حروب المياه في المنطقة العربية.. وهم أم حقيقة؟

الأنهار الدولية في العالم العربي كنهر النيل ونهري دجلة والفرات تنبع من بلدان ليست عربية وهو ما قد يعقد التفاوض حولها (الجزيرة)

الجزائر- "التركيز على حروب المياه وإهمال إمكانيات التعاون والحلول والبدائل أحد مظاهر التحيز الإعلامي" بهذه العبارة أوضحت رحاب عبد المحسن الصحفية العلمية المختصة في المياه، بعض المشكلات التي تتسم بها التغطية الصحفية للمياه.

وخلال ندوة بعنوان "كيف نقوم بتغطية مواضيع الأنهار العابرة للحدود" ضمن فعاليات منتدى الصحافة العلمية، أكدت أنه لم يسبق على مدار التاريخ الحديث وقوع حروب أو نزاعات مسلحة حول المياه، رغم الإشارات الإعلامية الدائمة لقرب وقوعها.

وكان منتدى الصحافة العلمية (Science Journalism Forum (SJF الذي يعقد على الإنترنت قد انطلقت فعالياته في طبعته الثانية يوم الاثنين 30 أغسطس/آب الماضي واستمر على مدار 4 أيام بمشاركة أكثر من 150 متحدثا من الصحفيين العلميين من مختلف بلاد العالم، تبادلوا من خلاله خبراتهم في كيفية إعداد المقالات العلمية بنجاح وناقشوا المواضيع المستجدة في الصحافة العلمية.

المياه الافتراضية وحروب المياه

وتابعت المتحدثة رحاب عبد المحسن توضيحها أن السند العلمي قائم على ما قاله عالم الجغرافيا البريطاني توني آلان Tony Allan الحائز على جائزة ستوكهولم للمياه عام 2008، والذي ذكر في ورقة بحثية أننا لم نشهد وقوع حروب في منطقة شديدة الجفاف مثل الشرق الأوسط، والتي تستقبل حوالي نصف كمية المياه التي تحتاجها، والسبب هو تعويض هذه الدول لهذا النقص في الماء، وبالتالي في القدرات الزراعية من خلال الاستيراد فكل ما تستورده هذه الدول من منتجات هو في الواقع مياه افتراضية.

والمياه الافتراضية في مفهوم توني آلان هو حجم المياه الموجودة في البضائع الاستهلاكية من خضر وفواكه وملابس وغيرها التي تنتقل من بلد لآخر عن طريق التجارة.

وأوضحت رحاب عبد المحسن تقول "العالم العربي يعتبر من المناطق الأكثر جفافا في العالم، لكنه يعمل على تعويض نقص القدرات الزراعية باستيراد المنتجات لسد الفجوة بين المياه المتاحة والمطلوبة لتحقيق خطط التنمية".

وفي سياق موضوع الندوة، قالت المتحدثة إنه يوجد في الوطن العربي الكثير من الأنهار لكن هناك 3 أنهار تعتبر طويلة، نهر النيل ونهري دجلة والفرات وهي أنهار تنبع من بلدان ليست عربية وهو ما قد يعقد التفاوض حولها.

حصلت رحاب عبد المحسن على 3 من جوائز النيل للإعلام في صحافة المياه في مايو/أيار الماضي (مواقع التواصل)

مستقبل صحافة المياه

ورغم أن موضوع المياه في الوطن العربي يعتبر من المواضيع الحاضرة في يوميات ومشاكل المواطن العربي، فإنه لم يأخذ حجمه الطبيعي في الصحافة العلمية، وذلك لعدة أسباب أهمها نقص عدد الصحفيين المختصين في مجال المياه، وحساسية الموضوع الذي يتم إدراجه ضمن ملفات الأمن القومي في المنطقة، كما ترى رحاب عبد المحسن.

وتتابع أن هذه الحساسية تخلق تحديات أمام الصحفي أثناء التغطية، ومنها نقص المعلومات والبيانات الخاصة بالمياه، ورفض المصادر التعليق على الموضوعات. إلا أنه في المقابل توجد محفزات -كما تقول رحاب عبد المحسن- قد تغري الصحفيين في العالم العربي لتغطية المياه "أيهما أقيم: أن تكون صحفي يغطي النفط، أم صحفي يغطي المياه؟ الإجابة ببساطة، النفط لا يقتل، أما المياه فمسألة حياة أو موت".

يذكر أن الصحفية العلمية رحاب عبد المحسن حاصلة على 3 جوائز، وهي جائزة أفضل صحفية، وأفضل موضوع إلكتروني منشور، وأفضل موضوع مطبوع منشور، وذلك ضمن منافسات "جوائز النيل للإعلام" التي أقيمت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا يوم 7 مايو/أيار الماضي، وذلك ضمن فعاليات الاحتفال الذي أقامته مبادرة حوض النيل بالتعاون مع عدد من المؤسسات الدولية، من بينها مركز ستوكهولم لبحوث المياه "إس آي دبليو آي" (SIWI)، ومعهد تعليم المياه "آي إتش إي دلفت" (IHE Delft)، والمؤسسة الألمانية للتنمية "جي آي زد" (GIZ) ومؤسسة "إم سي تي" (MCT).

المصدر : الجزيرة