ظواهر فلكية تزيّن عام 2024.. ترقبها بالعين المجردة
لا يوجد ما هو أمتع من رصد حدث فلكي مثير للانتباه في السماء، خاصة وأن متابعة ظواهر من هذا النوع لا تتطلب أية كلفة أو أدوات معقدة باستثناء عينيك المجردتين، فالأمر لا يحتاج سوى الصعود أعلى سطح منزلك أو الخروج للشارع لمتابعته، مع معرفة بطبيعة الظاهرة الفلكية وموعد حدوثها وكيفية رصدها، وهو ما سنقدمه لك في السطور القادمة.
ظواهر الشمس والقمر
في عام 2024 يشهد كوكب الأرض كسوفين للشمس، وللأسف لا يمكن لنا في العالم العربي ملاحظة أي منهما، حيث يقع الأول في الثامن من أبريل/نيسان ويُرى في قارة أميركا الشمالية ويكون كسوفا كليا، ويقع الثاني في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول ويُرى في جنوبي قارة أميركا الجنوبية ويكون كسوفا حلقيا.
أما بالنسبة لخسوف القمر فإن غربي العالم العربي بداية من ليبيا سيشهد خسوفا من النوع "شبه الظل" قبيل شروق شمس يوم 25 مارس/آذار، وفي هذه الحالة تنخفض إضاءة القمر بقدر يسير لا يلاحظ إلا مع التدقيق بسبب دخول القمر في شبه الظل الخاص بالأرض. ولفهم الفكرة تخيل أنك تقف ليلا أسفل أحد أعمدة الإنارة، فقد تلاحظ ظلين أسفلك الأول ثقيل والثاني خفيف، فالثاني هو شبه الظل.
وفي فجر يوم 18 سبتمبر/أيلول ستشهد دول العالم العربي خسوفا جزئيا يبدأ في تمام الساعة 05:12 فجرا بتوقيت مكة المكرمة، وخلاله يتآكل حجم الجانب المضاء من القمر بقدر يسير، ويصل الخسوف إلى أقصاه في تمام الساعة 05:44 ثم يعود مجددا إلى حاله.
القمر العملاق
القمر العملاق هو ظاهرة ممتعة بالنسبة للكبار والأطفال على حد سواء تحدث حينما يتزامن طور البدر مع وجود القمر في أقرب نقطة له من الأرض، وبالتالي يظهر القمر ألمع وأكبر من المعتاد، خاصة عندما تتأمله بعد الغروب مباشرة حينما يكون القمر في الأفق.
وفي عام 2024 يشهد العالم العربي ثلاثة أقمار عملاقة، الأول في 18 سبتمبر/أيلول، والثاني في 17 أكتوبر/تشرين الأول، والثالث في 15 نوفمبر/تشرين الثاني. وفي تلك المساءات الثلاثة يمكن أن تخرج لتتأمل القمر بعد غروب الشمس وطوال الليل، ولا يتطلب الأمر سوى عينيك المجردتين.
زخات الشهب
في الليلات العادية يمكن لك أن تلاحظ شهابا لامعا أو اثنين، لكن في مواسم محددة فإن أعداد الشهب تتزايد باضطراد، وقد تصل إلى أكثر من مئة شهاب في الساعة. ويحدث ذلك بسبب مرور كوكب الأرض في أثناء سيره في الفضاء ببقايا مذنب أو كويكب ما، حيث تدخل تلك البقايا الصخرية إلى الغلاف الجوي للأرض وتحترق فنرى الشهب.
ويُعد عام 2024 جيدا بالنسبة لزخات الشهب الأساسية في الوطن العربي، وبشكل خاص في مساء يوم 12 أغسطس/آب حيث يكون أوج زخة شهب البرشاويات، والتي يمكن لك خلالها أن ترى من 90 إلى 100 شهاب في الساعة في المناطق النائية. وبشكل عام فإن أفضل رصد للشهب يكون في المناطق النائية، أما في المدن فإن أعداد الشهب تنخفض بشكل كبير، وفي البرشاويات مثلا يمكن أن ترى في المدينة نحو عشرة شهب.
يغرب القمر مبكرا في تلك الليلة فيترك الفترة ما بين العاشرة مساء وحتى شروق شمس اليوم التالي لهواة الشهب، علما بأن كثافة الشهب ترتفع كلما اقتربنا من الفجر.
أما في ليلتي 13 و14 ديسمبر/كانون الأول، فيمكن لك أن تراقب أوج زخة شهب التوأميات، ولكن لأن القمر ينير السماء في تلك الليلة فإن أعداد الشهب ستنخفض بشكل جذري، إلا أنها تظل زخة ممتعة لأن عدد الشهب في تلك الليلات يتخطى حاجز 100 شهاب في الساعة.
