أقدم مشجع عراقي: أنا أشهر من مسؤولي الدولة

الكرخي أقدم مشجعي بطولات الخليج.

محمد السيد-الجزيرة نت

مرتديا كوفيته الشهيرة التي تجمع اللونين الأحمر والأبيض، وطقما رياضيا بألوان منتخب بلاده، يقف العراقي مهدي الكرخي ممسكا بالطبلة ويصدح بصوته الجهوري في المدرجات بطريقة جذابة لم تعتد عليها الجماهير، جعلته أحد أشهر المشجعين في العالم العربي والأقدم في بطولات الخليج، لتفوق شهرته في الشارع العراقي الوزراء والمسؤولين. 

استطاع الكرخي طوال 46 عاما أن يبهر الجميع بموهبته ويجذب الجماهير ويقودهم بأهزوجته الشهيرة لمنتخب لعراق "جيب الكأس جيبه، لبغداد الحبيبة جيبه، محتاجين فرحه جيبه، لقلوبنا السمحة جيبه".

يقول للجزيرة نت إنه أقدم مشجع في بطولات الخليج بجانب الكويتي جواد القبقب، لكنه يتميز عن الأخير بحضوره في جميع البطولات منذ حضوره للمرة الأولى النسخة الرابعة التي أقيمت في قطر عام 1976.

تحدث الكرخي -الذي يرأس رابطة المشجعين العراقيين- عن ذكرى سيئة ارتبطت بأول بطولة خليجية حضرها، حيث كانت بلاده قريبة من حصد اللقب بعد تقدمها على الكويت بهدفين نظيفين ولكن المباراة انتهت بالتعادل، لتقام بعدها مباراة فاصلة بين المنتخبين انتهت بفوز الكويت بأربعة أهداف مقابل هدفين.

وحضر المشجع الأشهر بالعراق أيضا في النسخة 17 من بطولة الخليج التي استضافتها قطر على ملعب حمد بن جاسم بنادي السد الرياضي عام 2004، لكنه يرى فارقا كبيرا بين الإمكانيات المتوفرة في النسخة الحالية مقارنة بالنسخ السابقة، خاصة ملعب خليفة الذي وصفه بالتحفة الرياضية، في ظل تميزه بأبرز وسائل التكنولوجيا وأحدث تقنيات التبريد.

وتعد بطولة الخليج الأغلى للجماهير الخليجية، حيث يعتبرها الكل بمثابة الكرنفال والعرس الرياضي، لكن لقبها مثل الفزورة، فقد يكون منتخب في قمة مستواه ولا يحصد اللقب، وآخر في أسوأ حالاته ويفوز، خاصة أن المستويات متقاربة بين جميع المنتخبات.

بدأ الكرخي التشجيع وعمره 18 عاما، وكان يحرص على حضور مباريات فريقه المحلي الشرطة في مختلف مدن العراق خلال منافسات بطولة الدوري ومشاركاته الآسيوية، وكان يجلس في الصفوف الأولى ويشجع بحرارة واهتمام.

undefined

يشدد على أن موهبته في ترتيب الكلام وتنسيقه ومهارته في استخدام الطبلة جعلته يقود الجماهير في المباريات، ومهما قال يردد الجمهور معه، الأمر الذي استهواه، وزاد في إصراره مع مرور الوقت، فبدأ يحضر جمل التشجيع ويقود الجماهير، ومن ثم أصبحت هواية، واحترف التشجيع.

ومن تشجيع الشرطة في الدوري المحلي، بات الكرخي إحدى أيقونات التشجيع في العراق، حيث بات ملازما لجميع منتخبات البلاد في مختلف البطولات سواء كانت خليجية أو آسيوية أو عالمية، كما رافق الفرق العراقية في بطولات الأندية الآسيوية.

يوضح الكرخي أن أبرز رحلاته التشجيعية كانت في مباراة العراق أمام السعودية في نهائي كأس أمم آسيا 2007 بإندونيسيا، التي انتهت لصالح العراق (1-صفر)، حيث جذب خلالها جماهير الدولة المضيفة لتشجيع بلاده بعدما رفع العلمين العراقي والإندونيسي معا، فضلا عن مداعبتهم بروحه الخفيفة.

ورغم أن نادي الشرطة عشقه الأول، كان أشهر مشجعي العراق حاضرا في مساندة نادي القوة الجوية خلال فوزه بلقب كأس الاتحاد الآسيوي ثلاث سنوات متتالية من عام 2016 وحتى 2018، وأبرزها نسخة 2017 حيث وقف وسط مجموعة صغيرة من العراقيين يصدح بأعلى صوته لإشعال حماس اللاعبين في مواجهة أكثر من ثلاثين ألفا من جماهير الاستقلال بطل طاجيكستان في العاصمة دوشنبه.

وبحركته المستمرة ونكاته في التشجيع، حظي الكرخي بشهرة كبيرة في مختلف الملاعب العالمية، حيث حضر نهائيات كأس العالم لكرة القدم في روسيا عام 2018 بدعوة من الاتحاد الدولي (فيفا) تحت شعار "التشجيع النظيف لو سمحت" وهو المبدأ الذي يطبقه إذ يقوم بتشجيع فريقه فقط دون الإساءة للمنافسين.

كما يحظى بقبول كبير في الشارع العراقي، فهو محبوب من الجميع بسبب خفة ظله ووجوده وسط الناس في الأسواق يتجاذب معهم أطراف الحديث بصوته الرنان الذي مازال يجلجل رغم أنه على أعتاب عامه 65.

undefined

ويعتبر الكرخي نفسه الرقم واحد في الشارع العراقي، حيث تخطت شهرته كل الوزراء والمسؤولين في البلاد، فأينما يذهب يوقفه الناس لالتقاط الصور معه، لذلك هو يهتم بالأمور الرياضية فقط، ولا يقحم نفسه في القضايا السياسية الجدلية.

له ثمانية من الأبناء، لكنه لا يملك مصدر دخل أو عملا محددا يكسب به قوت يومه، إذ يعتبر التشجيع مهنته، وساعده على الاستمرار الدعم والمساعدات التي يحصل عليها سواء من العراق أو بعض الدول الخليجية أو العربية.

ويوضح أن فترة الرئيس الأسبق صدام حسين كانت أفضل، حيث كان يرافق جميع البعثات العراقية لدعمها ومساندتها على حساب الدولة وبمخصصات مالية، لكنه منذ عام 2003 يسافر على نفقته الخاصة ويعتمد على المساعدات من العراقيين بالخارج أو الرؤساء والأمراء والملوك العرب.

ويشير الكرخي إلى أن منتخب العراق فترة صدام كان أكثر انضباطا، في ظل خوف اللاعبين من المحاسبة وحرصهم على الانضمام للمنتخب وتقديم قصارى جهدهم، بعكس اليوم الذي يشهد تهرب بعض اللاعبين المحترفين بسبب أنديتهم أو أمورهم الشخصية.

المصدر : الجزيرة