مركز العجيري العلمي.. حاضنة لتطوير علم الفلك في الكويت

تجربة المرصد الروبوتي على سطح أحد الأبنية
تجربة المرصد الروبوتي على سطح أحد الأبنية (الجزيرة)

يشكل مركز العجيري في مجال علوم الفلك والفضاء، الذي أسسه الفلكي الكويتي الراحل الدكتور صالح العجيري، بيئة حاضنة للإبداع وتطوير علم الفلك والحفاظ على استمرار مسيرته، من خلال مهامه كعمل الحسابات الفلكية وحساب المواقيت والأهلة وإصدار ونشر التقاويم وتقديم الاستشارات العلمية.

ويهدف المركز للحفاظ على مسيرة الراحل صالح العجيري والتقويم الذي وضع أسسه، وتوفير أدق وأحدث المعلومات الفلكية المفيدة للمجتمع الكويتي. إذ إن المحافظة على إرث علم الفلك في الكويت وتاريخه يتطلب مواكبة هذا العلم وتطوره ووصل تجارب وخبرات الماضي بالحاضر والمستقبل بتسخير التكنولوجيا الحديثة وتطبيقاتها، إضافة إلى نشر أبحاث ومؤلفات صالح العجيري، التي أصبحت مرجعا علميا للباحثين والفلكيين، خصوصا بعد اعتماد تقويمه للتاريخين الهجري والميلادي ومواقيت الصلاة في جميع المعاملات الحكومية بالكويت والقطاع الخاص.

المهندس يوسف العجيري نائب رئيس المركز وحفيد صالح العجيري "مؤسس علم الفلك في الكويت" يطلعنا في اللقاء الآتي على فكرة المركز وأهم أهدافه ومشاريعه التي يعمل على تنفيذها.

م. يوسف العجيري يعمل على إكمال مسيرة جده صالح العجيري
المهندس يوسف العجيري يعمل على إكمال مسيرة جده صالح العجيري (الجزيرة)
  • كيف انطلقت فكرة تأسيس المركز وما الهدف من ذلك؟

انطلقت فكرة إنشاء المركز منذ نحو 10 سنوات، على يد والدي جمال العجيري -رحمه الله- الذي وضع الخطوط العريضة، ووفق رؤية أشرف عليها جدي الدكتور صالح العجيري -رحمه الله- بتأسيس مركز غير ربحي يستطيع إكمال مسيرته في إصدار التقويم السنوي، وهو التقويم الرسمي المعتمد في دولة الكويت منذ عام 2006 بقرار من مجلس الوزراء الكويتي، إضافة إلى متابعة كل ما هو جديد في علم الفلك.

المرصد القديم، الذي أسسه الدكتور صالح العجيري وافتتح رسميا عام 1986، لم يعد مكانه لائقا بسبب كثرة العمران حوله، كما أن العجيري سعى قبل وفاته لتأسيس مركز أكبر وأفضل، وكان يريد أن يكون أحد أبنائه أو أحفاده مهتما بعلم الفلك ليكمل مسيرته مع علم الفلك، كما كان حريصا على العمل بشكل جماعي.

  • متى تم إشهار المركز وما دور مجلس الأمناء فيه؟

تم إشهار المركز ديسمبر/كانون الأول 2021، ويرأس مجلس أمنائه سمو الشيخ ناصر المحمد الصباح، بينما ترأس مجلس إدارته الراحل صالح العجيري، ويضم مجلس الأمناء نخبة وطنية من المجتمع الكويتي لها إسهامات عديدة ونجاحات في شتى المجالات.

ويقوم مجلس الأمناء بأدوار فخرية وإشرافية، إذ يجتمع مرة واحدة كل عام لعرض إنجازات العام الفائت ومناقشة السياسات العامة للمركز.

الأجهزة القديمة التي كان يستخدمها "الراحل" صالح العجيري
الأجهزة القديمة التي كان يستخدمها الراحل صالح العجيري (الجزيرة)
  • أعلن المركز إطلاق تطبيق خاص باللغتين العربية والإنجليزية، متى سيتم ذلك؟

لدينا حاليا تطبيق العجيري باللغة العربية ونعمل على إطلاق تطبيق جديد يكون باللغة الإنجليزية مايو/أيار المقبل، لأن التطبيق باللغة العربية يخدم شريحة واحدة من المجتمع، والتطبيق الجديد موجه لشرائح المجتمع الناطقين بغير العربية، فمعظم الجاليات الأجنبية في الكويت لا تعرف عن الثريا أو نجم سهيل مثلا، أو الأمور الأخرى الموجودة في التطبيق مثل العطل الرسمية والأعياد والمناسبات التي تحتاج لعرضها باللغة الإنجليزية، ومن هنا جاءت الفكرة لعمل تطبيق باللغة الأجنبية للتعرف على تقويم الكويت الذي يقدم معلومات كثيرة، تمهيدا لإطلاق التطبيق بلغات أخرى.

وأيضا نعمل على إنشاء موقع إلكتروني يتضمن معلومات عن المركز وتاريخ الدكتور صالح العجيري ومؤلفاته التي سيتم عرضها بشكل مجاني.