اقتران القمر مع الكواكب
تلمع الكواكب في سماء الليل مثل النجوم، ويحدث ذلك ببساطة لأنها تعكس ضوء الشمس مثلما يفعل القمر، لكن لأنها بعيدة جدا عن الأرض فإنها تظهر صغيرة كالنجوم، وفي بعض الأحيان تقترن تلك الكواكب مع القمر أو مع بعضها البعض، لتصنع مشاهد تستحق التأمل.
ويمكن لك أن ترى كوكب المشتري لامعا بلون أبيض واضح في أقرب مسافة له من القمر في مساء 18 يناير/كانون الثاني. أما كوكب زحل الذي عادة ما يلمع بلون مائل للأصفر، فيكون في أفضل وضع له بالنسبة للقمر في 2024، حيث يقف على مسافة قريبة جدا من القمر في 24 يوليو/تموز و21 أغسطس/آب و17 سبتمبر/أيلول و14 أكتوبر/تشرين الأول و11 نوفمبر/تشرين الثاني.
ويظهر كوكب المريخ في السماء بلون أحمر لامع، وقديما تصوّر الناس أنه لون الدماء، فربطوا المريخ بالحرب والغضب، لكن الآن نعرف أن سبب ذلك اللون الأحمر هو تأكسد بعض مركبات الحديد على سطح الكوكب.
وخلال عام 2024 فإن أفضل مشاهد يقف فيها القمر إلى جوار المريخ ستكون في مساءات 20 نوفمبر/تشرين الثاني و18 ديسمبر/كانون الأول، حيث يُرى الكوكب الأحمر طوال العام تقريبا في فترة الفجر، لكنه يُرى مساء خلال آخر شهور السنة.
ويمكن أن يقترن القمر مع أكثر من كوكب، ففي مساء 8 يناير/كانون الثاني 2024 فجرا يمكن لك أن تلاحظ القمر في طور الهلال المتناقص يقف إلى جوار نجم قلب العقرب وكل من كوكب الزهرة الذي يلمع بلون أبيض واضح وكوكب عطارد الذي يلمع بلون مائل للأصفر، في مشهد ساحر.
وقبيل شروق الشمس في 6 أبريل/نيسان ستلاحظ أن القمر يقف إلى جوار كوكب المريخ أحمر اللون وكوكب زحل الذي عادة يلمع بلون مائل للأصفر.
وقد تقف الكواكب إلى جوار بعضها البعض في مشاهد آسرة، ففي فجر يوم 11 أبريل/نيسان سيقف كوكب الزهرة في أقرب مسافة له من كوكب زحل، وفي فجر يوم 14 أغسطس/آب سيقف كوكب المريخ على مسافة قريبة جدا من كوكب المشتري.
اقتران القمر مع النجوم
وفي بعض الأحيان يقف القمر إلى جوار مجموعة من النجوم اللامعة، مثل قلب العقرب (Antares) وهو ألمع نجوم كوكبة العقرب، وهو عملاق أحمر عظيم في نهاية عمره، وهذا النوع من النجوم ينفجر في نهاية حياته صانعا مستعرا أعظم هائلا. وفي فجر 24 مايو/أيار ومساءي 17 يوليو/تموز و14 أغسطس/آب، يمكن لك رؤية القمر واقفا إلى جوار قلب العقرب بلونه الأحمر الواضح.
أما نجم الدبران (Aldebaran) فهو الألمع في كوكبة الثور، وقد سمي كذلك بسبب قصة عربية تقول إنه كان راعي غنم وقع في حب الثريا وأراد أن يخطب ودها، لكنها رفضت وقالت: مالي ولهذا السبروت (أي الفقير المدقع)، فيظل يدبّرها بلا توقف ليخط بودها لكنها ترفض، ومن هنا جاءت التسمية.
الدبران هو عملاق أحمر، لو كان بحجم كرة قدم لكان الشمس بحجم حبة عنب مثلا، ويقترن القمر مع الدبران هذا العام في مشاهد لافتة، فمثلا يمكن أن تراه على مسافة من القمر في ليلات 21 يناير/كانون الثاني و17 فبراير/شباط، أما في فجر 31 يونيو/حزيران فيمر القمر إلى جوار الثلاثي: نجم الدبران أحمر اللون وكوكب المريخ وكوكب المشتري، ويتكرر هذا المشهد البديع في فجر 27 أغسطس/آب.
——————————————-
المصدر:
- برمجية "ستيلاريم" (stellarium) المجانية وبيانات الكسوف والخسوف