الملف الشيعي وتفجيرات الرياض
كيف أثرت تفجيرات الرياض الأخيرة على الملف الشيعي؟ وبأي منظار يرى الشيعة الدعوات المطالبة بتقليص نفوذ التيار السلفي؟ وما فرص نجاح جلسات التقريب بينهم وبين أتباع هذا التيار؟
هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها الكاتب والناشط الحقوقي السعودي جعفر الشايب أحد أعضاء الوفد الشيعي الذي قدم مطالب الشيعة لولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز مؤخرا.
بداية سيد جعفر اسمح لنا أن نبدأ معك من آخر ملامح المشهد السياسي السعودي، هل يمكن أن تؤدي تفجيرات الرياض الأخيرة إلى تراجع الاهتمام بمطالبكم التي قدمتموها في وثيقة "شركاء في الوطن" لولي العهد؟
في تصور الكثيرين أن ما تشهده السعودية الآن (تفجيرات الرياض) هو حالة مأسوف عليها، وهو نتيجة طبيعية للتشدد والانفراد بالرأي الواحد، وحالة التعبئة ضد الآخر، الآخر الذي قد يكون غير مسلم، وقد يكون مسلما مختلفا في المذهب. وقد شهدنا هذه الحالة طوال هذه السنوات في مختلف المجالات، في المدارس وأماكن الوعظ والإرشاد وفي الثقافة والإعلام، ونرى بأنه قد آن الأوان لمعالجة هذا الموضوع جذريا وليس آنيا.
أما من ناحية تأثيره في مطالب الشيعة فأتصور أنه عند معالجة هذه القضية بشكل جذري فإنه سينعكس إيجابا على كل الأطراف داخل المجتمع بمن فيهم الشيعة.
ألا توافقني على احتمال أن تصبح أولويات الحكومة السعودية الآن محاربة ما تصفه بالإرهاب قبل أن تحقق لكم مطالبكم؟
نحن نرى أن محاربة ما يسمى الإرهاب لا تقتصر فقط على الجانب الأمني، لأن الجانب الأمني أمر صعب ويتطلب زيادة كبيرة في أعداد القوات الأمنية، لكن مشكلة ما يسمى الإرهاب لها جذور متعددة ومختلفة، وبالتالي فإن الحل الأمني وحده لن يكون كافيا.
هذه المشكلة بحاجة إلى حلول فكرية وثقافية وسياسية، لا بد من إعطاء الحريات للناس للحديث عن هذه المشكلة، فلم يكن مسموحا لأي أحد بانتقاد التصرفات التي كان يقوم بها البعض واعتبرت دلائل على حدوث مثل هذه الأعمال (التفجيرات)، والاتجاه المسؤول عن التفجيرات اتجاه خطير في المملكة وثبتت الآن أهدافه ومقاصده، فلا بد من إعطاء الآخرين الحرية للحديث عن هذا الموضوع، وهذا لا يتأتى إلا بالاعتراف بالحقوق السياسية للمواطنين حتى يسمع المواطنون وجهات نظر مختلفة وليس وجهة نظر واحدة فقط.
هل تشارك البعض مخاوفه من أن تقليص نفوذ التيار السلفي الرسمي الموجود في السعودية من شأنه أن يقلب المجتمع بسرعة إلى الجهة الأخرى المقابلة أقصد العلمانية؟
لا أظن ذلك، لأن المجتمع السعودي مجتمع مسلم ولا يمكن لأي نخبة أو أي اتجاه أن يكونه فاعلا إلا إذا كانت له أرضية اجتماعية، ولما كان المجتمع في أساسه مسلما فإن أي اتجاه فاعل في المملكة لا بد وأن يكون من الاتجاهات المسلمة السائدة في المجتمع.
ولكن يجب أن تتاح الفرصة والحرية لأي اتجاه لأن يعبر عن آرائه، ولكي يرى مدى نجاحه وقابليته في المجتمع بصورة طبيعية.
ما ردكم على التخوفات التي ذكرها البعض بأنه إذا تم السماح لكم بالوجود على ساحة الإعلام السعودي الرسمي فإن المملكة ستعاني من أجواء صراع طائفي كما حدث في لبنان من قبل؟
أعتقد عكس ذلك، لأن حالة التشدد ضد الاتجاهات الأخرى والمذاهب الإسلامية السبعة الموجودة في المملكة (أربعة سنية وثلاثة شيعية)، ومنعها من التعبير عن وجودها وثقافتها، من شأنه أن يوجد ثقافة متلصصة، وهو الحاصل الآن.
فأتباع هذه المذاهب لا يجدون وسائل متاحة للتعبير عن آرائهم سواء عبر الكتب أو المساجد وغيرها مما يجعلهم مضطرين إلى التلصص.
وأنا أرى أن السماح لمثل هذه المذاهب بالوجود كما كانت قائمة إبان تأسيس المملكة على يد الملك عبد العزيز الذي اعترف لكل هذه الطوائف بحقوقها من شأنه أن يحمي المملكة ويصون وحدتها.
من جانبكم، هل تم التقارب بينكم وبين التيار السلفي الوهابي السعودي عن طريق جلسات مشتركة لتقريب الأفكار وإزالة هذا الاحتقان الموجود بينكما؟
هنالك محاولات عديدة للتقارب بين المنفتحين من الشيعة والسنة منذ فترة وتهدف إلى تحصين المجتمع وحمايته من حالة التفكك والتشدد والصدام، ونتمنى أن تكون هنالك جهة ترعى هذه الجهات حتى يتم المحافظة على أمن وسلامة المجتمع.
_______________
الجزيرة نت.