجي للتصميم.
ومُنح ملعب الوكرة شهادة خمس نجوم في مرحلة الاستدامة من برنامج نظام تقييم الاستدامة العالمي "جي إس أي إس" (GSAS) لإدارة الفعاليات والأنشطة الرياضية والبناء، ويسعى المشروع حاليا من أجل حصد شهادة جديدة بعد الانتهاء من عملية البناء بصورة كاملة.
