قنبلة مائية موقوتة.. زيادة معدل ذوبان جليد غرينلاند
محمد الحداد
استخدم باحثون من جامعات كاليفورنيا الأميركية، وإيرفين وأوترخت في هولندا بيانات سجلت على مدار عقود حول ذوبان الغطاء الجليدي والأنهار الجليدية في غرينلاند لبناء نموذج تاريخي يرصد 46 عاما من التغير في أكبر جزيرة وخزان للمياه العذبة المتجمدة بالعالم، لكن النتائج لم تكن مطمئنة.
قنبلة مائية موقوتة
تعرضت جزيرة غرينلاند في السنوات الأخيرة، بحكم موقعها الجغرافي في نطاق المنطقة المتجمدة الشمالية لتأثيرات تغير المناخ والاحترار العالمي (الاحتباس الحراري)، ما تسبَّب في فقدانها مساحات شاسعة من غطائها الجليدي.
ووفقا للدراسة فإنه في حالة ذوبان جليد غرينلاند بالكامل في المحيط، يقدر العلماء أن مستويات سطح البحر العالمية سترتفع بنحو 24 قدما، رغم أن ربع هذه الكمية فقط سيكون كافيا لإغراق معظم المدن الساحلية في العالم وتشريد أكثر من 650 مليون شخص.
يغطي الجليد قرابة 80% من مساحة غرينلاند البالغة نحو 2.176 مليون كيلومتر مربع. وتبلغ مساحة الكتلة الجليدية في غرينلاند 2.85 مليون كيلومتر مربع، تمثل قرابة 7% من جملة احتياطي المياه العذبة على كوكب الأرض.
توازن كتلة الجليد
وفي حين تتبعت الدراسات السابقة فقدان الجليد في غرينلاند منذ عام 2000، فقد أراد العلماء الذين أجروا الدراسة الحالية أن يروا كيف تغير توازن الكتلة الجليدية للجزيرة (كيفية اكتساب الصفيحة الجليدية وفقدانها بمرور الوقت) منذ عام 1972 عندما بدأت الأقمار الاصطناعية لأول مرة جمع البيانات عن هذا الأمر.
وقد رصدت الدراسة عاملين أساسيين في تحديد هذا التوازن، هما عملية ذوبان الجليد وحركة الأنهار الجليدية. ففي الصيف، عندما تكون درجات الحرارة أكثر دفئا، يذوب بعض الغطاء الجليدي لغرينلاند في البحر. وإذا قل تساقط الثلوج في فصل الشتاء، فستكون هناك خسارة كبيرة في الغطاء الجليدي للجزيرة.
أما الأنهار الجليدية فهي تنتشر بالمئات على طول ساحل غرينلاند، وهذه الأنهار الضخمة البطيئة الحركة هي التي تتحرك عبر الصخور الجليدية وترسب الجبال الجليدية مباشرة على ساحل البحر.
ويقيس العلماء مدى سرعة تحرك هذه الأنهار الجليدية، مما يؤثر في كمية الجليد الذي تسقطه في المحيط خلال فترة زمنية معينة، وهذا بدوره يؤثر أيضا في توازن كتلة الطبقة الجليدية.
وقد وجد الفريق البحثي أن غرينلاند اكتسبت بالفعل كتلة جليدية في السبعينيات، لكن هذا الجليد بدأ يفقد بمعدل متزايد منذ مطلع الثمانينيات. وساعد التتبع العقدي للتغير في موازنة الجليد (كل عشر سنوات) في تحديد الدور الذي لعبته الأنهار الجليدية في فقدان جليد غرينلاند بدرجة تفوق ما كان يعتقد سابقا.
ونظرا لأن الأنهار الجليدية ضخمة للغاية وتتحرك ببطء، فإنها تتفاعل مع التغيرات الطويلة الأجل في المناخ بدلا من التغيرات قصيرة الأجل في الفصول، ورغم أنه يفترض أن تنخفض درجة فقدان الجليد في الأعوام الباردة، فإن الأنهار الجليدية التي تتم إزاحتها عن القاعدة الأرضية الصلبة ستظل تتدفق بسرعة.