أنجزنا النسخة الإلكترونية الجديدة من التقويم الرسمي لدولة الكويت في نقلة نوعية بمجال تطور التقاويم الفلكية منذ نحو 5 سنوات، ونعمل حاليا على تطويرها بلغات أخرى لتخدم شرائح كثيرة، وأيضا سيكون هناك تطبيق شامل سينتهي العمل به عام 2026، وهو تطبيق العجيري نفسه لكنه سيكون تطبيقا عالميا، إذ سيكون هناك تعاون مع مراصد أخرى في الدول الخليجية والعربية والعالمية، وتبادل للمعلومات أيضا.

  • ما الخطوات التي تمت للحفاظ على مسيرة علم الفلك في الكويت؟

لم نكتف بما تحقق في المركز، بل بدأنا بوضع تطبيقات جديدة على شبكة الإنترنت والموقع الإلكتروني، إضافة للمشاريع التي ننفذها والخدمات التي نقدمها، وكل ذلك يجعل المتابعين من الهواة والمتخصصين يحصلون على المعلومات بكل سهولة، فعلم الفلك أجهزته مرتفعة الثمن وهناك صعوبة في الحصول عليها، لأنه تخصص نادر ويحتاج إلى جهد كبير.

كذلك لأن عالم الفلك يتعامل مع أشياء غير ملموسة، والأبحاث الفلكية السابقة قد لا تفيد في الوقت الراهن. فمثلا أحد العلماء قام برصد الشمس مدة 40 سنة ولم يستفد، لكنه اكتشف غاز الهيليوم في الشمس قبل اكتشافه في الأرض.

وبما أن معظم الشباب يبتعدون عن دراسة علم الفلك، نسعى في مركز العجيري لحث الشباب والباحثين على دراسة هذا العلم وتقديم المساعدة لهم من خلال تأمين المساعدة اللازمة وتوفير المعلومات المهمة عنه.

  • ما أبرز المشاريع التي يعمل المركز على تنفيذها حاليا؟

بدأنا العمل بمشروع المرصد الروبوتي على سطح أحد الأبنية داخل الكويت، فالفلكي يحمل أجهزته لينصبها في أحد مواقع البر، ولكن مع تطور العلم، أصبح هناك مجال لعمل روبوت يقوم بالأعمال المطلوبة من خلال فتح قبة المرصد والاتجاه إلى الجسم السماوي وتصويره، ثم إرسال هذه المعلومات إلى الفلكي وهو في مكتبه، وفي السابق لم تكن هناك إمكانية لذلك.

وهذا هو أول مرصد روبوتي في الكويت وربما في منطقة الخليج العربي، وسيقدم خدمات للباحثين والمهتمين وطلبة الجامعة.

ولدينا مشاريع أخرى سنعمل على تنفيذها قريبا، مثل مشروع "سيف ليفل" المخصص للتأكد من الأرقام المتعلقة بظاهرة المد والجزر عبر تركيب أجهزة لقياس هذه الظاهرة بشكل فعلي وليس حسابي.

كما قمنا بتوقيع اتفاقية مع مؤسسة علمية في سويسرا مختصة بمعلومات الطقس وجودة الهواء، ولدينا مشروع المرصد الشمسي وفكرته تقوم على نصب تلسكوب يكون قادرا على رصد ألسنة اللهب في الشمس، وإرسالها إلى من يحتاجها من الباحثين وطلبة الجامعات مجانا، وهذا سيكون موجودا داخل المدينة وليس في البر.

ونعمل على تنفيذ مشروع تقويم خاص بالأطفال ليقدم لهم بشكل مبسط المصطلحات الفلكية، وهو تقويم دراسي للطفل ليسهل عليهم دراسة الظواهر الفلكية.

نسخة قديمة من تقويم العجيري
نسخة قديمة من تقويم العجيري (الجزيرة)
  • ماذا عن خطط تعاونكم مع جهات علمية أو رسمية؟

لدينا تعاملات كثيرة مع بعض وزارات الدولة في الكويت لتنظيم الدورات والأنشطة الفلكية وحساب أوقات الصلاة، وفقا للإطار الجديد لوزارة الأوقاف. كما نقدم للإدارة العامة للأرصاد الجوية حسابات ظاهرة المد والجزر في البحر بشكل يومي. كما يشارك المركز بتنظيم الدورات عن كيفية الحسابات الفلكية.

ولدينا اتفاقيات لتبادل المعلومات مع مراكز فلكية في الولايات المتحدة الأميركية وبلجيكا، لأن الرصد الفلكي أصبح على مدار الساعة، فنحن نستطيع استخدام مراصد في الولايات المتحدة خلال فترة النهار وهم يستطيعون استخدام مرصدنا ليلا. ولدينا تعاون مع المراصد الفلكية في السعودية وقطر وبعض الدول الأخرى، ونتمنى أن يكون هناك مرصد خليجي موحد وتقويم خليجي موحد، لكن هذا يحتاج إلى قرار سياسي لدفع هذا الأمر إلى الأمام.

المصدر : الجزيرة